TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > نص ردن:"كبان" العدالة

نص ردن:"كبان" العدالة

نشر في: 1 أكتوبر, 2012: 07:41 م

 علاء حسن ميزان العدل بوصفه معيار إنصاف المظلوم، كان منذ فكر البشر في سن قوانين لتنظيم حياتهم موضع جدل  وشكوك، وخاصة لدى من يشعر بان القانون لم ينصفه، في معاقبة الآثمين والجناة، بمعنى  ان الميزان لم يكن دقيقا وعادلا، فالبعض يراه مجرد كبان لوزن الركي عياراته من الاحجار والحصو، وحينما تكون العدالة بمقياس البكال يحصل خلل في تطبيق القانون. 
 rn ابو  نعيم كان يزاول نشاطه في  مناطق التاجي والطارمية  شمالي العاصمة، قبل عشرات السنين، في الصباح الباكر يتوجه الى القرى حاملا كبانه وعياراته من الصلابيخ  ليشتري  الباذنجان والخيار والخس ومحاصيل اخرى، لقاء  مبالغ زهيدة تقدر بالدراهم، ثم يعود  بالبضاعة  ليبيعها لزبائنه، ومع ممارسة  البيع والشراء باستخدام الكبان  يقسم بأغلظ  الأيمان بان الميزان دقيق جدا، وعياراته مضبوطة، وهو يعلم بان ميزانه  يحقق العدالة  بالنيات الحسنة، وطالما طلب من الزبائن التأكد من الوزن بالاستعانة بميزان اي عطار في السوق.rnلدى ابو نعيم صلابيخ  بأوزان مختلفة  بدءا من  اجزاء  الكيلو ومضاعفاته، وفي احد الايام وعندما كان يعالج  مسمارا في نعله بدقه بصلبوخ ابو الكيلو فقد العيار جزءا من وزنه، فنبهه احد معارفه لذلك لكنه لم يستجب لاشارة التنبيه، واصر على ان عياراته  دقيقة جدا وليست بحاجة الى تأييد جهاز التقييس والسيطرة النوعية، او موافقات الاجهزة الرقابية المسؤولة عن هذا الامر،  عيارات ابي نعيم بمرور الزمن فقدت  اوزانها لانها مسخرة لدق بسامير النعل لمن يحتاج الى هذه الخدمة، او لتعديل عجلة عربانة، او استخدامها بالتراشق بين  المتشاجرين من  البقالين والعطارين في السوق.rnكبان ابو نعيم وعياراته المستخدمة في العصور السومرية لم تكن تحظى بثقة الزبائن، وعلى الرغم من ذلك  لم يعترض المتعاملون معه على طريقته في  تحقيق العدل بين البائع والمشتري، لان الرجل صاحب عائلة   كبيرة ، ولا يتقصد الغش فضلا عن ذلك  انه يسمح للمشترين باقتناء  ما يرغبون من الطماطة والخيار،  وهذا الامتياز لا يحصل عليه الزبون من البقالين الاخرين.rn القضاء اختار الميزان شعارا ونهجا له ، يوضع  في قاعات المحاكم في جميع دول العالم  ليكون امام انظار  المتهم وصاحب الشكوى، وفوق رأس القاضي ومساعده الايمن والايسر، وليس ثمة ادنى شك في اصدار قرار باستخدام "كبان البكال ابو نعيم "،  والاشقاء المصريون في افلامهم ومسلسلاتهم، وعندما يصرخ احدهم في المحكمة "مظلوم يابيه "  او "يحيا العدل" كأنما يرغبون في تشخيص خلل في تحقيق العدالة، نتيجة التخلي عن الميزان المعروف   والاستعانة بكبان البكال.rnابو نعيم غادر الحياة قبل  تشكيل ما يعرف بمحكمة الثورة  في زمن النظام السابق، وسيطرة السلطة  التنفيذية على القضائية، واصدار الاحكام بطريقة استخدام الصلابيخ من العيار الثقيل الاعدام والمؤبد، ويحيا العدل.rn 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

بالحوارِ أم بـ"قواتِ النخبة".. كيف تمنعُ بغدادُ الفصائلَ من تنفيذِ المخططِ الإسرائيلي؟

تحديات بيئية في بغداد بسبب انتشار النفايات

العراق بحاجة لتحسين بيئته الاستثمارية لجلب شركات عالمية

الكشف عن تورط شبكة بتجارة الأعضاء البشرية

مركز حقوقي: نسبة العنف الأسري على الفتيات 73 % والذكور 27 %

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram