سرمد الطائياضطر صيارفة طهران عصر يوم الاثنين الى اغلاق متاجرهم بعد ان تعرضت العملة الايرانية الى اقسى ضربة لها منذ العهد القاجاري، اذ فقد التومان خلال بضعة ساعات نحو 14 في المئة من قيمته وفقد الناس 20 في المئة من ثرواتهم.
rnالفقد والزوال يأبى ان يفارق خارطة الشرق الاوسط كما يبدو، والريبة وفقدان البوصلة جعل الصيارفة يتجنبون وضع اسعار للدولار واليورو في واجهة مكاتبهم لان سعر التومان يتغير بتسارع مخيف. وخلال 4 شهور مضت فقد نحو 60 في المئة من قيمته.rnماذا يحصل في بلاد فارس، وكيف لدهاء الفرس ان يتعرض لهذا الاختراق الكبير؟ ما هي صورة الشهور الايرانية المقبلة، ومن سيدفع ثمن هدر كل فرص التهدئة مع الدول الكبرى؟rnان سعر العملة المنهار والقيود التجارية جعل من الصعب العثور على المواد الاولية للصناعة، فالتهبت كل الاسواق من معارض السيارات الى دكاكين الالبان.rnساسة المنطقة لم يتغيروا رغم ان كل شيء حولهم تغير. ايران 2012 فيها الكثير من عراق 1990، وكل مفاجأة حصلت مع صدام حسين يمكن ان تحصل عشر اضعافها مع السيد نجاد، بحساب كل المتغيرات الدولية. وكل مفاجأة في طهران ستجد صداها في كل الدول مع صدى اشد وقعا في بغداد، التي لم تتبين طريقها حتى الان على خطوط التماس في المنطقة والعالم، ولم يكن لديها شيء لتقوله اكثر من البحث عن سلاح لدى الروس!rnكبار القادة الثوريين الذين عارضوا سياسات النظام، هم في السجن او في الاقامة الجبرية. جو كئيب وقاتم يخيم على الامة الايرانية التي لم تجرب ظرفا كهذا منذ حرب الثمانينات. والبلاد تخسر كل شهر خمسة مليارات دولار لان اوربا وآسيا لا تشتريان النفط الايراني.rnوبدل ان يؤدي الجو الدولي العدائي الى سلام داخلي او حوار، فإن عائلة هاشمي رفسنجاني ملاحقة بتهم قضائية كبيرة ومسيسة. وبدل ان تبادر القيادة الايرانية الى تجنيب شعبها وهو من اروع شعوب المنطقة، الشرور التي تنذر بها هذه التطورات، فإن حرس الثورة يقولون ان اسرائيل ستسقط عند اطلاق اول رصاصة ايرانية!rnاحد المعلقين الايرانيين كتب قبل يومين: ثروتنا القومية صارت مثل ثلج تحت الشمس. تذوب وتذوي تحت مطرقة العقوبات. ومراقبون يقولون ان مرحلة الايلام لم تبدأ بعد!rnالحكومة تؤمن حاجات شعبها عبر مقايضة النفط الخام بالرز والقمح. والسفن التي ترعى التبادلات هذه تخشى رقابة الغرب، فتنزوي في موانئ آسيوية مهجورة لاتمام صفقات الخسارة.rnصديق ايراني يقول لي انه خسر 50 في المائة من قيمة منزله وسيخسر اكثر لان اسعار العقار تهوي، فالجميع يريدون البيع ولا احد يشتري. وفي كل عائلة ازمة مشابهة.rnاذن لدينا شعب جديد في الشرق الاوسط مرشح للانسحاق في ميدان صراع بلا هوادة بين تشدد سياسي بشعارات دينية، وغضب غربي لا يسمح بتجاوز خطوطه الحمراء، وانهيار اقليمي شطب خارطة القوى التقليدية ولم يقدم لها بديلا راسخا بعد.rnرجل دين ومتصوف معروف هو اية الله جوادي آملي اختصر الامر خلال محاضرته الصباحية في مدينة قم بالقول: ليست العقوبات هي التي تصعب حياتنا. لقد تركتم القرى والارياف وجئتم للعيش في المدينة ومشاهدة كرة القدم. كل من يمتلك ارضا وماء ويجوع، تصيبه اللعنة التي جعلتنا ضعفاء وادت الى مضاعفة سعر الحليب بمجرد صدور العقوبات.rnليس صيارفة طهران وحدهم الذين يشعرون بالضياع ويجهلون حتى سعر العملة. الضياع هذا صار سمة الجميع كما يبدو. وحين يتيه الناس يحللون لانفسهم كل شيء، ويكفون عن تدقيق الحسابات وضبط المعايير. التائه جاهل مثالي، واجتماع اكثر من جهل في المنطقة الفاصلة بين سواحل المتوسط ومضيق هرمز، يضاعف كل اللعنات التي يتحدث عنها مدرس القرآن في مدينة قم.rn
عالم آخر :ايران: شمس تحت الثلج
نشر في: 2 أكتوبر, 2012: 09:36 م