علي حسينيمكن التعامل مع خطب بعض الساسة العراقيين باعتبارها نوعاً من التسالي، على أساس أننا نعيش تخمة من الرفاهية والرخاء، فقررنا ألا نصادر حق احد في أن يتسلى بنا، ولأننا نعيش عصر سياسيي المايكروفون الذي طال كثيرا، ولان كل تسلية لها ثمن، فقد وجدنا من لا يريد لزمن التسالي ان ينتهي. ويمكنك عزيزي القارئ أن تضع التصريح الأخير للنائب علي العلاق في المساحة الواقعة بين تعالوا نتسلَ بكم او تعالوا نتسلَ عليكم، دون أن نبخس جهد كتيبة من السياسيين ستخرج علينا لتؤكد أن تصريح النائب العلاق هو "فخر الصناعة السياسية في العراق".
ففي حوار أجرته معه صحيفة الشرق الاوسط امس قال النائب علي العلاق ان "المالكي او ائتلاف دولة القانون لا يتحمل وحده المسؤولية عما يجري على مستوى التحديات، وأضاف العلاق ان المالكي رجل دولة وليس رجل طائفة حتى يبحث عن تحالفات ذات طابع عرقي او طائفي من اجل الاستمرار في الحكم تحت هذه اليافطة او تلك ". ربما اتفق مع النائب العلاق حول الفقرة الاولى من حديثة، فنحن ندرك جيدا اننا امام ساسة جمعوا من السلبيات والمساوئ ما يتجاوز كل الحدود.. وأمام سلسلة من الإخفاقات على كل المستويات سياسيا واقتصاديا، سياسيون فشلوا في مواجهة مشكلات وأزمات المواطن العراقي ابتداءً بالأساسيات وانتهاءً بكل مظاهر الحياة العادية، إنهم مسؤولون عن تخريب البلاد.. كلهم بلا استثناء اجتمعوا على سرقته واجهاض حلم ابنائه بالتغيير والديمقراطية. واعود الى العلاق لأناقشه في الفقرة الثانية من حديثه وأسأله: هل المالكي جزء من نظام طائفي ام انه كما يقول عابر للطوائف والمذاهب المكونات؟السؤال الذي طرحته سواء كان مهما أو لا، ستجيب عنه حتما الوقائع على الارض، فبرغم اننا نسمع كل يوم معظم السياسيين يصرخون بأعلى اصواتهم انهم ضد الطائفية، لكن الشواهد اليومية تقول انهم جميعا لا يؤمنون بالدولة المدنية، تحركهم الميول الدينية والطائفية، فهم اول من خرب نسيج اللوحة العراقية الأكثر ألواناً من مسلمين و مسيحيين وأرمن وتركمان وعرب وكرد وصابئة وايزيدية، ولهذا كنت ولا أزال اعتقد أن السلوك الطائفي للبعض من سياسيينا أكثر خطورة من كل العمليات الإرهابية التي تعرض لها العراقيون. ظاهرة سياسيي الطوائف استفحلت بالمجتمع العراقي في السنوات الأخيرة وبدأت تتفشى في قطاعات عريضة، وأصبحنا نرى برلمانيين ووزراء يستخدمون الورقة الطائفية لإقصاء خصومهم، ووصل الأمر إلى حد أن تغلق وزارة بأكملها لمكون طائفي واحد، لا لشيء إلا لكون الوزير ينتمي لهذه الطائفة أو تلك.مرة أخرى لا أتحدث عن الأشخاص، بل عن الظاهرة، واعتقد ان المالكي برغم كل التأكيدات التي يطلقها المقربين منه هذه الايام، فان الرجل جزء لا يستهان به من هذه اللعبة الطائفية، فلايزال الصوت الطائفي هو المهيمن على مكتب رئيس الوزراء، فلم اقرأ يوما ان احد مقربي المالكي ينتمي الى مكون طائفي او قومي اخر، وان الحلقة الضيقة التي تحيط به لا تنتمي الى مكون طائفي فقط،وإنما هي مقتصرة على حزب واحد يتولى رئيس الوزراء امانته العامة. السيد العلاق.. ان كلمات مثل التسامح والمواطنة وكل ما لا صلة له بالقانون، التي ظل يرددها المالكي ومعه عشرات السياسيين طوال الأعوام الماضية لم تصمد طويلا، أمام طموحات الزعامة الطائفية.وللتذكرة فإن المالكي وفي خضم الصراع على منصب رئيس الوزراء عام 2010 كان واحداً من الذين صعدوا إلى المنبر وطالب بالاستحقاق الطائفي، وطلب من انصاره أن يكبروا ويصرخوا، في تلك الأيام صال المالكي وجال باسم الطائفة، مكررا تحذيره للجميع حتى يستجيبوا لرغباته.غير أنه اليوم بقدرة قادر أصبح الاصطفاف الطائفي في نظر المالكي وجماعته حراما وعملا تخريبيا ضد الوطن، صحيح أن درجات الحرارة واتجاه الرياح وسرعتها عام 2010 تختلف عنها الآن ونحن نقترب من ولاية ثالثة، إلا أن فروق التوقيت والجو العام لا تكفي لتفسير هذا الانقلاب المذهل في الآراء والمواقف، ما يفرض عديدا من الأسئلة، منها: هل المحاصصة الطائفية حرام وخطيئة، كمبدأ عام عند ائتلاف دولة القانون، أم أن المسألة ترتبط بالظروف والأحوال الجوية والسياسية؟
العمود الثامن: الطائفية على طريقة دولة القانون
نشر في: 3 أكتوبر, 2012: 09:47 م