ياسين طه حافظوأنا أقرأ كتاب الأستاذ رضا الظاهر "أمير آخر مطرود" انتبهت إلى تنظيمة العقل المهيمن من خلال أحكام واستنتاجات العقل الذكوري والحديث عن نماذج النساء في الروايات البريطانية.الأستاذ الظاهر، بسعته الثقافية وحداثة مصادره جعلنا لا نرى النساء في الروايات البريطانية
rnحسب، ولكنه أرانا أيضاً النشاط العقلي الذكوري في التقلّب مع ما يريحه وما يُدين المرأة. ولعل هذا يتضح في الفصل الخصيب الذي تناول فيه بطلات شكسبير ، وأنا مدين له في أمثلتي.. فأوفيليا، البريئة والضحية، لم تنجُ من إدانة العقل الذكوري فهي ضعيفة تخضع لتأثير وسيطرة المحيطين بها وهي عاجزة عن التعبير عن مشاعرها العميقة ويؤدي اضطرارها الى كبت مشاعرها الى جنونها.. إن احداً لا يكلف نفسه ويعزو كل هذه مجتمعة الى الهيمنة القاسية، لضغط وتحكم والدها والملك.rnوجرترود، أم هاملت زوجة الملك، هي في الرأي الذكوري شخصية ضحلة لا تفكر إلا بجسدها وفي متعها الخارجية وإنها كريهة لأنها جنسية، وهي ليست امرأة تزوجت ملكاً جديداً، بل زانية! ولم يشفع لها أنها كانت تحاول أن ترى الناس يعيشون بأمان حتى أنها تدفع التهم عن هاملت، تكذب، لكي لا يتعكر حال الناس وإنها تريد حماية هاملت وحماية كلوديوس وتهتم بأوفيليا ... هذا كله، نعم ولكنها زانية !rnولا يشفع للسيدة ماكيث سعيها السياسي في زمن مضطرب، وإنها حين ضعف زوجها عن التنفيذ ما أرادت لـ السقوط وافتقاد هيبته الذكورية ، فأدت المهمة عوضاً عنه أي أعطته عزمها وقوتها وقدرتها الآنية على الانجاز ... ما ظل من هذا كله أن المرأة تحدث فوضى ، وتثير متاعب أن تدخلت في السياسة. علماً أن كلاً من جرترود ام هاملت أرادت ملكا جديداً للدنمارك، وليدي ماكبث أرادت ملكاً، ورجّحت زوجها.rnفي انتونيو وكليوباترا تنقلب ادوار الجندر إذ يصبح انتوني هو الضحية. تقيده قواعد مجتمع روما البطرياركي، التي تريد منه الاحتفاظ بذكوريته وينأى عن السمات الأنثوية في الرغبة والعاطفة والحب. وبهذا هو ينال جنساً ولا يقدم حباً أو رغبة وبهذا أيضاً يكون دور العاشقة تابعاً للدور السياسي للرجل. وحين تختار نفسه الحب بدلا من السياسة، ينتصر على نفسه عبر انتحاره. إذن هو يقتل نفسه عندما يحب. بينما حين "يحب" عطيل يقتل دزدمونة "حبيبتَه" .rnإذن أن تحب المرأة إما أن تقتلها أو تقتل نفسك. ما المطلوب إذن؟ المطلوب ضمن هذا التفكير ان نأخذ من المرأة الجنس. نجردها من انثويتها. وما يعقب أخذ الجنس منها، هو اللاحب واللاعلاقات انسانية. ومهما ابدت المرأة من طاعة، من خضوع، من براعات ، وحتى من طاقة عضلية، لا ينقذها هذا من الاتهام بالنقص، وبالارتباط بالاخطاء والشرور. فدزدمونة البارعة ، الذكية قبل الزواج تحولت الى خاضعة بعده. لكن الخضوع لم يدفع عنها القتل. أي لم يدفع عنها سلب انثويتها. المطلوب بعد كل الاسباب، هو إلغاء إنسانيتها. هذا المجتمع هو نفسه الذي جعل اوفيليا تفقد عقلها. ومثل هذا المجتمع ما يزال يدفع بالعشرات في مجتمعنا العراقي الى الانتحار. وهو العقل المهيمن الذي يضايق المرأة حتى في اوساط النُخب، اذ يتعاملون مع المرأة صيداً، للشراء او للهو بأجر – والأجر له اشكال كثيرة .. يعرفها المتربعون في المواقع العليا كأن يكون مِنَحاً، عوناً او تمشية اعمال.rnوفي العمل ، دائرة ، صحيفة أو مصنع، يريدون منها الانجاز المتقن و "الشكل" الأجمل والرقة والحياء ... الخ. ويريدون مع هذه كلها فرص الاستباحة بأيّ من طرق التودّد أو الاحتيال الجنسي. rnلكن، في الجانب الثاني، هي ليس لها الحق في ان ترى عملاً جيداً و "شكلاً" جميلاً وادباً وحياءً من الرجل. وليس لها الحق ايضاً في أن تحب وترغب. هذا الأمر قواعده مؤكدة في المنظمة الذكورية. وقواعد تلك المنظومة لها تذييل يمنح الذكورية حق التدخل في ألاّ تلبس كما يريح روحها وذوقها وثقافتها وتحضرّها. هم يريدون منها ما يريحهم!rnهذا المنظور القديم والمزمن يلاحق اليوم، الاديبات والفنانات والصحفيات وحتى الطبيبات وسيدات القانون.rnهذا يعني، اننا في الاوساط الثقافية، نكتسي بالثقافة ولا نمتلكها في عقولنا. هي ثوب خارجي وراءه رداءة وتخلف وبذاءات. وراءها كذب على العصر والناس. ثم أن الثقافة ليست شبكة للصيد. هي مكون حيّ للشخصية. إن فقدت حيويتها، بمعنى دورها الأخلاقي، ما عادت ثقافة، يمكن ان تكون سجل معلومات. لا فرق إن كانت على الرف أو في رأس أحد من هؤلاء.rnوحين يجري حديث الادانات الأخلاقية، يحضر العقل الذكوري ثانية وبقوة: إنها هي التي ابتسمت أو ارتاحت للكلام أو لزمت الصمت ... إذن حتى الادب واللياقة الاجتماعية منها مدانان . فهي يجب أن تتحول ذكراً يصفع ويشتم ويحتال. معنى هذا الكلام أن تتحول عيوب الذكر ورذائله إلى ميزات وفضائل. وعلى المستوى السياسي والاجتماعي العام والفكري، أن تتحول السلبيات والمآخذ بل حتى الجرائم إلى ايجابيات تُمتَدَح.rnوهذا واحد من الجوانب التي اتصلت بها الحركة النسوية العالمية بالتمرد والرفض السياسيين، فضلا عن قضية الحرية الأساس. من هذا نستنتج أن تنظيمات العقل الذكوري وتركيبت
فـي القضية النسوية ..العقـــــــل الذكـــــوري: إعـــــــادة صنـــع
نشر في: 6 أكتوبر, 2012: 07:14 م