لم يكن حقــــــــــي الشبلي فنانا كبيرا في المشهد العراقــــــــــي حسب بل كان أستاذا مربيا ومعلمـــا وبانيا لنهضة الفــــــــــــــــن العراقي في المسرح والسينما والإذاعة. لقد ناضل الفنان المبدع حقي الشبلي في سبيل تغيير مفهوم المجتمع ونظرته إلى الفن لتصبح نظرة مقرونة بالتقدير والاحترام، وحارب بمسرحه ومفاهيمه التربوية جميع المظاهر والتقاليد البالية التي طبعت بعض مواقف حياتنا بالتخلف. ومن مسرحه انطلقت إحدى التظاهرات الوطنية وعلى يديه تكرس النشاط المسرحي في العراق وبإسهاماته الرائدة.
rn النشاط السينمائي في العراق خلال سنوات الأربعينيات وبجهوده تحول المعهد الموسيقى الذي كان قائما منذ أوساط الثلاثينيات الى معهد الفنون الجميلة بعد أن أسس فيه قسم التمثيل كما أسس جواد سليم قسم النحت.rnوتعدى تأثير حقي الشبلي معهد الفنون الجميلة ليترك بصمات ولمسات واضحة على أكثر من بنيان فني قائم حاليا، حين أسهم في إرساء أساسه مثل دائرة السينما والمسرح والفرقة القومية للتمثيل وفرقة الرشيد التي كانت النواة الأولى للفرقة القومية للفنون الشعبية وغيرها من المؤسسات التي ازدهرت في ما بعد واتسع نشاطها وباتت معلماً من معالم حياتنا الفنية والثقافية في البلد.rnتوفي الشبلي وعمره 72 عاما منها ما يقارب الـ 55 عاما في الفن والعمل من اجله... وعلى امتداد تلك السنوات كان الفن هاجسه وقضيته كما كانت حياته حتى ليصعب التعرف على حياته الخاصة إلا من خلال انهماكه في الفن. وقد اكتنزت شخصية الشبلي بالقيم الفنية وامتزجت موهبته بالدراسة الأكاديمية الى جانب التجربة الميدانية. فبالإضافة الى موهبته التي تفتقت منذ أن كان عمره لا يتجاوز الـ 15 عاما حين اختاره الفنان العربي جورج ابيض ليمثل دورا معه، عمّق تجربته بالسفر إلى مصر ((1921 - 1930 )) ليطلع على الفن ومبادئه وأسراره في مصر ثم صقل الموهبة والتجربة بالدراسة الأكاديمية في باريس حين أرسلته الحكومة في الثلاثينيات ضمن بعثة الى فرنسا.rn rnالبداية مع نجم فني عربي rnولد الشبلي في 21 آذار من العام 1913 في منطقة الحيدر خانة وكان الابن الأصغر لعائلة دينية وأب متصوف يقيم المناقب النبوية وجلسات الذكر ويربي أبناءه على احترام التقاليد الاجتماعية ولم يخطر بباله يوما أن ابنه الصغير يمكن أن يعشق المسرح أو الفن عموماً!!!rnبدأ تعلمه لدى الملا في جامع حسن باشا ثم دخل المدرسة الحيدرية وانتقل في المتوسطة إلى مدرسة التفيض الأهلية ليحظى بأول مبادرة فنية من فنان عربي كبير وهو جورج ابيض الذي كان يقدم مسرحياته في سينما الوطني ببغداد في العام 1926، وعندما احتاج إلى ممثلين كومبارس ذهب الى مدرسة التفيض لأنه سبق أن سمع بهذه المدرسة كونها تضم مواهب فنية عديدة فقصدها واختار حقي الشبلي ليمثل معه ومع زميل آخر له. وهكذا وقف الشبلي على مسرح الوطني إلى جانب جورج ابيض بدور ((ابن أواديب))، وفي ختام العرض المسرحي جاء جورج الى خشبة المسرح فقبل الشبلي أمام الجمهور وربت على كتفه وهنأه على إجادته للدور... هذا النجاح جعل الشبلي يقطع عهدا على نفسه بمواصلة السير في طريق الفن وتحقيق النجاح فيه مهما غلت التضحيات.rnبعد عام من تلك الواقعة قدم مع زملائه عباس بهرام وسليم بطي وحمد حقي الحلي وفوزي الأمين طلبا إلى وزارة الداخلية لتأسيس فرقة مسرحية وطنية أطلق عليها اسم (((الفرقة التمثيلية الوطنية))) وجاء في الطلب ((نحن الموقعون أدناه نخبة من الشبيبة الراقية قد اتفقنا على تشكيل فرقة مسرحية غايتها تعضيد المنافع الخيرية ورقي هذا الفن الجليل في العراق فالمرجو من معاليكم أن تتلطفوا علينا وتجيزوا الفرقة))، وقد تمت الموافقة على الإجازة بصفة طلابية لان أصحابها كانوا طلابا يدرسون ويمثلون كما سمح للفرقة بتقديم أعمالها خارج المدارس.rn
ذاكرة المسرح..حقي الشبلي
نشر في: 8 أكتوبر, 2012: 07:38 م