 الموصل/ صالح الياس هرباً من الشوارع المزدحمة والكتل الإسمنتية الخانقة والتلوث والضوضاء والأبنية المتراصة وأسلاك الكهرباء المتشابكة وأبراج الاتصالات التي تحجب السماء، اختار رياضيون وهواة موصليون التحليق فوق كل هذه الأشياء.منذ نحو أربع سنوات بدأ الموصليون يتناقلون 
rnبفضول كبير أخبار المنطاد الحراري في مدينتهم ويتحدثون عن المحلِّقين بالمظلات والطائرات الشراعية كلما حلّت مناسبة وطنية أو أُقيمت فعاليات وأنشطة رياضية، وكان هذا النشاط شيئاً جديداً في حياة مدينة عانت بقسوة من اضطرابات أمنية لسنوات.rn بطل القصة هو نادي الصقور الجوي الذي ذاع صيته سريعاً رغم أنه ولد في 2008، غير أن جذوره أعمق بكثير فأغلب مؤسسيه كانوا من أعضاء نادي عباس ابن فرناس الجوي في بغداد وهو وريث جمعية الطيران الموجودة منذ 1933.rn بعد 2003 قرر النادي حل فروعه في المحافظات بما فيها نينوى فقرر أعضاؤه في الموصل تشكيل نادي الصقور "لم يكن أمامنا سوى خيارين إما الاندثار أو إعادة إحياء هذه الرياضة"، يعلِّق صبا ياسين رئيس النادي.rn الانجازات التي حققها نادي الصقور خلال مسيرته القصيرة تبدو مهمة، فهو يشارك في معظم البطولات والفعاليات الرياضية الجوية في العراق والشرق الأوسط كما شارك في بطولات في ألمانيا وفرنسا. ويضم النادي أول امرأة عراقية تمارس رياضة الطيران الشراعي وثلاثاً أخريات من الهواة، وأصغر طيار شراعي مسجّل لدى اتحاد الطيران الدولي عمره 11 عاما، شارك في بطولات دولية عديدة.rnحالة التقشف التي يعيشها النادي دفعت إدارته للاهتمام بالجانب التصنيعي، إذ يجري العمل في ورشة بسيطة يصنع فيها مهندسون ورياضيون بعض وسائل الطيران غير المعقدة، كما تصان الطائرات والمناطيد في المكان ذاته.rnعضو النادي العميد الطيار خليل الموصلي تحدث بفخر عن تلك العملية وقال إن صناعاتهم احتلت مراراً المراكز الأول في مهرجان السيادة العلمي الذي يقام في بغداد بمشاركة أندية رياضية ومؤسسات علمية كالجامعات.rnويضيف "يجري العمل الآن لتصنيع طائرة تحمل طيارين أثنين ومن المقرر إكمالها بعد وصول بعض الأجهزة الدقيقة التي نستوردها من الخارج وستكون من الطائرات المتميزة جدا".rnشباب الموصل زاد إقبالهم على النادي فيوجد 123 عضواً غالبيتهم من نينوى فيما يضم النادي أربعة أعضاء من النجف وثلاثة آخرين من تكريت، أما أبرزهم فهو الطيار العراقي الشهير فريد لفتة الذي يلقبه الموصليون بـ"العفريت".rnالهيئة الإدارية علّقت قبول أعضاء جدد بسبب عدم قدرتها على تغطية التكاليف المالية، خاصة وأن لديها 75 طياراً، وهناك خمسون طلب انتماء جديد تنتظر الموافقة.rn"ليس إقبال الناس وتشجيعهم فقط هو من يحفِّز على الطيران في الموصل بل الطبيعة أيضا، ففيها مرتفعات كثيرة مما يجعل رياضة الطيران مواتية بكل أشكالها" يعقب الموصلي.rnعدم وجود منافس محلي للنادي مهد لتمثيله العراق في المحافل والبطولات الدولية الخاصة بألعاب الطيران، فهو النادي العراقي الوحيد الذي يتمتع بعضوية اتحاد الطيران الدولي (FAI) والاتحاد الآسيوي للرياضة الجوية.rnلكن لا  تتخيلوا أن هذا النادي يحظى بدعم مادي كبير، فمن يزور مقره يتفاجأ بإمكاناته المتواضعة، بنايته عتيقة تضم بضعة غرف مؤثثة بشكل بسيط.rnالأمين المالي للنادي علي النجماوي قال إن "تخصيصات الدولة لا تسد سوى 5 في المئة من نفقاتنا والباقي يتحمله أعضاء النادي وبعض الداعمين له، كما أن محاولات كسب داعمين كبار من شركات الاتصالات والمقاولات باءت بالفشل جميعها، وأبرز ما تحقق لنا تأمين إحدى الشركات العراقية على حياة الطيارين والإداريين مجانا وهي خطوة ضرورية في رياضة الخطأ الواحد".rnنمير الراوي يعمل تاجراً وهو إحدى الشخصيات الموصلية الداعمة للصقور حيث يتحمس لدوره كونه مظلياً سابقاً فضلاً عن شعوره بالمسؤولية تجاه مدينته وبلاده بشكل عام، يقول "هدفي أن تستمر هذه الرياضة وتتطور لتستقطب المزيد من الشباب لأن ذلك بالنسبة لي مسألة مصيرية لا تراجع عنها".rnرئيس النادي الذي فقد أحد أصابعه بمروحة طائرة كان يعدها للتحليق قبل عامين يقول إن هذا الأمر بات وساماً يرافقه طيلة حياته في سبيل هوايته المفضلة "الطيران"، وهو يفتخر بأن ناديه لا يحتكر الإبداع والتفوق لنفسه أو لمدينته فهو يفتتح دورات للتدريب على الطيران في نينوى والكثير من المحافظات العراقية مجاناً.rnالصقور يخطط لتطوير نفسه وتأسيس أكاديمية للطيران المدني أو الرياضة الجوية، وقد تفاوض التاجر الراوي مؤخراً مع أكاديمية الطيران السويدية لتنفيذ المشروع رغم عدم وجود تمويل كاف له، لكن التخطيط جاري لتحقيق الهدف على المدى البعيد.rn  عن "نقاش ويكلي"rn