TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > قرطاس: تشكيل العقل العراقي !

قرطاس: تشكيل العقل العراقي !

نشر في: 30 سبتمبر, 2012: 07:00 م

 أحمد عبد الحسينهل تعلمون من هو المسؤول اليوم عن إعادة تشكيل العقل العراقي؟أجيبكم دون أن أدخلكم في حيص بيص: إنه السيد خضير الخزاعي، نائب رئيس الجمهورية. هو قال ذلك. قال بالحرف الواحد "أنا مسؤول عن إعادة تشكيل العقل العراقيّ".
لا أحد يسأل كيف، بأية آلية، سيعيد تشكيل عقلنا، ما أدواته، فهو نفسه لا يدري، ولا تسأل أيضاً عن أثر مؤلفات السيد الخزاعي على الجيل الجديد، ومقدار اهتمام الطلبة "طلبة الدراسات العليا" بمناقشة مؤلفاته الكثيرة والاستفادة منها في أطاريحهم، لأنه ببساطة متناهية لم يكتب أيّ كتاب، بل لم يكتب مقالاً حتى، سوى بضع مواد قليلة نشرها مؤخراً في جريدة حكومية، وواضح أن من كتبها يكتب بلا شهية، يكتب كأنه يساق إلى الموت كرهاً، وأنّ بينه وبين الكتابة أمداً طويلاً قد يعود إلى زمن درس الإنشاء في المتوسطة.لا يهمّ، فالرجل منشغل بإعادة تشكيل عقل العراقيين، كيف؟ هل بالسحر والزايرجات والأوفاق والطلاسم وإشعال البخور الجاوي واللبان الذكر واستدعاء الجان والمردة والغيلان وطرد العمّار؟ أم بالدعاء وصوم يومين في الأسبوع وأربعين يوماً عن اللحم والخلوة والذكر وقراءة الشاطبية ألف مرة؟كيف يريد هذا السيّد المحترم أن يغير العقل العراقيّ وهو لم يوجّه للعراقيين ولو كلمة واحدة في كتاب أو مجلة أو صحيفة أو إذاعة أو تلفزيون ولم ير الشارع العراقيّ ولم يلتق بأحد؟بأية قوة يمكن له ذلك؟ ما مقدار المعرفة والعلم اللذين يشتمل عليهما هذا السيّد المؤمن التقيّ ليأخذ على عاتقه هذه المهمة الملحمية التي لم يدّعها أحد من قبله، ولا أظنّ أن جهبذاً علامة فهامة سيدّعيها بعد موت الخزاعي "بعد عمر طويل طبعاً".تخيلوا لو أن علي الوردي قال "أنا مسؤول عن تغيير العقل العراقي"، لكنا قلبنا الدنيا الآن نقداً له ولمقولته التي فيها تنطّع كبير، وهو علي الورديّ لا خضير الخزاعي، أو لو أن نوري جعفر أو السياب أو طه باقر أو المخزوميّ حكى عن نفسه ما حكاه الخزاعي بثقة العارف الموقن، ألم نكن أيقظناهم من رقدتهم الأبدية كلّ يوم لنسائلهم مشككين بعلميتهم التي جعلتهم يسقطون في هذا المهوى الشاسع، مهوى الغرور والادعاء والانتفاخ الطاووسي الكاشف عن خواء روحي وخفة عقل، بل عن جنون عظمةٍ جذره خلل نفسيّ بيّن يرجع بالتأكيد إلى رضة نفسية تعرض لها قائلها أيام طفولته ولم يستطع إلى الآن منها فكاكاً.أظن أن الأمور يجب أن تكون معكوسة تماماً، فنحن ـ العراقيين ـ أمام مسؤولية كبرى تتمثل بإعادة تشكيل العقل الخزاعي، عقل السيد نائب رئيس الجمهورية يجب أن يتغيّر الآن قبل فوات الأوان، ومبررنا في إنجاز هذه المهمة أمران: الأول إن وجود شخص مسؤول يظن فعلاً أنه قادر على تغيير العقل العراقي دون أن يفعل شيئاً؛ أمر خطير علينا تداركه بما تيسر لدينا. والثاني: أن نغيّر نحن عقله لهو أسهل وأيسر وأنفع من أن يغيّر هو عقل العراقيين.والله وليّ التوفيق!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram