محمــد سلمــان مهـــودر يواجه قطاع الدواجن في العراق أزمة مستعصية كحال القطاعات الإنتاجية الأخرى، وتتجسد هذه الأزمة باختلال المقومات الرئيسة للإنتاج وكذلك تبعية هذا القطاع وخضوعه لسياسات واقتصاديات دول الجوار والدول المنتجة الكبرى للدواجن في العالم
والبعيدة بآلاف الأميال عن بلدنا وكذلك إباحة حدودنا الوطنية وأسواقنا لبضائعهم وسلعهم ومنتجاتهم. يتعرض القطاع لتراجع كبير في العملية الإنتاجية نتيجة سياسات اقتصاد السوق المشوهة التي حصلت بعد عام 2003، ولا ننسى ما حصل من نهب وسرقة لحقول الدواجن والقضاء على الكثير من مشاريع الدولة وشركاتها، وكان قطاع الدواجن قد تضرر وتأثر كثيراً بهذه الظاهرة اللاأخلاقية والسيئة.وتمخضت هذه السياسات عن تعطيل قوى الإنتاج ومستلزمات تشغيل وتطوير الإنتاج بعد إباحة منافذنا الحدودية لكل المنتجات والسلع والبضائع الأجنبية تحت عنوان (حرية التجارة The Trade freedom ) وإدخال البضائع والمنتجات السيئة والرديئة في ظل غياب المؤسسات الرقابية والسيطرة النوعية وليومنا هذا بعد أن استشرى الفساد في المنافذ الحدودية والتي أصبحت لها اليد الكبرى للقوة والنفوذ بفرض سيطرتها وهيمنتها وتلاعبها على القوانين والإجراءات الحكومة المركزية تحت حماية حيتان السلطة ومافياتها القادرة على إفشال أي مشروع وطني مستقبلي واعد.وقد أدى التردي والتراجع إلى تعطيل وتوقف الكثير من المشاريع الرائدة عن الإنتاج لعدم تكافؤ المنافسة بالإضافة الى الوضع الأمني المضطرب ما أدى إلى إحالة الآلاف من الأيدي العاملة في هذا القطاع إلى البطالة وانقطاع مصادر دخلهم المعيشي لاسيما وان البلد كان يمر بظروف أمنية واقتصادية صعبة للغاية مما قد يؤدي إلى هروبهم والتجائهم الى حواضن أخرى غير مضمونة النتائج.القطاع اليوم يواجه صعوبات كبيرة في المساهمة في إغناء سلة الغذاء العراقية وسد الحاجة المحلية من لحوم الدواجن وبيض المائدة وبيض التفقيس ونحن على ثقة ويقين بأن القطاع يمتلك الإمكانات والبنى التحتية مما تؤهله إلى أن يلعب دوراً رئيسيا في دفع عجلة الإنتاج الحيواني والارتقاء إلى مستويات عالية ومميزة في الناتج المحلي الإجمالي لو كانت هناك إدارة سياسة وطنية صادقة وحقيقية في حماية هذا القطاع من التشوهات والتناقضات وإنقاذه من الإدارات السيئة التي تطوقه وتشله وتقوم بإجهاض كل المحاولات الحقيقية لإعادة نموه وتطوره.ورشات عمل لتطوير القطاع في ضوء ورشة العمل الأخيرة التي أقامتها الشركة العامة للبيطرة التابعة لوزارة الزراعة، والتي سلطت الضوء على التحديات والمعوقات والصعوبات التي يواجهها هذا القطاع وخاصةً بعد الجهود المبذولة لكوادر الشركة العامة للبيطرة في النشاط الفيروسي والإمراض الوبائية والمستوطنة في كل الدوائر البيطرية في الحد والسيطرة على المسببات الكثيرة في هلاك القطعان الكثيرة من القطعان الدواجن والتي أدت إلى خسائر كبيرة في الأموال والجهود ما أدى إلى توقف وعزوف الكثير عن الإنتاج .إننا نعتقد اليوم انه قد آن الأوان إلى تبني إستراتيجية وطنية استثمارية وهذه الإستراتيجية هي ضرورة ملحة للقيام ببداية صادقة ونية حسنة بإعادة الحياة إلى هذا القطاع بعد تضافر كل الجهود الخيرة والمنتجة في إنجاح هذا المشروع لأننا قد اُستِهلكنا واُنهِكنا من الإجراءات الترقيعية والمرحلية من عام 2003 ولغاية اليوم وقد أنفقت أموالا كثيرة على أشكال مختلفة من منح ومساعدات ومبادرات زراعية إلا انه للأسف ذهبت وأحرقت هذه الأموال بعد أن توجهت إلى مآرب أخرى وأوجه صرف أخرى في غير اتجاهاتها المتخصصة للإنتاج والتي أدت إلى عواقب ومشاكل كثيرة متسببة بأثقال الدين والعجز عن التسديد وتعقيد الإجراءات المالية والمحاسبية والاختلالات الكثيرة في المصارف الزراعية ومؤسسات التمويل الحكومية وبسبب تعرض المنتجين الى المعوقات التسويقية واختلال السياسات السعرية وعدم إمكانية التصدي والمنافسة أمام السلع والبضائع الأجنبية نتيجة استمرار عملية الاستيراد غير المسيطر عليها أو لعدم التكافؤ بين المنتج الأجنبي والمحلي.تهدف هذه الإستراتيجية الى شراكة وطنية بين القطاع الحكومي الذي تحتله وزارة الزراعة بكافة مديرياتها وخاصة بعد أن أعلنت الانسحاب من العملية الإنتاجية وتخصصها بالجوانب الإشرافية والإرشادية والخدمية وكذلك الشراكة بين القطاع الخاص بمؤسساته وشركاته الإنتاجية ومنتجيه وإداراته.تتجسد هذه الإستراتيجية بقضية غاية في الأهمية وهي حماية المنتج العراقي (The Iraqi product protection ) وليس دعم المنتج العراقي (The product support ) من البضائع والسلع المستوردة وإيقاف استيرادها وذلك بعد عامين ((Two years من تحديد بداية خط الشروع للانطلاق بالعملية الإنتاجية الشاملة ويحدد هذا الخط أو المسار بعد دراسة وقراءة وتحليل التحديات الخارجية والداخلية للبنية الإنتاجية والتسويقية العراقية وتحديد البدائل واختيار الوقت الملائم المناسب لها. إذاً هي عملية انتقالية لمرحلة إنتاجية واعدة تستكمل بها كل المستلزمات والإمكانات لإدامتها واستمراريتها.مفهوم الضمانة The Warranty تمتا
أزمة قطاع الدواجن.. المعوقات وإمكانات التحدي والنجاح
نشر في: 7 أكتوبر, 2012: 07:37 م