السماوة/ يوسف المحمّداوي 270 كم هي المسافة التي تفصل بغداد عن السماوة، فضلا عن 19 سيطرة بعضها للدفاع، والبعض الآخر لوزارة الداخلية. ما يميز طريق السماوة-بغداد وأنت تتخذ الطريق السريع سبيلا للوصول هي بساتين النخيل التي لا تنقطع أبدا، وكذلك مراقد ومقامات الأولياء التي تشتهر بها محافظتا بابل والديوانية، نعم. انعم الفرات على تلك المدن ببساتين لا تعد ولا تحصى من أشجار النخيل، لكن السؤال الكبير أين التمر؟، الذي كان ارخص مادة غذائية في الأسواق العراقية، أما الآن فهو أغلى مادة في السوق والأسباب عدة وجميعها تصب في خانة الألم وليس الأمل.
وعن معنى السماوة وفقاً لما ذكره مؤلفو وأصحاب كل من لسان العرب ومعجم البلدان ومختار الصحاح ومعجم متن اللغة ودار معارف القرن العشرين والقاموس (المنجد) وغيرهم من الأفذاذ ومؤلفي أمهات المراجع والموسوعات ويمكننا أن نستخلص من مجمل ما ذكره كل هؤلاء أن لكلمة السماوة عدة معان أوردتها معاجم اللغة وكتب التاريخ فقد أورد الحسني عن ياقوت الحموي في كتابه (معجم البلدان ) 1429 م "إنما سميت سماوة لأنها ارض مستوية لا حجر فيها". وأما المنجد فيورد "إن سماوة فلك البروج". "وسما على وارتفع". ويوضح الشيخ احمد رضا في كتابه معجم اللغة أن السماوة : الشيء العالي وكان بودي ان تسمى الوركاء عاصمة كلكامش أو اوروك او عشتار او أي اسم آخر من مسمياتها الجميلة والموغلة بالقدم بدلا من اسم المثنى كنت أتمنى لا أكثر.تبلغ مساحة محافظة المثنى بحدودها الإدارية الحالية 51 ألف كيلو متر وهي ثاني اكبر محافظة ومع ذلك هي اقل محافظة من حيث عدد سكانها الذي بلغ حسب الإحصاء المحلي لسنة 1997 حوالي نصف مليون نسمة وممكن أن يصل الآن الى مليون نسمة. توجهنا مع الزملاء باتجاه شارع الجسر لأنه يقع مباشرة باتجاه الجسر ومن ثم انعطفنا باتجاه شارع باتا، وسمي بهذا الاسم لوجود محل قديم لبيع الأحذية التي كانت تحمل تلك الماركة. كان الشارع عبارة عن ورشة عمل وبعض المارة تلاحظ على وجوهم ملامح التعب ومن أزيائهم تشعر بحجم الفاقة والعوز الذي تعيشه المدينة التي لو وجدت ضمائر نقية تعمل من اجل مصلحتها لأصبحت قبلة عالمية وليست عراقية فقط لما تمتلكه من كنوز أثرية ومعالم سياحية ساحرة بكل ما تعنيه كلمة السحر. دخلنا سوقها الذي يسمى (المسكوف) لتستقبلنا عطور النساء مع عطور المحال الممتدة، علما لا توجد في السماوة امرأة سافرة على الإطلاق، ولا وجود لكنيسة أو مواطنين مسيحيين في المحافظة، وذكر لي احد الزملاء انه كانت قديما عائلة مسيحية واحدة لكنها هاجرت منذ أمد بعيد إلى خارج العراق.يقول الشاعر والإعلامي عامر موسى الشيخ إن هناك مثلا معروفا ومتداولا عن السماوة (القادم لها يبكي وحين يغادرها يبكي أيضا)، ويقصد أن أكثر الناس المنقولين من محافظات أخرى إلى السماوة يأتون إليها مجبرين غير مخيرين لكنهم حين يتعايشون مع أهلها الممتلئين بالطيبة والصدق والمحبة والعشرة الرائعة يضطرون للبكاء عليهم لحظة الفراق. تحقيق موسع ص 13
السماوة.. من يدخلها يبكي ومن يفارقها ينحب
نشر في: 1 أكتوبر, 2012: 09:18 م