TOP

جريدة المدى > سينما > إسهامات الموت في توفير السلامة للأحياء

إسهامات الموت في توفير السلامة للأحياء

نشر في: 30 سبتمبر, 2012: 06:52 م

بغداد/المدىبعيداً عن التشريح للتعليم الطبي، توظف أجساد الموتى في أبحاث ذات طبيعة مختلفة تماماً. أحد مجالات هذه الأبحاث دراسة مدى تحمل أجزاء مختلفة من جسم الإنسان لقوى الارتطام المتباينة من حيث النوع والشدة والاتجاه.
وعادة تقوم مصانع السيارات بإجراء تجارب لمعرفة مدى مقاومة جسم السيارة للصدمات الناشئة عن الحوادث المختلفة، بالاستعانة بدمى من نوع خاص، وهذه الدمى تفيد في تبيان مقدار القوة التي تتعرض إليها أجزاء الجسم المختلفة. ولكن هذه المعلومة غير ذات قيمة إلاّ إذا عرفنا تأثير تلك القوة على كل جزء وعضو في جسم الإنسان الحقيقي.وقد ساعد الأموات (الذين وهبوا أجسادهم للبحث العلمي) الأحياء - إن صح هذا التعبير- عبر أكثر من نصف قرن في أبحاث لفهم قوة احتمال جمجمة الإنسان وقفصه الصدري وركبتيه وأحشائه للإصابات الرضية العنيفة التي يتعرض إليها سائقو وراكبو السيارات. وتفيد هذه المعرفة صانعي السيارات للتوصل إلى تصاميم أكثر أمناً، بحيث تقي مستخدميها من مخاطر الحوادث. فعلى سبيل المثال: إذا علمنا باستخدام هذه الطريقة أن عظام القفص الصدري للإنسان يمكن أن تنثني إلى الداخل بمقدار ستة سنتيمترات دون أن تسبب تلفاً للرئتين، ثم أثبتت التجربة باستخدام الدمية أن الارتطام بمقود السيارة يسبب انثناءً بالقفص الصدري مقداره عشرة سنتيمترات؛ كان ذلك دليلاً على أن السيارة ليست آمنة بما فيه الكفاية.ويعتبر اختراع زجاج السيارات المستخدم حالياً؛ الذي يتفتت عند الارتطام القوي، من أول إسهامات الموتى في جعل قيادة السيارات أكثر أماناً. في البداية لم تكن السيارات مزودة بزجاج أمامي لصد الرياح، وكان يتوجب على ركابها ارتداء نظارات خاصة لحماية أعينهم من الرياح، وما تحمله من رمال وحشرات طائرة. بعد ذلك زودت السيارات بزجاج عادي كالذي يستخدم في نوافذ البيوت، فإذا وقع حادث اصطدام تطايرت شظاياه وأصيب السائق والركاب بجروح خطرة، وكذلك إذا ارتطمت به رؤوسهم. وعلى الرغم من أن الزجاج المغلف بالبلاستيك الذي استخدم لاحقاً (1930-1960) كان أكثر أماناً من سابقه، فإنه أدى إلى إصابات وجروح خطرة، حيث تنشأ فتحة عند الارتطام قد يلج فيها الرأس جيئة وذهاباً فيصاب بجروح عميقة.واخترع لاحقاً زجاج مقاوم للكسر؛ وتكمن خطورته في أن قوته تؤدي إلى نقل كامل قوة الصدمة إلى الرأس، ما يسبب تلفاً في الدماغ. القاعدة في إصابات الارتطام أنه كلما زادت صلابة الأداة المستخدمة زادت الخطورة على العضو المصاب. ولأن كسور الجمجمة تدل على شدة الصدمة وتشير في الغالب إلى إصابة الدماغ، تستخدم جماجم الموتى في اختبارات من شأنها معرفة العلاقة بين صلابة الزجاج وقوة الصدمة ومقدار الضرر، فيجعلونها تسقط من ارتفاعات مختلفة بحيث ترتطم بالزجاج، أو تثبت الرأس وتضرب بالزجاج بواسطة آلة خاصة. وقد أثبتت التجارب أن الزجاج المعالج غير السميك نادراً ما يسبب ارتجاجاً دماغياً. أما الزجاج الأمامي المستخدم في السيارات الحديثة فيسمح ببعض الارتداد بحيث لا يسبب ارتطام الرأس به ضرراً يذكر عند اصطدام السيارة بحائط بسرعة 48 كم/ساعة.وكان ارتطام الصدر بالمقود الدائري عندما ترتطم مقدمة السيارة بسيارة أخرى، أو بأي جسم ثابت مصدراً لإصابات قاتلة قبل اختراع أحزمة الأمان. يندفع الجسم إلى الأمام فيرتطم الصدر بالمقود بقوة شديدة ربما تكفي لثني المقود وكسر الضلوع الصدرية للسائق. ولا تقتصر الخطورة على تمزق الرئتين بسبب أطراف الضلوع المكسورة، بل قد يتمزق الشريان الدموي الرئيسي بالقلب (الأوورطة) عند نقطة اتصاله بالقلب نتيجة ارتجاج القلب المثقل بما يحتويه من دم. وقد استخدم الباحثون أجساد الموتى في تطوير مستوى أمان السيارات باستخدام جهاز يحاكي السيارة، يوضع فيه الجسد جالساً أمام المقود، ويعرض الجهاز لقوى الصدمة من الأمام. وكان أحد الأهداف اختراع تصميم آمن لعمود المقود، بحيث يتقلص على محوره الرأسي عند الارتطام، فيمتص الصدمة، ويمنع إصابات الصدر بصفة عامة. كما طوّر الباحثون أغطية المحركات الأمامية بحيث تنثني على نفسها عند الارتطام فلا تندفع إلى الخلف لتجنب ما قد ينشأ من إصابات، إذا تراجع الغطاء المعدني، وكسر الزجاج الأمامي وأصاب من في السيارة.وبناءً على الأبحاث التي تستخدم أجساد الموتى، تأكدت فائدة أحزمة الأمان الشاملة للكتف بدلاً من أسفل البطن فقط، وأكياس الهواء التي تتمدد تلقائياً لحظة التصادم، وتغليف الأجزاء المعدنية الداخلية خاصة أمام المقعدين الأماميين بمادة لينة، ومفاتيح التشغيل المطمورة (مفاتيح الراديو وأجهزة التكييف مثلاً). كما بينت دراسة نُشرت عام 1995م أن هذه الأبحاث أسهمت في إنقاذ حياة حوالي 8500 شخص منذ عام 1987م. وتقول الدراسة نفسها إن كل جسد تعرض لتجارب أحزمة النجاة أسهم في نجاة 61 شخصاً سنوياً، وكل جسد تعرض لتجارب أكياس الهواء يسهم في إنقاذ 147 شخصاً سنوياً، وكل جسد تعرضت رأسه للارتطام في الزجاج الأمامي خلال التجارب يسهم في نجاة 68 شخصاً سنوياً.وعلى الرغم من عدم دقة الاختبارات التي تستخدم فيها الحيوانات الميتة، أو المخدرة بسبب الاختلافات الجوهرية في التركيب التشريحي بينها وبين

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

قتل مفرزة إرهابية بضربة جوية بين حدود صلاح الدين وكركوك

الامم المتحدة: إخراج سكان غزة من أرضهم تطهير عرقي

الطيران العراقي يقصف أهدافا لداعش قرب داقوق في كركوك

"إسرائيل" تستعد لإطلاق سراح عناصر من حزب الله مقابل تحرير مختطفة في العراق

حالة جوية ممطرة في طريقها إلى العراق

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

وفاة ديڤيد لينش فنان الرؤى المميّزة.. وأيقونة السينما الاميركية
سينما

وفاة ديڤيد لينش فنان الرؤى المميّزة.. وأيقونة السينما الاميركية

متابعة المدىوديفيد كيث لينش صانع أفلام وفنان تشكيلي وموسيقي وممثل أمريكي. نال استحسانًا لأفلامه، والتي غالبًا ما تتميز بصفاتها السريالية الشبيهة بالأحلام. في مسيرة مهنية امتدت لأكثر من خمسين عامًا، حصل على العديد من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram