ونحن على مشارف عام 2013 لا بد من مراجعة للحصاد الاقتصادي في العراق بين هموم كثيرة ومتزاحمة ما يزال اللاعب الأساسي والمؤثر الوحيد فيها هو الوضع السياسي ، فمن الجانب التشريعي أخذت التشريعات الاقتصادية الحيز الأضيق من اهتمام المشرعين فقد تم تشريع
ونحن على مشارف عام 2013 لا بد من مراجعة للحصاد الاقتصادي في العراق بين هموم كثيرة ومتزاحمة ما يزال اللاعب الأساسي والمؤثر الوحيد فيها هو الوضع السياسي ، فمن الجانب التشريعي أخذت التشريعات الاقتصادية الحيز الأضيق من اهتمام المشرعين فقد تم تشريع 13 قانون ذي سمة اقتصادية من بين 105 قوانين تم تشريعها طيلة هذا العام بما يعادل 12% منها وتمثل قوانين المصادقة على اتفاقيات اقتصادية وتجارية بين العراق ودول أخرى نسبة 53% من القوانين الاقتصادية المشرعة ، كما لم تمثل تلك القوانين اولوية او اهمية كبيرة لدفع عجلة الاقتصاد في العراق فقد كان من المؤمل ان يشرع قانون النفط والغاز وحزمة القوانين ذات العلاقة بالقطاع النفطي وأهمها قانون إدارة الموارد النفطية وتنفيذ المادة 106 من الدستور بتأسيس هيئة عامة لمراقبة تخصيص الإيرادات الاتحادية لضمان عدالة التوزيع بين الأقاليم والمحافظات مما يضمن تخفيف الصراعات التي يعاني منها العراق لأسباب اقتصادية وهذا له ما يبرره مع زيادة مضطردة من الإنتاج النفطي ليبلغ لأول مرة 3 ملايين برميل يوميا منذ بدء الشركات الفائزة في جولات التراخيص بالعمل ، ولم ينجح مجلس النواب في التصويت على قانون إعمار البنى التحتية الذي يقترح آلية الدفع بالآجل ، كما تكرر الإخفاق في هذا العام لأكثر من مرة من تنفيذ قانون التعرفة الكمركية لتنويع الموارد ولإيجاد إحدى آليات حماية المنتج الوطني، وما زالت قوانين اقتصادية مهمة على الرف مثل قانون حماية المنتجات العراقية وقانون حماية المستهلك.
أما ما سجل من نشاط اقتصادي في مجال التجارة فلم تؤثر العلاقات السياسية المتوترة في التجارة البينية للعراق مع جيرانه بل شهد عام 2012 ارتفاعا في حجم التبادل التجاري بين العراق والدول المجاورة وقد احتلت تركيا المرتبة الأولى بتبادلاتها التي بلغت حجم 12 مليار دولار في حين بلغ حجم التبادل التجاري مع إيران 8 مليارات دولار في حين بلغ حجم التبادل التجاري مع السعودية 1،33 دولار فقط لكونه لا يحمل الصفة الرسمية ويعتمد على نشاط القطاع الخاص ، أما الأردن فقد بلغ حجم التبادل التجاري مع العراق مليار دولار، بينما انخفض حجم التبادل التجاري مع سوريا إلى الخمس ليبلغ 700 مليون دولار بسبب الأحداث التي تمر بها سوريا، وقد كان مستوى التبادل التجاري بين العراق والكويت قد انخفض إلى 100 مليون دولار بسبب أزمة ميناء مبارك في منتصف عام 2011 إلا انه شهد عام 2012 تحسنا في العلاقات مما أثر إيجابا على العلاقات الاقتصادية فقد وافق كل من العراق والكويت على أنشاء سوق حرة قرب منفذ سفوان لتعزيز التبادل التجاري . وقد تكلل النشاط التجاري في نهاية العام بافتتاح معرض بغداد الدولي وبمشاركة واسعة للشركات العالمية ، وقد قيم هذا المعرض على انه الانجح حيث شارك فيه القطاع الخاص المحلي بشكل فعال فضلا عن القدرة في اجتذاب الشركات وكان اقبال المواطنين كبيرا وبشكل غير مسبوق مما يبين ان العراق بات سوقا مهمة تتنافس الدول فيها في مجال تبادل السلع والتي يكون العراق فيها هو المستهلك بالدرجة الاولى .
وما يزال الاستثمار الأجنبي ضعيفا ففي الوقت الذي تعقد فيه المؤتمرات داخل وخارج العراق للتشجيع على الاستثمار الا ان وتيرة الاستثمار الاجنبي بمشاريع إستراتيجية مهمة ما زال ضعيفا ، ( فيما عدا الاستثمارات النفطية التي تضمنتها جولات التراخيص الثلاث التي حققت نجاحا وارتفاعا في الانتاج النفطي ، حيث شهد عام 2012 إطلاق الجولة الرابعة من التراخيص للشركات الاجنبية بالاستثمار في القطاع النفطي والتي تضم الرقع الاستكشافية غير المطورة في مناطق مختلفة من العراق)، وقد يكون التسجيل على مشروع بسماية السكني والذي يحتوي على مليون وحدة سكنية هو من ابرز ما نجحت به الهيئة الوطنية للاستثمار ، في حين بقيت الدولة المستثمر الأكبر فقد تم تخصيص حوالي 32% من موازنة 2012 للاستثمار في مشاريع تنفذها الوزارات او المحافظات ضمن برنامج تنمية الأقاليم والمحافظات وقد أطلقت وزارة التخطيط تقريرها الفصلي الأول عن تنفيذ المشاريع الاستثمارية في نهاية تموز من هذا العام، حيث بلغت التخصيصات للمشاريع الاستثمارية ما يعادل (37177،9 ) مليار دينار من إجمالي موازنة 2012 ، اذ صرحت وزارة التخطيط ان عدد المشاريع الاستثمارية المقرة لغاية 31 تموز 2012 (5502) مشروع منها (4659 ) مشروعا استثماريا مستمرا، ما يعادل 84،7% من اجمالي المشاريع والباقي مشاريع مستحدثة بنسبة 15،5% فقط احتلت مشاريع المباني والخدمات 22،1%، 9،4% لقطاع التربية والتعليم، 6،5% لمشاريع القطاع الصناعي، 5،2% لقطاع النقل والاتصالات، 5،3% القطاع الزراعي، وقد بلغت عدد مشاريع تنمية الأقاليم والمحافظات 2803 مشروع شكلت 50،9% من إجمالي عدد المشاريع الاستثمارية موزعة على القطاعات الاقتصادية المختلفة . وقد بين التقرير أن نسبة تنفيذ المشاريع الاستثمارية لتنمية المحافظات قد بلغت (28،1 %) وقد كانت المحافظة الاوطأ في نسبة التنفيذ هي نينوى (1،8%) فقط والمحافظة الأعلى في نسبة التنفيذ هي الأنبار (65،1%) هذا وقد كانت نسبة التنفيذ في المحافظات في نهاية عام 2011 قد بلغت 44،88% ولا نتوقع أن ترتفع النسبة عن هذا الحد نهاية عام 2012 بالرغم من أن معظم المحافظات تشتكي من انخفاض التخصيصات وتطالب بتوزيع تخصيصات الموازنة من المشاريع على المحافظات ولا بد أن نذكر أن برنامج تنمية الأقاليم والمحافظات ليس هو المصدر الوحيد فالمحافظات تتسلم مبالغ البترودولار والسياحة الدينية حسب نوع المحافظة، أما نسبة تنفيذ المشاريع الاستثمارية للوزارات فقد بلغت 27،19% فقط. وقد شهد هذا العام بدء انطلاق المشاريع الموجهة الى الفقراء بتخصيص مبالغ في الموازنة لصالح مشاريع إستراتيجية التخفيف من الفقر تم توزيعها على 7 محافظات هي الأكثر فقرا .
لقد أشر هذا العام أنه تميز بإثارة الزوابع الاقتصادية التي منها الخلاف السياسي الذي أثير ما بين المركز وإقليم كردستان الذي هو ذو جذر اقتصادي يتعلق بنسبة 17% وبالإنتاج النفطي في الإقليم الذي يتوقف او يطلق حسب طبيعة العلاقات بين الطرفين فضلا عن العقود النفطية التي ابرمها الإقليم دون علم المركز او التنسيق معه، وأخيرا مشكلة شركة اكسل موبيل التي كانت ضمن الشركات التي أبرمت عقدا مع الاقليم دون الرجوع للمركز وهي ضمن شركات الجولة الرابعة للاستكشافات في الحكومة الاتحادية ونتيجة هذا الخلاف جمدت الشركة عقدها مع الاقليم لفترة عادت بعدها في حين استبعد المركز تلك الشركة من الجولة الرابعة ضمن ازمة استمرت لشهور ، كما أثيرت أزمة البنك المركزي في الأشهر الأخيرة من هذا العام انتهت بأمر القاء القبض على محافظ البنك وسحب يده واستبداله بتهم فساد لم يتم إثباتها لحد الآن ، كما اثيرت زوبعة الاستبدال النقدي لمواد البطاقة التموينية بعشرة آلاف دينار للفرد الواحد التي تناقضت التصريحات حولها وانتهت بسحب القرار.
لم يلاحظ المواطن العراقي تحسنا في تقديم الخدمات او تطورا في الاعمار حتى في مجال النظافة حيث تم الغاء عقود ابرمتها المحافظات مع شركات تركية لجمع النفايات والنظافة لكونها لم تنجز العمل أوأخلت بالعقد في اكثر من محافظة وقد بلغ الامر ان جاء تقرير منظمة اليونسكو حول البيئة والنظافة ليضع العاصمة بغداد بالترتيب الثالث من بين (اوسخ) العواصم في تراكم النفايات كما حصلت بغداد على المرتبة الثامنة من بين أكثر العواصم بالتلوث البيئي !
إلا أن تقرير المنظمة العالمية للشفافية لعام 2012 الذي أصدرته حول الدول الاكثر فسادا حسب مؤشر الفساد الذي تعتمده المنظمة بين ان العراق ليس هو الأعلى فسادا او في ذيل القائمة التي احتلها هذا العام أفغانستان وكوريا الشمالية والصومال وقد حصل على الدرجة 18 والمرتبة 169 من بين 176 دولة شملها التقرير في حين حصلت كل من السودان والصومال على 8 درجات .
إن هذه المراجعة والتقييم لوضع وانجازات العراق الاقتصادية تبين أننا لم ننجز الشيء الكثير والعراق بشعبه ومحافظاته ومؤسساته يتطلع الى الكثير من الجهود من اجل نهضة اقتصادية تنموية ومن اجل رفع وتيرة الانجاز في الخدمات و التشغيل وخفض البطالة و الإصلاح التشريعي وإصلاح المؤسسات .
جميع التعليقات 2
د. فاضل عباس مهدي
مقال مفيد من الدكتورة عامرة البلداوي يستعرض الكثير من الارقام يا ترى لماذا لجئت الحكومة الى جولة رابعة من التراخيص في حين ان الجولات السابقة لها ستنتج الكثير من النفط الذي قد يؤدي الى انخفاض سعر البرميل الواحد في السوق العالمية؟ ثانيا، سيكون مفيدا لو اخب
د. فاضل عباس مهدي
مقال مفيد من الدكتورة عامرة البلداوي يستعرض الكثير من الارقام يا ترى لماذا لجئت الحكومة الى جولة رابعة من التراخيص في حين ان الجولات السابقة لها ستنتج الكثير من النفط الذي قد يؤدي الى انخفاض سعر البرميل الواحد في السوق العالمية؟ ثانيا، سيكون مفيدا لو اخب