اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > الدولة بين التخريب والبناء

الدولة بين التخريب والبناء

نشر في: 5 أكتوبر, 2012: 07:05 م

يعقوب يوسف جبر قوة أية دولة تكمن في استغلال الموارد البشرية والطبيعية وتكييفها باعتبارها آلية اقتصادية نافعة تساهم في رفع مستوى الدخل القومي ، مما ينعكس إيجابيا على كافة المجالات ، لكن لم تصل الدولة الحالية في العراق إلى مستوى هذا الإنجاز رغم امتلاك العراق لثروات وإمكانيات هائلة ، ما تزال العديد  من المشاريع العملاقة معطلة ليبقى العراق سوقا استهلاكية للعديد من دول العالم مما يدل على تعطيل قطاعات مهمة كان من الممكن استغلالها لتدر عوائد وأرباح تصب في مجرى تطوير مستويات البناء والإعمار والاستثمار .
يمكن لنا أن نقرأ الاقتصادي والسياسي والإداري  مثلما هو واقع محطم جدا فالموازنات المالية التي أنفقت في السنوات الماضية تعرض جزء كبير منها للهدر والسرقة تحت مبررات مختلفة ، عوضا عن إحداث تنمية واسعة النطاق لانتشال البلاد من معاناتها ، فهل تسير البلاد بصورة معاكسة  ؟ وهل  الدولة لا قدرة لها بعد على عبور هذه العقبة ؟هل السبب غياب التخطيط والمنهجية واستفحال ظاهرة الإهمال والفساد الإداري والمالي ضمن صفقات سرية لا حصر لها ؟ تساهم النزاعات السياسية المحتدمة بين الاتجاهات السياسية المتنفذة في الحكومة والبرلمان في تضييع الموازنات وتعطيل عجلة الدولة الاقتصادية ، حتى أفرزت هذه الخلافات اتهامات يتم توجيهها للحكومة من قبل بعض أعضاء الحكومة وهذا بحد ذاته ضعف في مجال إدارة الحكومة ، كما أن بعض أعضاء البرلمان يمارسون نفس الدور عبر توجيه التهم للحكومة رغم أنها حكومة شراكة ، فمن يتحمل المسؤولية إذا كان الجميع يتهم الجميع ؟ من هو البريء ؟  ومن هو المذنب بحسب المعايير القانونية ؟ هل يمكن توجيه التهم وكفى ؟ هل نحن نعيش ضمن نطاق دولة تشهد تصدعا في الوعي السياسي ؟ من الممكن لكل الشركاء في الحكومة إعادة مراجعة التجربة الماضية والخروج بتوصيات جديدة للبدء بحركة بناء جديدة بعيدة عن إلصاق الاتهامات وبعيدة عن الصفقات المشبوهة ، ومن البديهي أن إجراء إصلاحات جذرية عبر اعتماد مبدأ التعاون وتعزيز الثقة سيساهم كثيرا في تفعيل مشاريع البلاد المعطلة ومنها مشاريع البنى التحتية المعطلة .لا يكاد قانون تفعيل البنى التحتية يرى النور حتى انطلقت الاتهامات والشكوك لتطال جهة معينة في الحكومة ، لكن ماذا عن الشركاء الآخرين في الحكومة من اتجاهات أخرى هل هم خارج نطاق التأثير في عمل مجلس الوزراء؟يبدو أن حكومة المالكي قد تحولت إلى ميدان خصب لإحياء نزعة الخلافات والصراعات بين الكتل السياسية فالكل بريء من دم يوسف ، كما أن البرلمان هو الآخر قد تحول إلى برلمان لصناعة التهم والخلافات واستهداف الآخر ، عوضا عن أن يتحول إلى برلمان لصناعة الدولة وبناءها وتفعيل مشاريع البنى التحتية .بين الاتجاهات المتنازعة يقف المواطن أعزلا لا حول له ولا قوة حائرا ماذا يصنع ، فلا جدوى من  مناشداته ولا منفعة من انتقادات نشطاء الرأي العام ، ليس في يد المواطن من حيلة إزاء ما يجري حتى بلغ درجة اليأس من الانتظار والصبر .فمتى يفيق السياسيون الشركاء والفرقاء من سباتهم ليبنوا الدولة ما دام القرار السياسي والإداري بأيديهم فقط ؟ بينما لا يملك المواطن لنفسه نفعا ولا ضرا لأنه بلا نفوذ وتأثير ، يمكن تشبيه الدولة الحالية بأنها ميدان لترسيخ جذور مبدأ الصراع لتحطيم المواطن والوقوف بوجه كل المشاريع التي تساهم في بناء الدولة .لن تصلح بعد اليوم المبررات التي يتذرع بها السياسيون من جميع الاتجاهات لتجميل وجوههم وستر معايبهم وفضائحم ، وبات من اليقين وبحسب المعطيات على الأرض أن مشروع الدولة معطل فهل يمكن لنا أن نطلق عليه مشروع تخريب الدولة لنكون منصفين وموضوعين في وصف الحالة وتشخيص أسبابها ؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram