TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > تظاهرة الماء..

تظاهرة الماء..

نشر في: 6 يناير, 2013: 08:00 م

مطر..مطر..مطر يسقط على بغداد ويغرق  شوارعها وأزقتها وبيوت الناس البسطاء، فيكشف عورة أخرى من عورات حكومتنا الرشيدة.. تفاهم الماء النازل من السماء مع مياه التصريف الصحي على القيام بتظاهرة غاضبة ضد الحكومة، احتجاجاً على إهمالها تنظيف شبكات تصريف ا

مطر..مطر..مطر يسقط على بغداد ويغرق  شوارعها وأزقتها وبيوت الناس البسطاء، فيكشف عورة أخرى من عورات حكومتنا الرشيدة..

تفاهم الماء النازل من السماء مع مياه التصريف الصحي على القيام بتظاهرة غاضبة ضد الحكومة، احتجاجاً على إهمالها تنظيف شبكات تصريف المياه تحت الأرض، واكتفائها بمظاهر الأبهة وممارسة كل أنواع الفساد فوق الأرض .

لم تستمر التظاهرة سوى ساعات متقطعة حتى تبدّى عجز الحكومة عن كتم أصوات الهتافات النازلة من السماء، وهدير الشعارات الخارجة من جوف الأرض.

كان البعض يتوقع أن تتمكن الحكومة من إيقاف تظاهرة المياه عند حدود معينة، وحصرها في مساحات محددة، وإسكات صوتها بوقت قياسي، أو على الأقل وقت مناسب، وفي ظنهم أنها متحسبة، وتمتلك من الأدوات والقوة ما يجعلها قادرة، وهم بذلك كانوا يسترجعون من الذاكرة قدرتها وهمتها في قمع تظاهرات الخامس والعشرين من شباط قبل سنتين، حين دفعت بالآلاف من حراسها المدججين بكل أنواع الأسلحة، لإغلاق شوراع بغداد وأزقتها، وكل المنافذ المؤدية إليها، لمنع خروج الناس للمشاركة في التعبير عن رأيها، ومحاصرة ساحة التحرير التي التقى فيها مختلف شرائح المجتمع العراقي التي كانت تطالب بإصلاح النظام.

لم يستطع قادة النظام الحزبيون والعسكريون من الإشراف على بغداد وهي تغرق مثلما أشرفوا على مشاهد القمع والاعتداء في ساحة التحرير، فلم تكن هناك مقاعد فاخرة يسترخون عليها وهم يتفرجون على مشاهد قوات الأمن والشرطة وهم يعتدون على المتظاهرين.

ولم تكن هناك خطط وتحضيرات تتيح لهم اعتقال المياه مثلما تم اعتقال المثقفين والإعلاميين الذين دعوا للتجمع من أجل حقوق الشعب والدولة في وقت واحد.

طفحت بغداد بالمياه الآسنة، وفاحت رائحة السلطة المشغولة عن مصالح الناس باجترار الشعارات وخلق الأزمات، وتسرب الماء إلى أحياء الفقراء تعوم فيه كل الأوراق السرية التي تكشف حجم التقصير والفساد، حتى باتت أسرار الحكومة في متناول الجميع. 

أدهشني أن يعزو نائب في مجلس النواب ما حدث إلى قلة آليات سحب المياه المتوافرة لدى أمانة بغداد، وكأن الدول المتحضرة تعتمد على ألوف الآليات، وأيد عاملة تتجاوز الألوف من السواق والعمال لتصريف المياه، وليست شبكات المجاري تحت الأرض، ولم يتحدث عن تقصير المسؤولين فيها من عدم اعتمادهم  على رنامج مهني لإدامة وتنظيف شبكات التصريف في فصل الصيف، تحسباً لما يأتي به الشتاء.

وأدهشني أكثر أن يذكر نائب آخر أن أمانة بغداد وحدها حصلت على تخصيصات مالية من الحكومة بلغت سبعة مليارات دولار للمدة من عام 2004 إلى عام 2012.

ولعل ما لفت انتباه العراقيين هو احتماء رئيس الحكومة، أو أي من فرسان دولة القانون، بالصمت المطبق، ولم يظهر احد منهم  ليقول إن تظاهرة المياه كانت من صنع البعثيين أو قوى الإرهاب.!

لقد غرقت بغداد مع حركة بسيطة للطبيعة.

وستغرق الحكومة مع تحرك إرادة الناس.  

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

عمليات بغداد تغلق 208 كور صهر و118 معمل طابوق وإسفلت

أسعار الصرف اليوم: 143 ألف دينار لكل 100 دولار

ترامب: أوقفتُ 8 حروب وأعدتُ "السلام" للشرق الأوسط

الأنواء الجوية: انتهاء حالة عدم الاستقرار وطقس صحو مع ارتفاع طفيف بالحرارة

حصار فنزويلا ينعش النفط… برنت وغرب تكساس يقفزان في آسيا

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram