TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > أحاديث شفوية : السلاح والسياسة

أحاديث شفوية : السلاح والسياسة

نشر في: 5 أكتوبر, 2012: 10:18 م

 احمد المهناكان السلاح على الدوام سياسة قبل أن يكون تجارة. وكانت صفقة الاسلحة التشيكية لمصر عام 1955 عنوانا لأكبر تغير سياسي في المنطقة والعالم. وقد سميت التشيكية تمويها لأنها كانت روسية. تلك الصفقة أول لقاء بين العرب وبين السلاح الروسي. وهو اللقاء الذي فتح باب الرزق على أوسع أبوابه أمام الاتحاد السوفييتي، حيث انقسم التسلح في العالم الثالث بعدها الى غربي وشرقي.
rn ومنذ ذلك الوقت، حتى نهاية الحرب الباردة، اصبح السلاح في العالم النامي هوية سياسية. فقد كان تعبيرا عن الانحياز الى أحد قطبي الحرب الباردة. وعلى العموم كانت الدول ذات التسليح السوفييتي توصف على نحو أو آخر بأنها "ثورية"، بينما توصف الدول ذات التسليح الغربي بالمحافظة أو الرجعية. ومثلما كانت الثورات أو الانقلابات العسكرية في المنطقة عبارة عن تغيير في السياسة، كانت كذلك عبارة عن تغيير في السلاح. وهكذا فان الجمهوريات العربية جميعا، باستثناء تونس، اضحت سوفيتية التسلح. في المقابل فإن الملكيات والامارات العربية غربية السلاح. ومثلما كان انقلاب السادات بعد كامب ديفيد سياسيا، كان عسكريا أيضا. فقد تحول على اثره سلاح مصر من الشرق الى الغرب.rnوأخيرا غدت اسواق السلاح الروسي في المنطقة مقصورة على سوريا وايران. ولكن ها هي الأزمة السورية تعيد فتح سوق العراق أمام السلاح الروسي، مع الاعلان عن صفقة تسلح بنحو 5 مليارات دولار، من المقرر ان يبرمها رئيس الحكومة نوري المالكي خلال زيارته المرتقبة الى موسكو. ولا يمكن النظر الى هذه الصفقة بمعزل عن تغيير ما في سياسة الحكومة العراقية. وقد كانت هذه السياسة طوال الأعوام الفائتة مسرحا للنزاع بين الدورين الأميركي والايراني. وكانت براعة المالكي تكمن في الموازنة بين الدورين لتكريس نفوذه وتعظيم فرصه في البقاء السياسي.rn ولكن يبدو ان الأزمة السورية، ورجحان النفوذ الايراني على الأميركي في العراق، حدا من قدرته على الموازنة. وسوريا بالنسبة الى ايران أهم مصلحة استراتيجية في العالم العربي. وهي مع العراق امتدادا الى حزب الله في لبنان العنوان الأكبر لنفوذها الخارجي. وبدوره فإن التحالف الشيعي الحاكم في العراق يستشعر الخطر من تغيير سوري لن يكون قطعا صديقا لايران، ولا لبغداد "محايدة" تجاه طرفي الصراع في سوريا. ان العامل الطائفي يرغم الحكم الشيعي في بغداد على أن يكون طرفا في "جبهة الممانعة" التي تستقوي بروسيا السياسة والسلاح اليوم، مثلما كانت الجمهوريات العربية تستقوي بها في عصر الحرب الباردة. rnوالفارق ان التكافؤ، أو وهم التكافؤ في القوة، كان سائدا في الأمس على جبهتي الحرب، بينما الخوف يحكم اليوم "جبهة الممانعة" وظهيرها الروسي، وحتى الصيني الى حد ما. واذا أمكن نسبة الخوف الروسي والصيني الى شبح التدخل الغربي في الشيشان والتبت، ولذلك هما ضد مثل هذا التدخل في سوريا، فان خوف الحكومات والقوى الشيعية يأتي من أسباب تقع في الماضي وأخرى في المستقبل. فبالأمس كانت "المظلومية" التاريخية المعهودة. وفي عالم يتقدم نحو الديمقراطية وحقوق الانسان فإن حكومات الطوائف، المستقتلة على السلطة والثروة، ستبقى  دائما مهددة.rnأما سلاح روسيا اليوم فلن يكون مصيره أقل بؤسا من مصير السلاح السوفييتي. انه تكرار اسطوانة أكلاف المال والمعاناة التي تدفعها شعوب المنطقة. فما من دولة روسية التسليح عرفت الاستقرار. إن فاقد الشيء لا يعطيه. rnrn

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram