حازم مبيضين دخلت الأزمة السورية منعطفاً جديداً, نتيجة للتوتر المتفاقم على الحدود السورية التركية, والذي تمت ترجمته خلال الأيام الماضية إلى سقوط قذائف هاون سورية داخل الأراضي التركية, وما تبع ذلك من قصف مدفعي شنه الجيش التركي ضد مواقع القوات السورية القريبة من الحدود, وأدى إلى مقتل عدد من الجنود السوريين, وليس مستغرباً أن هذا القصف جاء من غير رد, ما يشي بأن دمشق تراجع موقفها تجاه جارتها الشمالية القوية, وتراقب الوضع,
rn بعد أن فوض البرلمان التركي الحكومة بشن عمليات عسكرية داخل الأراضي السورية, كلما اقتضت الضرورة ذلك.rnرغم الإعلان التركي بأن التفويض البرلماني لا يرقى إلى إعلان حرب, فإن اشتماله على فقرة تجيز الهجمات داخل الأراضي السورية, يعني أن الباب سيكون مفتوحاً حتى لاحتلال بعض تلك الأراضي, ووضعها لاحقاً بتصرف مناوئي الأسد, وبكلمة أخرى إنشاء مناطق آمنة, محرمة على الجيش النظامي بكل تشكيلاته, خصوصا سلاح الطيران, وهو اليوم القوة القتالية الأكثر فاعليةً ضد مقاتلي الجيش الحر, الذي لم يمتلك بعد أسلحة تؤهله لمواجهة مثل هذه الهجمات, وإذا امتدت المناطق الآمنة إلى تخوم حلب, وتم منع الطيران العسكري فوق المدينة تكون الصورة قد تغيرت بالكامل, وما على الحكومة السورية غير الاعتراف بفقدانها السيطرة على البلاد.rnإذا كانت قذائف الهاون التي أطلقت من سوريا وقتلت بعض الأتراك, صادرة عن الجيش النظامي, فإن دمشق تكون قد ارتكبت خطأً قاتلاً, ولم تحسب النتائج جيداً, أو لم تتوقع حجمها, خصوصاً الدعم الدولي الكبير للقرارات التركية, والتنديد بما ارتكبه النظام السوري, واعتبار ذلك عند كثيرين تهديداً للسلم العالمي, وإذا كانت دمشق توهمت أن الحادث سيمر كما مرت حوادث مشابهة, وقعت عند الحدود الأردنية واللبنانية والعراقية, فإنها تكون مصابةً بعمى الألوان, وغير قادرة على رؤية أبعد من مواقع القدمين, وغير مدركة للنتائج الوخيمة المترتبة على فعلتها, والتي أوجبت عليها فوراً التقدم باعتذار, لم تسمع أنقرة صداه, ولم يلامس أذن واحد من المسؤولين فيها.rnيرى البعض أن قذيفة الهاون السورية كانت محاولة لخلط الأوراق, في سياق السياسة المعتمدة عند النظام, والقائمة على التهديد بأن الأزمة السورية لن تتوقف عند حدود جغرافيتها, وأنه لابد لشررها أن يشعل حرائق في المنطقة المحيطة, وهي في ذلك تعتمد على قوة تحالفاتها مع إيران وروسيا, غير أن الواقع يقول إنه لا طهران ولا موسكو على استعداد لخوض معركة دفاعاً عن النظام القائم في سوريا, وأن بعض المساومات قد تقود إلى التخلي عنه, وتركه لمصيره الذي سيكون قاتماً وشديد السواد, وعندها ستكون بعض العواصم التي تقف اليوم معه قبضت الثمن, ويكون عليه دفع أثمان مضاعفة.rnجاء الرد التركي سريعاً وحاسماً, وكأنه ينوب عن رد أطلسي توقعه البعض بحكم عضوية تركيا في الحلف, غير أن هذا التحالف الذي يضم 28 دولة لايبدو في وارد الانخراط في النزاع المسلح في سوريا, وإن كان أيد الخطوة التركية في هذا المجال, وفي المحصلة فإنه لايمكن النظر إلى ما جرى عند الحدود التركية السورية كحادث عابر, يمكن تطويق ذيوله, بقدر ما نحن أمام انفتاح بوصلة الصراع في سوريا لتشمل دولةً كبيرةً ومستعدةً وقادرةً على لجم أي طموح عند النظام السوري للقضاء عسكرياً على مناوئيه, وليس غريباً أن الحليف الأكبر للرئيس الأسد في طهران التزم الصمت حتى الآن تجاه هذا التطور في الأحداث.rn
في الحدث:بين تركيا وسوريا.. هل هي الحرب
نشر في: 5 أكتوبر, 2012: 09:55 م