اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > في سيرة ذاتية جديدة..ديفيد فوستر والاس.. حياة وحب وخيال

في سيرة ذاتية جديدة..ديفيد فوستر والاس.. حياة وحب وخيال

نشر في: 7 أكتوبر, 2012: 07:24 م

ترجمة/ أحمد فاضلفي روايته الضخمة "دعابة بلا حدود" وصف ديفيد فوستر والاس الاكتئاب بأنه أشبه بسمكة قرش بيضاء كبيرة كثيرا ما تسبب الألم أو الموت، وهذا الوصف يؤكد عمق الاضطراب النفسي الذي تعرض له والاس والذي أوصله بعد أربع سنوات من الإصابة به إلى صدمة الانتحار ، دي . تي .
 ماكس الكاتب الأمريكي يعطينا تقييما لحياة والاس في سيرة ذاتية جديدة عنه صدرت مؤخرا عن دار نشر فايكنغ بالولايات المتحدة الأمريكية حملت عنوان "كل قصة حب هي قصة خيالية: حياة ديفيد فوستر والاس"، يكشف فيها جوانب خفية من قصة حب كان يصفها دائما بالخيال، ورسم أيضا خرائط لمنابع رؤيته الفلسفية والكتاب برمته يجسد نضال والاس ضد الاكتئاب الشديد الذي عانى منه طويلا ومعركته معه التي واجهها ليس بالكتابة فقط بل في عمله كأستاذ في كلية بومونا في كليرمونت بولاية كاليفورنيا لسنوات قليلة.نما كتاب السيد ماكس هذا ليس فقط على ما دار من مناقشات محمومة في رأس والاس من قبل ولكنه أيضا تنقّل في الحياة اليومية له، كما كتب ذلك في مقال في مجلة نيويوركر عام 2009، وقد عاد في كتابه هذا ليعتمد على مراسلاته ومقابلاته مع عائلته وأصدقائه ووكيل أعماله، وكذلك اعتمد على دراسات سابقة أخرى أبرزها كتاب "حوارات مع ديفيد فوستر والاس" الذي حرره ديفيد ليبسكي، لكنه لا يلقي الكثير من الضوء على قرار والاس بعدم تناول الدواء الذي كان يساعده على احتواء مرضه الذي تعاظم عليه خلال سنواته الأخيرة من عمره التي انتهت بانتحاره، فقد راهن على عناده ذاك بعد تعرفه على الفنانة كارين كرين التي أحبها وتزوجها بعد ذلك مع أن ماكس لم يقدم صورة مفصلة في كتابه لمغامرات والاس العاطفية عندما كان شابا بل مر على تفاصيل حياته الدراسية وكيف أصبح مدرسا للفلسفة متأثرا بوالده أستاذ الفلسفة بجامعة إلينوي ووالدته مدرسة اللغة الإنكليزية اللذين كانا غير متأكدين من ولوجه الفلسفة بعد أن قدم طلبا إلى كلية الحقوق لكنه قرر في النهاية تحقيق رغبات والديه، والاس يظهر هنا على انه كتلة من التناقضات حتى في آرائه التي كان كثيرا ما يدلي بها في مقابلاته التلفزيونية ، في إحدى تلك المقابلات وحسب ما يرويه ماكس أن والاس اعترف بتأثير دون ديليلو وتوماس بينشون ودونالد بارثلم ودويستويفسكي فيه ما ظهر ذلك واضحا في أغلب أعماله التي تأطرت بخيال حاول رسمه بعناية وتلاعب بالألفاظ في أغلبها واهتمام بالميتافيزيقيا، خضعت جميعها كرغبة أكيدة وجدية منه على البحث في متاعب الإنسان وعواطفه، وعلى الرغم من أن القارئ قد لا يتفق مع كل ما طرحه ماكس في تعليقاته على روايات وقصص والاس القصيرة، لكنه استطاع أن يقترب من تطور أفكاره واستراتيجيات سرده، بدءاً من روايته الأولى "مكنسة النظام" إلى "الملك الشاحب" التي نشرت بعد وفاته في عام 2011، ماكس كان قد لاحظ وهو يقلب خطابات والاس أن روايته "دعابة بلا حدود" التي تعود كتابتها إلى العام 1986 غلب عليها مفهوم ما بعد الحداثة بعد افتتانه به وتمكنه من تحديد مساحة أو "مساحات نشاطه"، إذ أن حركة هذا المصطلح باتت ناشطة وفاعلة في كافة الفضاءات الثقافية الغربية السياسية منها والاقتصادية والتعليمية والاجتماعية والفلسفية والأخلاقية والنفسية والمعرفية والأنثروبولوجية وغيرها ، فهي كمفهوم عمّ أنواع الدراسات الحديثة كافة التي تتناول مختلف النشاطات والفعاليات الاجتماعية الثقافية اليومية. والاس استطاع توظيف ذلك المفهوم في روايته الطويلة التي لم يستطع إكمالها بسبب انتحاره المفاجئ هي "الملك الشاحب" فقد ولج عالما أساسه المادة مبني على الروح البيروقراطية المتفشية بين مجموعة من العاملين في مصلحة الضرائب كان ناقدا لها بدون سخرية هذه المرة كما تميز بكتاباته من قبل وهو ما قاله صديقه وناشر كتبه مايكل بيتش ، في روايته هذه يطرح والاس على القارئ مناقشة قانون الضريبة الذي يعاني منه المواطن الأمريكي خاصة في زمن الحرب والهزات المالية ، وهي سابقة لم يعرفها الأدب الأمريكي من قبل مع ما تناوله فيها من إرهاب ورعب يسكن في زوايا تلك المصلحة بلغة دقيقة واستطراد بارع وتحليل نفسي لأغلب العاملين فيها خاصة من يحمل صفة مفتش، ملمحا إلى أن الملل والضجر يعشش في ثنايا مكاتبهم وأنه تشتت شيطاني مخيف يراه والاس نهايته الموت وروتين يومي قاتل نعيش تحت رحمته يمر دائما من أمامنا وأن كل يوم نفقده فيه لن يعود، وكذا هي السعادة كما يعبر عنها والاس هي القدرة على عيش اللحظة الحاضرة للعثور على واحد من الثانية من الفرح زائدا الامتنان على النعمة أن أكون على قيد الحياة وهو ما لم يكن قادرا على تحقيقه ما منح لروحه القلقة التي كانت ترى العالم صغيرا مع كل ذلك الاتساع والتمدد ضوءا أخضر كي يصعد الى شرفة منزله في كليرمونت بولاية كاليفورنيا في 12 سبتمبر/ أيلول 2008 ويلف على رقبته حبلا ليشنق نفسه بينما كانت زوجته خارج المنزل مخلفا وراءه أكواما من المخطوطات بما في ذلك مسودات وإسكتشات متنوعة أراد بها أن تكون دالة عليه كإنسان يفهمه العالم.عن/ صحيفة نيويورك تايمز

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram