TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > افعلــوا ولا تنفعــلوا ..عدائيَّة العقل العربيّ المُسلم

افعلــوا ولا تنفعــلوا ..عدائيَّة العقل العربيّ المُسلم

نشر في: 29 سبتمبر, 2012: 07:20 م

علاء البغداديمع تكرار الإساءة إلى الإسلام عموماً وإلى شخص النبيّ محمَّد على وجه الخصوص، تقف النُخب الإسلاميَّة/ العربيَّة على محكٍّ خطيرٍ، لأنَّها مطالبة بآليّات رفضٍ تتناسب والمُثل العُليا التي جاء بها الإسلام، لاسيَّما وأنَّ هذه الإساءة ليست الأولى ولا أظنّها ستكون الأخيرة، ما دامت أساليب التعاطي مع الحدث لا تتجاوز أحد أمرين:
الأوَّل: بيانات الشجب والاستنكار التقليديَّة (المُسْتَهلَكَة) من قبل المؤسسات والرموز الدِّينيَّة أو الجهات الحكوميَّة والسياسيَّة، والتي دائماً ما تكون أشبه بـ(إسقاط فَرْض) خالية المحتوى والفاعليَّة، وأحياناً تكون مُحرِّضة على العنف والفوضى، وأحياناً تكون ضمن دائرة المساومات والمزايدات السياسيَّة الرخيصة.rnالثاني: ردود الأفعال الجماهيريَّة، والتي دائماً ما تظهر بتمظهرات فوضويَّة (مُنْفَعِلَة)، تفتقر إلى أدنى مستوى من مستويات المسؤوليَّة التي ينبغي توافرها عند الجماهير التي تدَّعي الانتماء إلى المفاهيم الإسلاميَّة الحيَّة والدِّفاع عنها.rnإنَّ ما حدث في بنغازي والقاهرة وصنعاء والخرطوم وغيرها من العواصم على خلفيَّة عرض فيلم (براءة المسلمين) المُسيء لشخص الرسول الكريم، يدلُّ بوضوح على أنَّ أداء المسلمين ما زال في دائرة الانفعال والتخبُّط ولم يرق إلى مستوى الأفعال الناضجة التي يُمكن لها أن تعكس الصورة الحقيقيَّة للإسلام وقيمه الإنسانيَّة. فلا أدري هل أنَّ إحداث الفوضى والعبث بالمال العامّ  والتظاهرات الفوضويَّة وقطع الطرقات واقتحام السفارات الأمريكيَّة وقتل السفير الأمريكيّ في بنغازي وبعض الدبلوماسيين، يُمثِّل صدقيَّة الانتماء إلى شخص الرسول الأكرم وخُلقه الإنسانيّ الرفيع؟ ثمَّ ألم يُدرك من يتبجَّح بالدِّفاع عن الإسلام، بأنَّ دستور الإسلام (القرآن الكريم) ينصُّ على أنَّ (مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً)، و(لاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)، فما هي جريرة السفير الأمريكيّ ومجموعة الدبلوماسيين الذين تمَّ قتلهم بدمٍ بارد؟ بالإضافة إلى أنَّهم لا يُمثِّلون الحكومة الأمريكيَّة وحسب، بل يُمثِّلون الشعب الأمريكيّ وثقافته، وهم في مهامٍ رسميَّة، يُمكن  الإفادة من وجودهم وتجسير الأواصر الإنسانيَّة بين الشعب الأمريكيّ والشعوب العربيَّة والإسلاميَّة.rnومن الأمور المهمَّة التي ينبغي المرور بها بنحو الإيجاز، هو موقف الحكومات العربيَّة (خصوصاً في ليبيا ومصر واليمن)، وموقف الحكومة الأمريكيَّة، والتعريف بمستوى الفيلم (براءة المسلمين) والجهات التي تقف وراء صناعته.rnلقد كانت مواقف الحكومات المصريَّة والليبيَّة واليمنيَّة في غاية السلبيَّة، حتى أنَّها لم تُقدِّم الاعتذار إلى عوائل الضحايا الذين قُتلوا بسبب الهيجان الشعبيّ غير المسؤول، بمستوى يتناسب وحجم خسارتهم وفجيعتهم، كما أنَّها تصرَّفت بأسلوب أكثر فوضويَّة مع الجماهير الغاضبة (المُنْفَعِلة)، حينما قامت بردعها بالقوَّة واستخدمت الرصاص الحي (كما حدث في اليمن)، مما أدَّى إلى مقتل مجموعة من المتظاهرين.rnأمَّا موقف الحكومة الأمريكيَّة، فكان أكثر موضوعيَّةً ووضوحاً، فقد رفضت مضمون الفيلم المسيء إلى شخص الرسول الكريم واستنكرت مضمونه والرسالة التي يُريد صُنّاع الفيلم إيصالها وهي إثارة النَعرات والفِتن واستفزاز الأمَّة الإسلاميَّة ووصفته بـ(المقيت والمقزِّز والبغيض والشرير).rnوفي ما يتعلَّق بالفيلم (براءة المسلمين)، فهو خالي المحتوى من جميع الجهات، لاسيَّما الفنيَّة من حيث الإمكانات الإنتاجيَّة والرؤية الإخراجيَّة، ولا يستحقُّ حتى الحديث عنه، إلاّ أنَّ هذه الانفعالات والاضطرابات كانت أفضل سُبل الدِّعاية والترويج له، ولا أظن بأنَّ من قام بصناعته كان يتخيَّل الحصول على هذه الإيرادات الإعلاميَّة العالية التي حقَّقها، بفضل وسائل التعبير البشعة وغير العقلانيَّة التي عبَّر من خلالها الكثير من المسلمين عن رفضهم واستيائهم له.rnأمام هذا المُعطى، فإنَّ ما حدث في الكثير من البلدان العربيَّة والإسلاميَّة ما هو إلاّ خدمات إعلاميَّة مجانيَّة للفيلم وتجذيراً للانطباعات السيئة عن الإسلام عند صُنَّاع الفيلم وغيرهم. فكان الأجدى   بالمسلمين أن يُعبِّروا عن رفضهم واستنكارهم بأساليب متحضِّرة وإنسانيَّة، تعكس جماليَّة الإسلام وسماحته وإمكانيَّته على التعايش مع الآخر – كيفما كان – والعمل معه وفق المشتركات الإنسانيَّة الجَمَّة، وكثيرة هي السُبل التي يُمكن اعتمادها بهذا الصَّدد، من قبيل تشكيل وفود إسلاميَّة تضمُّ شخصيّات دِّينيَّة وثقافيَّة وقانونيَّة وحكوميَّة، مهمَّتها الذهاب إلى السفارات الأمريكيَّة والأمم المتحدة وتسليمها بيانات الرفض والاستنكار، ومطالبتها المجتمع الدَّولي بإصدار قانون تجريم ازدراء الأديان والرُسل والمعتقدات الدِّينيَّة كافَّة، وأيضاً بالإمكان أن تقوم تلك الوفود بالذهاب إلى مختلف بلدان العالم لإقامة الندوات والمؤتمرات التي تُعرِّف بشخصيَّة الرسول الكريم وإيضاح الغامض منها، ومحاورة كلِّ من لديه لبس أو استفسارات تتعلَّق بعموم المنظومة الإسلاميَّة، ومن الأمور التي يُمكن القي

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram