TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > مسلسلات بلا دراما.. ودراما بلا تشويق

مسلسلات بلا دراما.. ودراما بلا تشويق

نشر في: 3 أكتوبر, 2012: 06:55 م

حميدة العربي

حصيلة الدراما العراقية في رمضان هذا العام مجموعة كبيرة من الأعمال الاجتماعية والسياسية والدينية والسيرة الذاتية وما يسمى بالكوميدية، تراوحت مستوياتها بين الجيد والهابط، بعضها افتقد إلى ابسط واهم شروط الدراما إلا وهو الصراع، وبعضها الآخر امسك بخيط الدراما لكن المعالجة جاءت غير منطقية والحبكة غير متماسكة ينقصها البناء الدرامي المتصاعد.. وإذا توفر هذا البناء

 في بعض منها فقد افتقد حالة التأزم والتوتر التي تخلق التشويق  .وبعض الأعمال لا تخلو من استخفاف بعقلية المشاهد أو أن القائمين عليها ما زالوا يعتقدون أن القتل والعنف والانفجارات هي المواضيع التي تجذب الجمهور. وظهر ذلك جليا في ما قدمته قناتا البغدادية والعراقية. قدمت البغدادية مسلسل (القناص) ومن عنوانه يعرف محتواه، الذي ظل يقنص ويصطاد الأرواح البريئة دون أن يفكر أهالي المنطقة بمداهمة العمارة التي يحتلها، للقبض عليه أو قتله، إلا في الحلقة الأخيرة! أما مسلسل (طريق نعيمة) والذي تعاون عليه كاتبان فقد امتلأ بالخطف والقتل والتهديد والجهل، ونعيمة التي تدعي أن لها طريقا خاصا في الحياة، لأنها أمينة، امرأة جاهلة ومتخلفة وغير واقعية. ليس لها، فعلا منهج ايجابي في الحياة، تبنت الجرأة والشعارات والخطابات، أبناؤها أشرار وتركت ابنتها للسحرة يحلّون لها مشكلتها بطريقة همجية. فهل هذه هي المشاكل التي يعاني منها المجتمع فعلا؟ وهل هذه هي الأفكار التي ستؤسس لثقافة اجتماعية متحضرة، تساهم في تغيير العقلية الاجتماعية ايجابيا؟ وقدمت قناة العراقية، الرسمية، أعمالاً عدة لم تبتعد كثيرا عن المواضيع التي استهلكتها في السنوات الماضية وهي السياسة والعنف ومساوئ النظام السابق! منها ( باب الشيخ ) و( ضياع في حفر الباطن) الذي أثار جدلا واسعا قبل عرضه وتدور أحداثه قبل وإبان حرب الخليج الثانية ويروي قصة ضياع عدد من الجنود في صحراء حفر الباطن إضافة الى ممارسات النظام السابق. ثم مسلسل ( خارطة الطريق) الذي طرح فكرة مهمة عن الناس الذين يعيشون على أمجاد ماض مزيف ومستعدون لإتباع كل الوسائل غير المشروعة للحفاظ على مكانتهم ونفوذهم، إلا أن الصراع فيه لم يكن متكافئا بين المحامي جلال، الممثل للشر، وبقية الشخصيات، الضعيفة المهزوزة، التي لا حول لها ولا قوة لمواجهته فليس أمامها غير الانصياع والخضوع لذلك المحامي الذي يصول ويجول دون وجود منافس حقيقي لكي تتم معادلة الصراع الدرامي الذي يفترض وجود قوتين متكافئتين ومتساويتين. ولو افترضنا انه يقصد بشخصية المحامي النظام الدكتاتوري فأين هي المعالجة الدرامية التي تخلق الصراع؟ فما أهمية ان تعرض ممارسات الدكتاتور ودهاؤه في السيطرة على الشخصيات وترهيبها دون وجود من يقف في مواجهته او يعمل للإطاحة به، فالشخصيات كلها إما مريضة نفسيا أو لاأبالية أو جاهلة لا تفكر إلا في الحلقات الأخيرة وبشكل مفاجئ! لقد كشف المؤلف، سعد هدابي، كل شيء امام المشاهد عند منتصف العمل، ولم يبق إلا أن تكتشف الشخصيات حقيقة ما حصل، فلو أن تلك الجرائم حصلت دون كشف لفاعلها لزاد في غموض الأحداث وتناميها وبالتالي رفع درجة التشويق! يبقى أداء الممثلين، المحترفين والشباب أهم ما ميّز العمل. قناة الرشيد قدمت أعمالاً كوميدية باهتة ومسلسل ( بنت المعيدي ) وهي حكاية شعبية غير موثوق بحقيقتها وواقعيتها عن فتاة خارقة الجمال من اهوار الجنوب العراقي، يقال ان رجلا انكليزيا اعجب بها واخذها معه الى بلاده ثم اختفت اخبارها ورسم لها صورة ظلت تتناقلها الاجيال باعجاب، الا ان الكاتب المخضرم عادل كاظم قدم قصة مختلفة تماما، فالرجل الذي اعجب بها، باشا من بقايا العهد العثماني سلبها من اهلها بالقوة واعتدى عليها وانجبت منه ثلاثة ابناء ثم تركها واحتقرها. سيناريو العمل سطحي ومفكك بلا معالجة درامية او صراع، معظم الاحداث فيه طرحت بشكل اخباري، بحوارات عقيمة ولهجة هجينية، والشخصيتان الرئيسيتان عجوزان بلا اهداف، كل منهما يقضي وقته بالذكريات والتخيلات، ومما ساهم في ضعف العمل لجوؤه الى الاسترجاع ( الفلاش باك) في سرد الأحداث اضافة الى الإخراج التقليدي ورداءة التنفيذ والمونتاج، فالأحداث غير مترابطة وبعض المشاهد مقطوعة بشكل غير دقيق أو مبتورة بعنف. ثم الأزياء التي لا تمت إلى فترة الثلاثينات بأية صلة! يبدو أن الكاتب نسي أن الدراما الحديثة صورة وليس نقل الأخبار على لسان الشخصيات!   مسلسل (سليمة باشا) ،  يروي سيرة حياة المطربة سليمة مراد، وفيه عانى الكاتب فلاح شاكر من نقص حاد في المعلومات، فلم يقدم للمشاهد شيئا جديدا سوى المعلومات التي يعرفها الجميع، بأنها يهودية وأسلمت بعد زواجها من المطرب ناظم الغزالي ومنحت لقب باشا تقديرا لمكانتها الفنية ولم يتطرق إلى طفولتها أو بدياتها الفنية ومن اكتشفها وأوصلها وكيف.. الخ، فالأحداث تبدأ وسليمة كبيرة ومشهورة وملقبة بالباشا ولم يكن لشخصية سليمة أي ثقل حقيقي في هذا العمل، فقد تم التركيز على الطائفة اليهودية ومؤامراتها وحكاية تهجيرها وعلى رجال الشرطة والشعراء، الذين لم تربطهم أي صلة بالبطلة. وظلت سليمة بلا دور حقيقي سوى الاستماع لمشاكل أخواتها واهتمام صديقها حسيب بها حتى تقرّب منها ناظم الغزالي وتزوجا، فصار التركيز على غيرتها من معجبات الغزالي

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

بغداد/ المدى تنطلق فعاليات الدورة الخامسة من معرض العراق الدولي للكتاب، في الفترة (4 – 14 كانون الأول 2024)، على أرض معرض بغداد الدولي.المعرض السنوي الذي تنظمه مؤسسة (المدى) للإعلام والثقافة والفنون، تشارك فيه...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram