بغداد/ المدى هناك فئة من الناس تبحث عن الموت وتسعى إليه؟ لماذا يصر هؤلاء الصبية والشباب والمراهقون، وحتى الناضجون أحياناً على السلوك المتهور الاستعراضي، ويضربون بقول العقل، وحكم المنطق، وبالقوانين والتعليمات عرض الحائط؟
rnدراسات مرورية عالمية عديدة حاولت تقصي واستقراء “سيكولوجية” ضحايا حوادث المرور قبيل أن يلقوا حتفهم، واستطاعت كثير من المحاولات أن تقف عند الحالة النفسية للضحية، وتشخيص الأسباب الكامنة.rnففي دراسة أميركية ، تبين للباحثين أن أكثر من 68% من ضحايا حوادث السيارات المميتة لم يكن لديهم عمل أو حاجة ملحة، تجعلهم يتجاوزون معدل السرعات المقررة أثناء القيادة، أي لم يكن لديهم سبب قهري يجعلهم يرتكبون حماقة التهور والسرعة الجنونية.rnفي الآونة الأخيرة ازداد عدد الحوادث في العراق بشكل متزايد وملحوظ، ويضطلع الشباب بمسؤولية كبيرة في وقوع هذه الحوادث، إذ أن 65 في المئة من إجمالي الحوادث ارتكبها سواق أعمارهم ما بين 18 إلى 35 سنة حسب إحصائيات شبه رسمية وكان للسرعة نصيب الأسد من المخالفات المرورية فنسبتها تقارب الـ 17 في المئة من مجموع المخالفات. rnأحمد 27 سنة، أصيب في حادث مروي بليغ عندما كان يسوق سيارته بسرعة عالية عند أحد المنحنيات. يقول عن الحادثة: « كنت في منطقة مزدحمة ، أدرت مقود السيارة بحركة مفاجئة للرجوع، وكنت أسوق بسرعة 100 كيلو متر في الساعة، وأدى ذلك إلى انحراف السيارة عن الطريق وفقدت السيطرة تماما عليها، إذ انقلبت مرات عدة بشكل مهول، ولم أجد نفسي بعدها إلا راقدا في المستشفى. إنها السرعة القاتلة التي تجرك إلى سرير العجز.rnوعانى احمد من إصابات وكسور عميقة في الحوض والأكتاف ألزمته سرير المستشفى لمدة أربعة أسابيع. ويقول عن معاناة الألم النفسي والجسدي بعد الحادثة: «لا يجوز أن يتهور الشباب في السياقة، ويذوقوا طعم تدمير طاقتهم وحيويتهم، والأمر من ذلك أن تبقى عاجزا عن الحركة، تطلب من أقربائك أن ينقلوك ويهتمون بك، وأنت لا تستطيع أن تباشر حياتك الطبيعية. في البداية كنت متعبا نفسيا ثم رممت ما حدث بقوة الإرادة والعزيمة، واليوم لا يوجد سوى بقايا ذكرى لما حدث». وحين سألته: هل ستسرع مرة أخرى في سياقتك؟ يجيب: «لن أكرر ما حدث، وعلى الشباب أن يسوقوا بحذر ويلتزموا قواعد السير والمرور، وألا يسرعوا إلا في حدود ما هو مسموح به ومعقول كي لا يعرضوا حياتهم وحياة الآخرين للخطر.»rnثمانية حوادثrnتعتبر تجربة حيدر عادل 25 عاما ، مختلفة إلى حد ما عن قريناتها فقد شهدت ثمانية حوادث مرورية منذ أن بدأ القيادة. وعن سبب بلوغه هذا الرقم يجيب: «لا أعلم، ربما هي الصدفة أو التهور... حدثت بتتابع». ويتذكر أن الحادث الأخير كان «الأعنف» من بين الحوادث السابقة. يقول: «خرجت مع ثلاثة أصدقاء، وكانت سيارتي جديدة لم يمر أكثر من أسبوعين على شرائها. كانت الشوارع مزدحمة، والحركة بطيئة، ويكثر وجود الشباب المتهور الذي يتسكع عند الطرقات أو يجوب بدرجاته النارية أو سيارته الشوارع لمجرد الألفات وإرضاء الغرور الذاتي. وعندما عبرت احد التقاطعات اصطدمت بنا سيارة مجنونة مسرعة، لا ندري من أين جاءت، بعدها انحرفت السيارة بشدة وارتطمت في الرصيف، وشهدنا وقتا رهيبا، البعض أغمي عليه، والآخر استقبل الدماء الساخنة. لم أخف على نفسي بقدر ما كنت خائفة على صديقاتي فقد كنت مسؤولة عنهن بعد أن اصطحبتهن في سيارتي.»rnويتذكر حيدر أن السرعة هي السبب الرئيسي لما حدث وأنه «بالإمكان تجاوز الحادث في حال لو كانت السيارة تسير بسرعة معقولة». ويقول عن الأسباب الأخرى التي تؤدي إلى وقوع الحوادث المرورية: «قلة الانتباه والتركيز أثناء السياقة والانشغال بأمور ثانوية تحرف السائق عن التركيز لما يجري أمامه، وبالتالي إلى وقوع حوادث مرورية مروعة يكون ضحاياها الشباب». وتلقي بالمسؤولية على الشباب أنفسهم وأسرهم «التي تسمح لهم بسياقة السيارة بمفردهم من دون حصولهم على تدريب كاف بعد الحصول على رخصة السياقة، فهم يسوقون في سن مبكرة، ويكافئهم الأهل بشراء سيارة من دون رقابة أو متابعة». وتنصح الشباب بالا يسرعوا ويكونوا حذرين في السياقة؛ لأن «العواقب ستكون وخيمة ومؤثرة في حياة الشاب.»rnتعوّد على السرعةrnالشاب وليد محمد، عمره 26 سنة، يذكر أنه بمجرد حصوله على سيارة في وقت الظهر، وقع له حادث مروري مباشرة في مساء اليوم نفسه. يقول: «كنت أتصور أنني متمكن من سياقتي ومسيطر على السيارة، ومن أجل الإثبات للآخرين بأنني قادر على السياقة بتمكن، ولكن ما حدث عكس ذلك تماما، إذ تورطت في حادث مروري حين فقدت السيطرة تماما على السيارة، واختل التوازن ولم أجد نفسي إلا مرتكبا الحادثة الأولى، وتلتها أيضا عدد من الحوادث». ويذكر أنه في إحدى المرات كان يسوق بسرعة عالية بلغت 140 كيلومترا في الس
البحث عن الموت... "هوس" السرعة في قيادة السيارات
نشر في: 29 سبتمبر, 2012: 07:07 م