حاوره/ علاء المفرجيهل يمكن ان نسجل تاريخ المسرح العراقي بمعزل عن التاريخ الشخصي للفنان الكبير سامي عبد الحميد . فالفنان الذي بدأ خطواته الاولى مع البدايات الحقيقية للمسرح العراقي المعاصر يعد اليوم، سجلًا حافلا بما قد اسس من اعمال متميزة لاتزال تشكل علامة من علامات المسرح العراقي بشكل خاص والمسرح العربي بشكل عام.
سامي عبد الحميد هو الرائد دوماً.و هو المكتشف هو الباحث عن سر الابداع.. مفكراً ومبدعا وصاحب رؤية خصبة امتزجت فيها معظم التجارب والرؤى التي قدمها المسرح العراقي على مدى ستة عقود من تاريخه.المدى الثقافي حاورت الفنان الرائد سامي عبد الحميد لتقف معه عند اهم المحطات في مسيرته الابداعية التي امتدت لاكثر من ستة عقود.* بعد أكثر من خمسة عقود من عملك في المسرح، ومن خلال تجربتك.. أين موقع المسرح العراقي في المسرح العربي.- عندما انخرطت في العمل المسرحي بداية الخمسينيات من القرن الماضي لم أكن اعرف الكثير عن المسرح العربي وكذلك كنت أعرف القليل عن المسرح العراقي كنت أعرف أن هناك في بغداد عدداً من فرق الهواة تقدم عروضها المسرحية على مسارح الملاهي أو في دور السينما قبل عرض الأفلام، وكنت اعرف أن هناك ممثلاً كوميدياً مشهوراً يعمل في الملهى هو (جعفر لقلق زادة) وكنت اعرف أن هناك عدداً من المتخرجين في فرع التمثيل بمعهد الفنون الجميلة والذين علمهم أستاذهم (حقي الشبلي) وأغلبهم قد توقفوا عن النشاط المسرحي، والقلة منهم يعمل في قسم التمثيليات في إذاعة بغداد، ثم ازدادت معرفتي بالمسرح العربي تدريجياً فعرفتُ شيئاً عن المسرح المصري، وشيئاً عن المسرح في لبنان، وبقيتْ مسارح سوريا وتونس والمغرب والجزائر مجهولة بالنسبة لنا، ولذلك لم نكن نعرف موقع المسرح العراقي ينسب إلى تلك المسارح العربية.ثم أخذت معلوماتنا تتسع عن حركة المسرح في البلاد العربية خلال الستينيات عن طريق مجلة المسرح المصرية، حيث كانت تنشر أخبارا عن النشاطات المسرحية في هذا البلد أو ذاك، إضافة الى المقالات التي عرفتنا بالمستويات الفكرية والفنية التي وصلت إليها المسارح العربية وبالأخص مسرح مصر ومسرح سوريا ولبنان.وعرفنا لأول مرة بأن المسرح العراقي متقدم وربما متفوق على المسرح المصري، عندما قدمت مسرحية (البيك والسايق) من إخراج (إبراهيم جلال) بعد أن اقتبسها وحوّل حوارها إلى العامية العراقية الشاعر (صادق الصائغ). عن مسرحية بريخت (بونتيلا وتابعه ماتي) وقدمت في القاهرة وفي الإسكندرية خلال احد الأسابيع الثقافية العراقية، وأشاد بها النقاد والمسرحيون وقارنوا مستواها المتقدم بمستوى المسرحيات المصرية المتأخر، ومنذ ذلك الحين افتخر المسرحيون العراقيون بفنهم وواصلوا عطاءهم الثر وأخذوا ينافسون أقرانهم في البلاد العربية وازداد فخرهم عندما راحوا يحصدون جوائز المهرجانات العربية المشهورة مثل مهرجان أيام قرطاج ومهرجان القاهرة التجريبي. * كيف حدث ذلك وأولئك المسرحيون في تلك البلدان أقدم منكم ممارسة وأكثر خبرة وأدق اتصالاً بالمسرح الأدبي... - نحن لا نقلّ عنهم وعياً ولا دراية ولا خبرة فمعظم المسرحيين العراقيين يحملون أفكاراً تقدمية ويتخذون من المسرح وسيلة لنقل رسالة تنوير وتثقيف وإمتاع، واغلبهم درس الفن المسرحي في معاهد خارج البلاد وداخله وجلّهم يبغي التجديد.لا أعتقد أن مسرحاً عربياً قبل المسرح العراقي تناول مسرحيات جيكوف وأبسن ولا أعتقد أن مسرحاً عربياً قبل المسرح العراقي طبّق عامل التغريب البريختي. تصدى المسرحيون العراقيون لأنواع الأساليب المسرحية الكلاسيكية وحتى اللامعقول وظهرت نزعة التجريب لدى المسرحيين العراقيين في وقت مبكر، من يتصور أن مسرحاً شهد الرقص الدرامي قبل غيره، من يتصور أن مسرحاً شهد المسرحية الموسيقية قبل مسرحيات الإخوان رحباني، من يتصور أننا قدمنا مسرحية معين بسيسو (ثورة الزنج) أفضل مما قدمته مسرحية فرقة مصرية؟من يتصور أننا تناولنا من مسرحيات شكسبير وبرؤى مختلفة أكثر من الآخرين؟rn* بوصفك مسرحياً متمرساً وأكاديمياً له بصمة واضحة على أكثر من جيل.. هل لديك توصيف معين لمرحلة زمنية ازدهر فيها المسرح العراقي؟- بالتأكيد كانت مرحلة الستينيات والسبعينيات من القرن العشرين هي الأكثر ازدهاراً بالنسبة للمسرح العراقي وبالنسبة للمسرح العربي عموماً. وربما بالنسبة للمسرح العالمي في مرحلة الستينيات ظهرت الكثير من الابتكارات المسرحية في المسرح العربي ومنها اتساع رقعة مسرح اللامعقول وظهور عدد من فرق المسرح التجريبي المهمة مثل (المسرح الحي) و(المسرح المفتوح) و(مسرح الشمس) وغيرها، ومنها تأثير فلسفة اليسار الجديد في الفن المسرحي، ومنها ظهور اختلاف الرأي بشأن استخدام التكنولوجيا الجديدة في العمل المسرحي أو رفض استخدامها والاعتماد على الممثل وتعبيره فقط كما (غروتوفسكي) في مسرحية الفقير.وفي المسرح العربي ظهرت انعكاسات تطورات المسرح الغربي والتي نقلها المبعوثون من المخرجين وظهر كتاب مسرحية جدد خرجوا على الأعراف القديمة في التأليف المسرحي، نذكر منهم سعد الدين وهبة ونجيب سرور والفريد فرج وعز الدين المدين وكريم بورشيد وعلي عقلة عرسان وممدوح عدوان.. وكان كل من سعد اردش وكرم مطاوع وسمير العصفوري ون
الفنان الرائد سامي عبد الحميد: لم نؤسس بعد لمسرح تقليدي في العراق
نشر في: 30 سبتمبر, 2012: 06:56 م