TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > الغاية من اختيار هذه المسلسلات وعرضها بهذه الكثافة

الغاية من اختيار هذه المسلسلات وعرضها بهذه الكثافة

نشر في: 3 أكتوبر, 2012: 06:54 م

محمد الكحطيمكن التأكيد أن فضائية الـMBC  هي أول فضائية بدأت بشراء وعرض المسلسلات التركية، كانت البداية موفقة، لكن كثرتها والإفراط فيها هي نقطة سلبية، لعدة أسباب، ولنسأل عن السبب الذي يجعل هذه الفضائية وهي الأكثر مشاهدة في البلدان العربية كما أشارت العديد من نتائج الاستبيانات التي أجريت، الى أن تتوجه هذا التوجه، هل لرخص ثمن هذه المسلسلات، أم لغايات مدروسة مسبقا، هذا السؤال نطرحه على إدارة الفضائية وعلى القائمين بالاتصال فيها، وبالذات من هم وراء قرار شراء وعرض هذه المسلسلات. 
rn يمكننا أن نشير إلى بعض أسباب الاختيار.rnأولا: إن هذه المسلسلات تغطي ساعات بث كبيرة، ففضائية الـ MBC مثلا، تعرض في آنٍ واحد عدة مسلسلات تركية في اليوم في جميع قنواتها التي تبثها على مدار الساعة، وكذلك أبو ظبي ودبي، ويعاد بثها مرات عديدة في اليوم ومن ثم يتم عرض جميع حلقات الأسبوع لكل مسلسل أيام العطل أي الجمعة والسبت والأحد، وهذا يوفر تغطية لنشاطها، لساعات طويلة دون جهد كبير.rnثانيا: إن هذه المسلسلات تجذب مشاهدين بأعداد كبيرة، مما يكسب الفضائية قدرتها على الحصول على إعلانات تجارية وزيادة أرباحها.rnثالثا: اختيار مسلسلات ذات مضامين تتفق مع نهج القائمين بالاتصال في هذه الفضائيات أو تحقق أهدافا خاصة لمن يمتلكون هذه الفضائيات سواء كانوا أشخاصا أم حكومات، وقد يكون ذلك دون قصد لبعضها.rnرابعا: دوافع اقتصادية يمكن تقديرها، مثلا نجد اليوم العديد من رؤساء الأموال والمواطنين يفكرون بالاستثمار أو السياحة في تركيا. فكانت المسلسلات وسيلة دعائية ناجحة للسياحة أو الاستثمار في تركيا.rnخامسا: دوافع سياسية واجتماعية، من خلال عرض تلك الأفكار التي تحوي مضامين سياسية مقصودة في المسلسلات المعروضة، وهي عديدة، منها غرس أسلوب حياة جديدة يريدها المرسل في المجتمع.rnلقد عالجت بحق بعض المسلسلات العادات والتقاليد المتخلفة في الريف التركي بجدية، وأوصلت رسائل جيدة للمتلقين حول ضرورة إعادة النظر بتلك العادات البالية، ولا بد من نشر التعليم ومحو الأمية خصوصا للنساء في الريف، فهذا الزمان لا يتحمل بقاء تلك العادات كما هيّ.rnلكن من جهة أخرى قليلة هيّ الأعمال التي عالجت الصراع بين الفلاحين والملاكين أو بين العمال وأرباب العمل، أو عالجت أسباب الفقر في المجتمع.rnوكأن المطلوب من كل ذلك الزخم الكبير من المسلسلات التركية هو عكس ثقافة الغرب بكل ايجابياتها وسلبياتها، وغرسها في أذهان المشاهد العربي والتركي قبله، فحياة الترف والتحضر وقصص الحب والغرام وغرس الروح الاستهلاكية في المجتمع، وصور الانحلال الخلقي، وتدهور العلاقات العائلية وانتشار المافيات والعصابات وخلق صورة الرجل الفرد الخارق القادر لوحده أو مع بضعة أنفار على تغيير الواقع، وغيرها من المظاهر الاجتماعية الأخرى، ومن خلال التكرار ونجاح هذه المسلسلات فنيا سيتم بالإكراه شيئا فشيئا تغيير سلوك الناس كما خطط ورسم له المنتج والمخرج وكاتب السيناريو وصاحب الفضائية التي عرضت هذه المسلسلات. rnوالأنكى من ذلك أننا نرى في مسلسل "وادي الذئاب" أحداثا سياسية آنية تحدث في المنطقة  المسماة بـ "الشرق الأوسط" والمسلسل يرسم لنا كل شيء وكأنه مخطط له أن يغرس في أذهاننا ماذا سيحصل لاحقا لنكون مهيئين لاستقباله دون أي رد فعل، أي امتصاص رد فعل الصدمة مقدما، ومن يتابع هذا المسلسل بكل تفاصيله سيدرك جيدا ما أود قوله.rnهذا جعلني أتصور أن من بين المعروض الجيد هنالك ما هو سمٌ قد خلط مع العسل الذي نتناوله يوميا دون أن ندري أو نعلم، وأخطر السموم هي سموم العقل، فغرس كل تلك التوجهات والثقافات الغريبة عن مجتمعاتنا سواء العربية أو التركية، بسلبياتها وإيجابياتها، هو ما تهدف إليه معظم الأعمال المقدمة. rnوهنا أستعير استنتاج أحد زملائي الذي صرح وبعد نقاشنا حول الموضوع، بأن تركيا كانت يوما جسرا لنقل الثقافة العربية الإسلامية إلى أوربا، واليوم تحاول أن تلعب الدور نفسه ولكن بالاتجاه المعاكس أي نشر الثقافة الأوربية ونقلها إلى الدول العربية والإسلامية، فهل لدينا البدائل...؟rnهل عجزت الدراما العربية عن أن تقدم أعمالا توازي الأعمال التركية...؟rn هل لدينا نقص في كتّاب السيناريو أو في الفنانين من الممثلين والمخرجين...؟rnهل لدينا أزمة إنتاج فنية لا يمكن حلها، ومن يقف وراءها...؟rnهل هنالك سياسات تعيق حرية الإنتاج لأعمال تضاهي المعروض التركي..؟rnهل هنالك عوائق لحرية التعبير والإبداع في الدول العربية...؟rnأنتظر الإجابة من الذين يهمهم الأمر، وأتمنى ذلك.rnعلماً أنا لست ضد عرض المسلسلات التركية أو غيرها، لكن علينا أن نعرف ماذا نختار من مسلسلات، وعدم الاستخفاف بعقول المشاهدين، أو اللعب بمصيرهم، فواجب القائمين بالاتصال هو الرقي بالمشاهد العربي وتنوير وتطوير عقله  وذهنه، أم لديكم أهداف أخرى...؟ rnفشئنا أم أبينا، لقد أثرت المسلسلات التركية في المسلسلات العربية، وقلت مشاهدتها كثيرا، مما سيضعف الأعمال الفنية العربية، نحتاج إلى تشجيع الأعمال الفنية العربية، بل لتكن ظاهرة كثرة المسلسلات الأجنبية حافزا للفنانين العرب ليقدموا أعمالاًَ أكثر نجاحا.rnومن جهة أخرى، على المسؤولين في الفضائيات العربية أن يحسنوا الاختيار من المسلسلات الأجنبية، لا أن يتم عرض أية أعمال

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

بغداد/ المدى تنطلق فعاليات الدورة الخامسة من معرض العراق الدولي للكتاب، في الفترة (4 – 14 كانون الأول 2024)، على أرض معرض بغداد الدولي.المعرض السنوي الذي تنظمه مؤسسة (المدى) للإعلام والثقافة والفنون، تشارك فيه...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram