TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > قرطاس: مقاومو الظلام

قرطاس: مقاومو الظلام

نشر في: 2 أكتوبر, 2012: 07:02 م

 أحمد عبد الحسينصحفيو جريدة الصباح في تونس الخضراء مضربون عن الطعام منذ خمسة أيام، احتجاجاً على تعيين مدير جديد لشبكة الصباح من قبل حزب النهضة الحاكم.وشبكة الصباح التي تضمّ صحيفتين هما "الصباح" و"لوتان" إضافة إلى مجلة "الأسبوعية"، هيمن عليها الحزب الحاكم مستغلاً إياها للترويج لمنجزاته المزعومة، والدعاية له في الانتخابات القادمة.
المدير العامّ للشبكة الذي عيّنه الحزب اسمه لطفي التواتي، كان يعمل شرطياً، ويبدو أن عمل الشرطة ما زال يسري في دمه بدليل أنه ـ مستعيناً بأفراد حمايته ـ منع منتسبي الجريدة المضربين من الدخول إليها بالقوة، وهو منذ تعيينه أقصى ثلاثة رؤساء تحرير وفصل عدداً من الصحفيين ممن يُشكّ في ولائهم للحزب الحاكم.محنة الإعلام بل الثقافة بعامة مع الإسلاميين واحدة في كلّ البلدان التي صعد فيها الإسلام السياسيّ بعون أمريكا في بدايات هذا القرن، في مصر كما في العراق وتونس الخضراء، حكومات تحمل ضوءاً أخضر من "سيّدة العالم الحرّ"، ولديهم مليارات من الأوراق الخضر المقدسة (الدولارات)، ويسكنون المناطق الخضراء، طريقهم خضراء، والعالم عندهم أخضر في أخضر. وقادة الأحزاب الإسلامية هؤلاء ككل قادة الأحزاب الشموليّة، جاءوا ليبقوا، أتوا وفي أذهانهم صورة أبنائهم يرثون كراسيهم وإمبراطورياتهم الماليّة التي أسسوها في سنوات قليلة بعد عمرٍ عاشوه في الفاقة.هؤلاء مطمئنون إلى غوغائية جمهورهم وتبعيته لهم، في العراق بعون من الطائفية التي جعلتْ سياسياً فاشلاً على كل الصعد منقذاً و"مختار العصر"، وفي تونس بعون و دعم خليجيّ كبير لقوى الارتكاس يعضده رضى أمريكيّ عرف أن مخاطبة النوازع الشعبوية لدى العرب كفيلة بتخديرهم. وجدوا ، هنا أو هناك، جمهوراً جاهزاً فأصبحت طريقهم خضراء، لكنّ النخبة المثقفة هي وحدها ما ينغص عليهم عيشهم، إضافة إلى الإعلام الحرّ الذي يأبى أن يكون تبعاً لحزب أخضر أو منطقة خضراء أو ورقة خضراء، فكان لا بدّ لقوى الارتكاس الحاكمة أن تهيئ للإعلام قادة جدداً مطيعين حبابين وصوليين يحبون الفلوس حباً جماً وبتأريخ غير مشرف لكنّ لهم سمت الأتقياء، تكفي لحية وسبحة، وإذا كانت في جباههم وسمة فسيكون قد هلّ هلال العيد.نشهد في البلدان التي تريد القوى الإسلامية فيها أن تتأبد، ولادة ديكتاتوريات من نوع مختلف، ديكتاتورية العقيدة، يبرع في صياغتها إعلاميون بلا ضمائر، مستعينين بأموال طائلة يسرقها بشتى الحيل أصحاب الأيادي المتوضئة الذين لا يتورعون عن إتيان كلّ الموبقات وارتكاب الآثام النفسية، في لعبة يتناوب فيها الدولار والقداسة على نحت صنمٍ جديد في ساحة أزيل منها تواً صنم قديم.إضراب الزملاء التونسيين في "الصباح"، مقاومة شريفة للظلام يجب أن تجد تعضيداً لها من قبل زملائهم العرب، لئلا تشرق صباحات العرب مرة أخرى على طاغية تسكنه روح زين العابدين أو صدام لكنْ بطلاء إسلاميّ.مع "الصباح" وصحفييها الأبطال ضدّ قوى الارتكاس وصانعي الديكتاتورية المدعومة بعون من امريكا والسماء!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram