TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > مسيحيّو العراق .. من أجل مقولات أكثر وضوحاً

مسيحيّو العراق .. من أجل مقولات أكثر وضوحاً

نشر في: 30 سبتمبر, 2012: 06:58 م

الدكتور نعمة العبادييحتل موضوع الأقليات في الشرق الأوسط أهمية قصوى هذه الأيام لغايات مختلفة ،لعلّ الأغلب منها غير مبرّأ من النوايا السيئة.ويتصل الحديث عن هذا الموضوع بآخر أشكال صور التدخل الخارجي الذي مرّ على المنطقة.
منذ نيسان 2003 والحديث عن مسيحيي العراق يتكرر بمناحٍ مختلفة ،ومن أطراف متعددة ،مرة من المسيحيين أنفسهم ،ومرات من آخرين داخل العراق وخارجه ،ولعل جوهر الحديث في هذا الموضوع يتصل بأمن وسلامة المسيحيين ،وإيقاف هجرتهم إلى خارج البلاد ،وموضوع مشاركتهم في الحياة العامة والسياسية في الدولة الجديدة.أقدّم في هذه الرؤية مجموعة مقاربات تتصل بهذا الموضوع الخطير والحساس ،الذي لا تقف تداعياته عند العراق فقط وإنما لها صلة بالشأن العالمي.تستند مقاربتي إلى مجموعة مقولات أعتبرها بمشارفة اليقينيات ،وتستهدف بناء مقولات واضحة لهذا الموضوع المهم والحيوي ،الذي يحتاج إلى رؤية واضحة لصانع القرار السياسي والاجتماعي العراقي وللمسيحيين أنفسهم ولبقية العراقيين أيضا.ليس من الموضوعي الإكثار من عبارة "إن المسيحيين مكون أصيل في العراق" بنظري إن هذه العبارة سبّة لأي مجموعة سكانية عراقية أصيلة ولو أنها سكنت العراق منذ 300 سنة  أو أقرب،فكيف بالأمر والمسيحيون هم أهل العراق القديم ،ومعجونون بتربته القديمة ،لذلك لا بد من تجاوز هذه المقولة إلى لغة واضحة "إن العراق هو المسيحيون والمسلمون والأقليات والأخرى " وبدون أي جزء من هذه الأجزاء فإننا نتحدث عن عراق آخر.لم يعرف تاريخ المسيحيين في العراق أنهم مثلوا إشكالية للأمن العراقي،بعبارة أوضح لم يكن المسيحيون في العراق يوما عامل تهديد أو إقلاق للأمن العراقي ،ولم يعرف لهم دور مؤثر في الحياة السياسية في الدولة العراقية الحديثة ،إلا لبعض الأفراد ،وأعني أيضا لم يكن للمسيحيين ككتلة سكانية ذات خصوصية دينية طرف في أي ترتيبات سياسية طيلة تاريخ العراق الحديث ،وقد فضلوا العزلة والابتعاد عن الشأن السياسي دائما.كما أن الغريب إننا لم نشهد خصوصية أو وضع مميز للمسيحيين حتى في الفترة التي كانت فيها شخصيات (ولو مسيحية ظاهرا) في مواقع مهمة للسلطة ،كما  هو الحال في (ميشيل عفلق) كمؤسس للحزب الحاكم في العراق آنذاك ،وطارق عزيز ،كوزير لعدة وزارات وآخرها وزيرللخارجية وشخص مقرب من رئيس الدولة ،فلم يظهر بروز لقوة مسيحية أو خصوصية لجهة وجود هؤلاء الأشخاص في السلطة ،وبالمقابل لم يظهر من (عفلق وعزيز ) إشارات لدعم المسيحيين في العراق.ظهرت للمسيحيين تطلعات قوية في المشاركة السياسية في العراق الجديد،وأخذت تلك الرغبة تتحرك عبر قنوات مختلفة منها ،أحزاب مسيحية خالصة أو قوائم مسيحية ،أو قوائم كردية ،أو قوائم عربية أخرى ،وتجمعات سياسية مختلفة ،ولا شك في أن هذه المشاركة لا تعكس الحجم الحقيقي للمسيحيين ،ولا تعبر عن رؤية غالبية الشعب المسيحي ،وإن هناك مشكلة تتعلق بوجهات النظر داخل المكون المسيحي لغرض بلورة قوى سياسية مؤثرة وفاعلة ومعبرة.تعرض المسيحيون كبقية العراقيين لخطر الإرهاب والموت وفقدوا ضحايا كثيرة في عمليات ،بعضها موجّه لعموم العراقيين وآخر موجّه حصرا للمسيحيين ،كما أن التهجير بسبب المعتقد طال البعض منهم ،وهو الأمر الذي وضع وجود المسيحيين في العراق في خطر ،وبرر إنشاء مناطق خاصة كما هو الأمر في منطقة سهل نينوى ،وفضل الكثير الانتقال إلى مناطق كردستان لوجود الأمان فيها.يحمل الشعب المسيحي بكل طوائفه وتلويناته علاقات طيبة مع بقية أطياف الشعب العراق ،وخصوصا الشيعة ،ولا توجد أية حوادث تتعلق بحساسية دينية أو فكرية أو اجتماعية بين المسيحيين وغيرهم من الشعب العراقي ،ويكرر الناس مقولة "إن المسيحيين طيبون ومسالمون وليس فيهم أذى" ،لذلك لا يوجد في العقل العراقي أية ترسبات تتعلق بمواقف سلبية مسبقة بين المسيحيين والمكونات العراقية الأخرى.انطلاقاً من هذا التأسيس ترى مقاربتنا تأكيد المقولات التالية التي قد يكون البعض منها مكررا عبر مقاربات أخرى أو أنها تشترك معها في مناطق معينة ،إلا أننا نستهدف هنا صياغة تصور كلي يحكم موضوعة المسيحيين في العراق.إن الحديث عن حقوق المسيحيين بالمواطنة والعيش الكريم لا يحتاج إلى الاستناد إلى جذور تاريخية أو مراهنات على العروق والجذور ،وإنما هو حق شرعي وقانوني يكفله الدستور العراقي وتضمنه منظومة الحقوق والواجبات ،فهم مواطنون على حد سواء مع أي مواطن عراقي ،لهم ما للعراقيين وعليهم ما على العراقيين.يتصل بهذا الحق والواجب ضرورة أن يكون للمسيحيين دور بارز ومهم في المشاركة بالحياة العامة والسياسية للعراق الجديد،ويتطلب ذلك من المسيحيين أن ينظّموا صفوفهم ويبلوروا واجهات سياسية معبرة حقيقة عن تطلعات ورغبات عموم الشعب المسيحي ،وأن ينخرطوا بالتفكير في الهمّ العراقي العام ،ولا تبقى أحاديثهم واهتماماتهم مقتصرة على الخصوصية المسيحية ،ويمكن لهم المشاركة في التشكيلات ذات البعد الوطني العابر للخصوصيات لغرض تعزيز روح الشراكة الحقيقية ،ولا بد لهم أن يعرفوا أن جميع العراقيين لم توهب لهم حقوقهم على طبق من الذهب ،

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram