بغداد / المدىكل جريمتها انها كانت فتاة جميلة، وهو رجل غير واثق من نفسه ... أي ابتسامة او حركة او لفتة يفسرها بشك واستعراض مفضوح للفتنة والاغراء للفت أنظار الشباب والنساء اليها ! قالت له .. ولماذا افعل ذلك ... لقد تزوجتك عن اقتناع؟ قال لأنك تتصنعين ذلك ... وكذلك كل البنات غير المستقيمات!
وهكذا كانت المصائب والمشاكل تقع فوق رأسها اذا خرجت من البيت للتسوق ... أو زارهم قريب او صديق او تحدثت بالموبايل وأطلقت ضحكة للمتحدث على الطرف الآخر ! باختصار كان مطلوب منها ان تحبس نفسها في قمقم لا ترى فيه احدا ولا يراها احد . ولان ذلك السجن الانفرادي ليس موجودا في الواقع فقد أصبحت هدفا مستمرا لكل انواع العنف ... ضرب وشتائم واهانات ... وانتهت الحياة الزوجية بالطلاق والتفريق .كانت (ش) مشهورة بأنها نسخة من فتاة أوروبية ... عيناها زرقاوان وشعرها الأشقر ووجها ناصع البياض يوحي بأنها من بلاد تركيا او أنها فتاة انكليزية ... لكنها رغم ذلك ... فتاة بغدادية أصيلة ! لم تعرف الفتاة الجميلة الدلع والميوعة وربما لا تعرف أصلا انها جميلة ... فأمثالها من بنات الأسر البغدادية المحافظة لا يملكن الأدوات او الماكياج الذي يفصح عن هذا الجمال الرباني الذي تخجل منه العين إذا تراه ! .. وبعد ان تخرجت (ش) من الكلية ... بحث لها والدها عن وظيفة تؤمن لها مصاريفها ومصاريف إخوتها الصغار ... فأسرتها كانت اسرة بسيطة وكل واحد يعمل لمساعدة الاب المسكين ... بعد البحث اقتنصت وظيفة بسيطة في إحدى المؤسسات الصحفية ... وكانت هذه الوظيفة فألا حسنا عليها ... فعند خروجها الى المؤسسة كل يوم جعلها تحت الأضواء فقد شاهدها شاب ميسور الحال فوقع في غرامها ... وهذا اكثر مما كانت تحلم به ... حاول الشاب أن يغازلها ويقترب منها عند خروجها من المؤسسة فوجد أمامه جدارا من الكونكريت الصلد .. فلم تكن (ش) من هذا النوع من الفتيات التي لا تهمها سمعة العائلة وإنما فقط النزوة والمرح ... فزاده عنادها إصرارا على الفوز بها وبالطريقة الوحيدة التي تعرفها وهي الزواج ... بالطبع ... لم تكن المهمة سهلة بالنسبة للشاب لان عائلته ثرية ويجب ان تكون عروسته بمستوى ثرائها ومن عائلة غنية على الاقل ... لكنه اصر على الاقتران بها واقسم أمام أهله بأنه لن يتزوج أبدا بفتاة غيرها... في فترة الخطوبة... تغيرت أحوال (ش) كانت قطعة من سجاد كاشان أزيل عنه التراب والشوائب فأصبحت تضوي تحت أشعة الشمس ... وبعد أن ارتدت الملابس الحديثة وعلى آخر (مودة) .. تحولت (ش) وفي غمضة عين إلى ساحرة في مجتمع الأثرياء والأغنياء وتغيرت نظرة الناس إليها وخصوصا عائلة خطيبها وكأنهم يشاهدون حورية من السماء ويقولون في همس ( كانت وين هذه البنية .. وين شافها وخطبها ) ... بعد فترة قصيرة من الخطبة ... تزوجت ... وزادتها حياة الترف والرفاهية جمالا ... لكن هذه التغيرات جاءت معها بمشاكل كثيرة ولم تكن تتوقعها ... كان زوجها يغار عليها الى حد الجنون ... اذا تحدثت مع أي شخص ... رأى في نظراتها الخواء له ... إذا التفت وراءها فهي حركة ( دلال) وحتى خطواتها وطريقة سيرها اعتبرها تثير النظر ومحاولة للفت أنظار الناس إلى جمالها ... لم تصبر على هذا الكلام ... قالت له .. "ليش متخاف من الله وتترك هذا الشك .. لماذا انا دائما متهمة في نظرك ... ولماذا – برأيك - أسعى الى إيقاع الشباب في غرامي وفتنتي ... أنا أعطاني الله الجمال وأعطاني الزوج الذي أحبه ولا يهمني غيره" ... قال لها .. أنتي فتنة للناس ... الجميع ينظر إليك رجالا ونساءً شبابا وشابات ... أنا لم أتحمل هذه النظرات ... اخجل من السير معك ! تحدثت معه كثيرا عن شخصيتها وشرفها واحترامها لنفسها وأنها من عائلة عريقة في بغداد أهم شيء عندها هو شرف بناتها ... وأنها رفضت مغازلته شخصيا ولم تخرج معه في نزهة او محل عام إلا بعد ان أصبحت خطيبته رسميا . كل هذا الكلام والمحاورات فشلت في إقناعه بان مبررات (الغيرة) التي تمتلكه وتسيطر عليه ليست على أساس ومجرد أوهام وظنون . لقد أصبحت الغيرة والشك مرضا ووسواسا لا يستطيع ان يتخلص منه ... وذات مساء .. رن جرس الموبايل .. كانت (ش) ترد على المحادثة وتبادلت مع المتحدث عبارات المجاملة المعتادة مصحوبة بكلمات (عيوني ) و(تدلل) وضحكات خفيفة في تلك اللحظات كان زوجها يغلي مثل المرجل من الغيظ ... كان المتكلم هو شقيقها ... سأل عنه وعن صحته بعد أن علم بأنه مريض ولا يستطيع التحدث إليه بالموبايل... وبعد أن أنهت الحديث معه وأنفاسه تكاد تنقطع استدار إلى زوجته ... لا ليوبخها كما كان يحدث كل مرة ... ولكنه هذه المرة رفع يده وضربها على وجهها...! كانت مفاجأة لم تتوقعها ... انخرطت في موجة من البكاء ... فكرت أن تهرب منه وتذهب الى أسرتها ... لكن لا تريد أن تصل معه الى طريق مسدود ، فماذا ستفعل في طفلها الذي سيرى النور قريبا ؟ هذا التنازل الأول ... أعقبته تنازلات اضطرارية كثيرة ... كانت كل حركة او مشية يفسرها غلطا وسوء نية ... ويصب جام غضبه عليها ، كان يعمد الى أن يقلل من شأنها ويسلبها ثقتها بنفسها ... حاولت إصلاحه ... دون جدوى ... ما أغاظها أكثر هو ان سيرتها وسمعتها أصبحت على كل لسان ... ف
اللي يزرع ثوم.. ما يطلع ريحان!
نشر في: 30 سبتمبر, 2012: 06:50 م