TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > العمود الثامن: مؤتمر وطني تحت شعار: جئنا لنبقى!!

العمود الثامن: مؤتمر وطني تحت شعار: جئنا لنبقى!!

نشر في: 1 أكتوبر, 2012: 09:45 م

 علي حسينكل ما يجري على الساحة السياسية الآن يثيرُ شكوك وسخرية الناس بكائن هجين احتارت الناس ماذا تسميه، مؤتمر وطني، اجتماع وطني أم ورقة الإصلاح؟ المواطن يدرك انه كلما طرحت بادرة للتقارب بين جيوش المتخاصمين، تشتعل الحرائق هنا وهناك، ليتم بعدها تنفيذ أوراق اللعب بالطريقة التي يريدها الفريق الأقوى، واعني به ائتلاف دولة القانون، لأنه يمتلك السلطة التنفيذية ويسيطر على السلطة التشريعية،
وتحت يديه خزائن العراق، عندما يحذر طرف سياسي ويهيب بالمواطنين الابتعاد عن الطرف الآخر، فهذا يعني أن الجميع مصرون على مواصلة ذلك الخطاب المحرض على الفوضى السياسية، فوضى تجعل من اجتماعات القادة مجرد دراما اجتماعية تنتهي بوعود وأمنيات واحتمالات، أكثر مما تقر بالتزامات واستحقاقات وإجراءات عملية ملموسة، وللأسف أن الناس التي تتابع هذه اللقاءات سيرمى لها بالفتات من التصريحات، باختصار شديد فان اجتماعات السياسيين تجري وفقا لمبدأ "انطيني وانطيك" وهو مبدأ يصلح للتفاوض بين الأعداء، لكنه لا يصلح لإدارة البلاد، خصوصا إذا كان كل المتفاوضين يحملون ماركة "الشراكة الوطنية". ما يحدث هذه الأيام من تراجعات ومراجعات، وتبديلات في المواقف وفي خرائط المطالب، يضعنا أمام أحد سيناريوهين: مزيد من الحرائق السياسية وافتعال كوارث أمنية واقتصادية، واستدعاء لنغمة الخطر القادم عبر مخططات أجنبية تهدد البلاد،أو إرجاء عملية الإصلاح المزعوم الى ما بعد الاستقرار الأمني، مع إمكانية استثمار المناخ في إضرام النيران في العملية كلها، في ظل حملة إعلامية تواصل اللعب على معزوفة غياب الأمن والخدمات، والتي يتصور البعض انها ستمهد لظهور بطل سياسي ينتشل الناس من الفوضى، ومن الواضح أن كل الكلام الناعم عن الإصلاح والعودة إلى الدستور، لم يكن سوى نوع من المناورة والمراوغة لامتلاك الوقت الكافي لتلغيم الأرض تحت أقدام الجميع لينفجر المشهد مرة أخرى وبصورة أعنف، لتدخل العملية السياسية بعدها ثلاجة الموتى، ليظهر بعدها صوت المذيع يزف لنا البشرى من: أن الحكومة استطاعت بجهود مخلصيها ومناضليها القضاء على الانقلابيين الخونة.. والله واكبر ويا محلى النصر بعون الله. من يقرأ خطب السياسيين ويستمع إلى وصلاتهم الكوميدية في الفضائيات سيجد أمامه صورة للعراق الذي يحلم به صبيان السياسة.. عراق يتحول فيه الحق إلى ضلالة والحياة إلى جحيم يكتوي بنارها البسطاء. هل تجعلنا بيانات السياسيين وخطبهم نشعر بالخوف؟ بالتأكيد. لأن، صورة البلاد ذات المؤسسات الفاعلة لم يعد لها وجود أصلا، بعد ان قرر الجميع ان يجعل من البرلمان مجرد صورة لديمقراطية زائفة، اليوم الكل يتحدث عن القضاء ودولة القانون ولكنهم يخططون في الخفاء لإعلان دولة "سياسيي الصدفة"، بل يذهب البعض منهم إلى إقرار تعليمات وقوانين تساند وتدعو إلى منطق الدولة التي مرجعيتها كل شيء إلا الإيمان بالديمقراطية الحقة.اضحك كلما يحاول ساستنا الأشاوس أن يصوروا لنا أنهم وحدهم القادرون على إنقاذ العراق من الكوارث، وأنهم ماسكو العراق ولولاهم لانفرط عقده.ما أتعس أن تُذرف الدموع كذباً دفاعا عن الأمان والاستقرار، متناسين ان عشرة اعوام من الفوضى في البلاد أحرقت الأخضر واليابس.كل كتب التاريخ تعلمنا إن صبيان السياسة وزعاطيطها لا يبنون بلدانا ، مهما كانت الشعارات التي يرفعونها والأكاذيب التي يأتون بها.الاستقرار والرفاهية لا تأتي أبداً بالشعارات فهذه أدوات استخدمت لصناعة الاكاذيب وتفريخ الانتهازيين والاصوليين. لماذا يتوهم ساستنا انهم حراس هذا الوطن والساهرون على أمنه واستقراره وإنهم اعمدة الخيمة العراقية ومن ثم تصبح مناقشتهم والاعتراض على الاعيبهم ونزقهم نوعا من التجديف، ومعارضتهم نوعا من الخيانة الوطنية، والمطالبة بالإصلاح السياسي وتقديم الخدمات ومحاسبة الفاسدين اقرب الى الزندقة والكفر وتخريب الأوطان. أيها الساسة : إن لم تكونوا متواطئين على تخريب حياتنا، فالمؤكد أنكم فاشلون وعاجزون عن إدارة "دكان صغير"، فكيف بوطن بحجم العراق. ايها الساسة لا نريد منكم شيئاً سوى ان تستمعوا جميعكم الى نجاة الصغيرة وهي تغني: نسألكم الرحيل.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram