لندن/ وكالاتفيما بدأت القوى الصاعدة تتنافس على السلطة في أركان العالم الأربعة، منهم من يبحث عن مكان جديد لنفسه في داخل النظام العالمي الحالي، ومنهم من يتساءل عن شرعيته. فالديمقراطية والاستبداد منغلقان في وضعية تنافسية غير مريحة. كما إن الاقتصاد الع
لندن/ وكالات
فيما بدأت القوى الصاعدة تتنافس على السلطة في أركان العالم الأربعة، منهم من يبحث عن مكان جديد لنفسه في داخل النظام العالمي الحالي، ومنهم من يتساءل عن شرعيته. فالديمقراطية والاستبداد منغلقان في وضعية تنافسية غير مريحة. كما إن الاقتصاد العالمي مرتبط ببعضه بصورة لم تحدث من قبل، بسبب تدفق الأموال والتجارة والناس والانتشار غير المسبوق لتقنيات جديدة تتسم بقدرتها على التدمير عن بعد.
نتيجة لذلك، بدأ مجتمع عالمي يظهر، أو قد يكون هناك حتى وعي أخلاقي عالمي. وبدأ نجم القارة الآسيوية يبزغ من جديد، في وقت يعاني فيه الشرق الأوسط بالفعل مشكلات.
ورغم أن العالم قبل 100 عام لا يمكن أن يبدو متشابهاً بشكل كبير في نقاط عدة مع العالم اليوم، إلا أن التمحيص في تلك الفترة قد يساعدنا على فهم العالم الذي نعيشه اليوم.
فالقياس من فترة إلى أخرى لا يمكن أن يكون نموذجياً على الإطلاق، حيث إن التاريخ لا يعيد نفسه على وجه الدقة على أقل تقدير. فالصين في 2013 لا يمكن أن تكون مثل ألمانيا بالضبط في 1913، وأميركا اليوم لا يمكن أن تكون مثل بريطانيا قبل 100 عام.
كما إن نقاط ضعف وقوة الولايات المتحدة في 2013 ليست هي إلى حد بعيد الخاصة ببريطانيا قبل قرن. كما إن بريطانيا سبق لها أن استفادت سياسياً من دورها المصرفي في العالم، ومن كونها المحور الخاص بمعيار الذهب.
أما الولايات المتحدة اليوم، فرغم استفادتها سياسياً واقتصادياً من كونها الجهة المصدرة لعملة الاحتياطات العالمية الرئيسة، إلا أنها بالكاد توجد في الموقف نفسه، حيث إنها مثقلة بالديون.
لفتت في هذا الإطار مجلة فورين بوليسي الأميركية إلى أن هناك اختلافات أخرى بين بريطانيا عام 1913 وبين الولايات المتحدة عام 2013. فبريطانيا لم يسبق لها أن كانت قوى عظمى على الصعيد العسكري مثلما هو الحال اليوم مع الولايات المتحدة. كما لم تكن هناك لحظة بريطانية أحادية القطب.
وبينما كانت تقف بريطانيا عام 1913 خلف ألمانيا على الصعيد السياسي قبل عقود، فإن الولايات المتحدة اليوم في 2013 لا تزال القوة الاقتصادية الأكبر في العالم والأكثر إبداعاً في أكثر من صعيد.
كما إن السياق العالمي التي تبرز وتسقط فيه القوى في القرن الحادي والعشرين ليس نفسه الذي كان موجوداً في مطلع القرن العشرين. لكن حقيقة أن القياسات التاريخية غير مكتملة، والقياس بين عامي 1913 و2013 يعتبر بعيداً عن كونه سلسًا، فهي لا تجعلها عديمة الجدوى، ما يعني أن هناك حاجة إلى أن يتم تفسيرها بعناية.
ومضت المجلة تقول إن التفكير بشكل تاريخي يمكن أن يذكرنا بالمفاجآت التي يمكنها أن تهزّ دولاً ومجتمعات، ويمكن أن تختبر حماستنا في الوقت نفسه بخصوص اختلاف التوقيت هذه المرة. هذا إضافة إلى اختلاف التقنيات الثورية بين العام 1913 والعام 2013، والنقطة المهمة هنا هي أن التطورات التقنية تغيّر الأشياء بصورة تفوق توقعاتنا.
بالنسبة إلى هؤلاء الأشخاص المهتمين بالجوانب والأمور التاريخية، فإن تكرار حدوث بعض الموضوعات على مدار التاريخ – مثل الجشع البشري واستغلال التكنولوجيا وأهمية الجغرافيا في تحديد النتائج العسكرية وأهمية الإيمان بتشكيل السياسة والقناعة الصلبة بأن هذه المرة مختلفة عن المرات السابقة – لا يُشكِّل أية مفاجأة.
الأمر المهم بشأن العالم قبل 100 عام هو أنه ليس متطابقًا مع العالم اليوم، لكن كان هناك وقت في الماضي غير البعيد، تعرّض فيه عالم تسوده العولمة لحالة من الانهيار.
استناداً إلى كل ما سبق، ختمت فورين بوليسي حديثها بالقول إنه وبغضّ النظر عن احتمالية دخول العالم في حرب كبرى، كالحربين العالمية الأولى والثانية، فإنه لا يوجد أمر لا مفرّ منه بشأن الصراع المستقبلي بين القوى الكبرى، وأنه لا يوجد شيء يمكن التنبؤ به بخصوص التجارة العالمية.
وأضافت أن هناك وفرة من الصدمات المتميزة والمعقولة للنظام الذي قد يهز توقعاتنا للمستقبل بصورة كبيرة بالطبع، إضافة إلى وفرة من المفاجآت، التي لن يكون بمقدورنا توقعها، وإنما سيكون بوسعنا التحضّر لها بصورة غير مباشرة، عن طريق تهيئة أنفسنا لإمكانية حدوثها، وأن نصيب البشرية هو أن تعيش إلى الأبد بحالة من عدم اليقين تجاه المستقبل.