المحامي حسن شعبانبعد إن اجتاز قانون المفوضية العليا لحقوق الإنسان مرحلته النهائية من الإجراءات يمر على مستوى التطبيق العملي بامتحان عسير ذلك لان أصابع المحاصصة بدأت تلعب بأوراقها في اختيار المفوضين للمفوضية، حيث شكل مجلس النواب
لجنة خبراء من المجلس نفسه ومجلس الوزراء ومجلس القضاء الأعلى واثنتين من منظمات المجتمع المدني تم اختيارهم من قبل المجلس نفسه بينما لم يراع وجود منظمات لحقوق الإنسان وهي معنية أكثر من غيرها في الاختيار. وهذا ما يضع علامات الاستفهام في هذا المجال تطلب فيه من يجد في نفسه الكفاءة وتنطبق عليه شروط القانون تقديم طلباتهم لإشغال مناصب المفوضية العليا. اتفاق لا يختلف من حيث المضمون وحتى الشكل في اختيار المفوضية العليا المستقلة للانتخابات من جانب تشكيل لجنة الخبراء أو من طريق التقديم وما حصل فيها معروف لدى الجميع حيث تقاسمت القوى والكتل اختيار أعضاء المفوضية بعيدا عن المهنية والحيادية. وشر البلية ما يضحك، إن مجلس النواب نفسه عند استجواب المفوضية تعرض لفشل او تهاون وحتى الاتهام بعدم الحيادية علنا بل ويحاول عدد كبير منهم إسقاط الأعضاء الذين اختاروهم ذلك لان ما يبنى على الباطل فهو باطل وبالمناسبة فإنه دون إسقاط تام للمحاصصة والتوافقية في اختيار ممثلين حقيقيين في هذه المؤسسة وغيرها لا يمكن ان تكون دولة حقيقية للمؤسسات، مسألة لا تحتاج إلى جدل او اختلاف وها هو واقع التجربة في اكثر مؤسسات الدولة يؤكد ان لا رجل مناسب في مكانه المناسب في أكثر من موقع مهم في هذه المؤسسات. وعلى هذا الأساس فان انبثاق مفوضية عليا لحقوق الإنسان تتصدى لانتهاكات حقوق الإنسان وتشارك في نشر ثقافة حقوق الإنسان، وتراقب مدى اتفاق التشريعات مع مبادئ حقوق الانسان وعدم تقاطعها، وهي مهام جسيمة وغير عادية، أمرٌ مشكوك فيه لان نهج المفوضية يقوم على ثلاث ركائز أساسية لا يمكن المساس بها، الاستقلالية والحيادية التامة عن أجهزة الحكومة والأحزاب، التمسك بالقانونية والمساواة والمهنية، والدفاع الثابت عن مبادئ الشرعة الدولية بغض النظر عن أسماء وعناوين الذين انتهكوها. لم يعد خافيا على احد انه ليس هناك مبرر للجدل في ان المعيار الرئيسي والحلقة المركزية في إن تكون المفوضية العليا لحقوق الإنسان نص عليها الدستور العراقي الدائم- او ان لا تكون هو مبدأ الاستقلالية عن أية جهة حكومية او حزبية وتمسكها بالقانونية والحيادية المطلقة. من هذا المنطلق وعلى هذا الأساس تشكلت مفوضيات حقوق الإنسان في دول العالم واختفت عنها وزارات حقوق الإنسان التي شكلت رقما في الحكومة حيث لم يعد بإمكانها في أحسن الأحوال سوى تزويق انتهاكات حقوق الانسان وبممارسات أهمها ذر الرماد في العيون لهذا ينبغي ان يقف مجلس النواب على ارض صلبة وبموضوعية ونكران ذات عند تطبيقه لهذا القانون، لان الأمر يتعلق بمصير أهم تغيير في حياة الإنسان العراقي لا يخضع لأية مساومات حزبية أو سياسية بحتة. ينبغي إن يعلم الجميع إن الدفاع عن هذه الاستقلالية لا يعني بالضرورة حدوث تقاطع مع الحكومة ومؤسساتها على الإطلاق ذلك لان نشاط المفوضية يعتمد على علاقات ايجابية مع هذه الأجهزة، وإيجاد صيغ مشتركة بينهما لحل الإشكاليات إنما الاستقلالية تعني إن يكون قرار المفوضية نابعا من إرادة مجلسها ولا احد له سلطان عليها سوى ضميرها والقانون. من خلال هذه الاستقلالية والقرارات العادلة وغير المنحازة تستطيع المفوضية الدخول إلى أية انتهاكات لحقوق الإنسان وتجري تحقيقاتها وتحيل مرتكبيها إلى العدالة دون تمييز وفي ظل مبدأ إن لا يفلت احد منهم مهما كان منصبه أو جاهه او جنسه أو دينه أو مذهبه من المساءلة القانونية. مبادئ حقوق الإنسان وثقافتها لها خصوصيتها وآلية تطبيقها ولها أهدافها المحددة وتعمل في نطاق ان لا تلومها في الحق لومه لائم وبقدر ما تدعو إلى التسامح والقبول بالرأي الآخر والعمل السلمي ونبذ العنف وبدرجة عالية من الشفافية، فإنها لا تتردد في اتخاذ الإجراءات القانونية كافة بحق من يخرق أو ينتهك حقوق الإنسان دون النظر إلى شخص الجلاد وتقف بكل إمكاناتها إلى جانب الضحية وحقوقه. الشرعية الدولية لحقوق الإنسان ونصوصها باتت ملزمة للحكومات والإفراد ولم تعد كما كانت مبادئ أخلاقية تلتزم بها او تخرقها تحت أية مسميات، نصوص وردت في الإعلان العالمي والعهدين الدوليين وكل القوانين ذات الصلة بات لها ذراع قضائي يصونها ويبعد الأعداء عنها هي المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي التي تطول يدها إرجاء المعمورة ولا يستثني احد منها حكاما ومحكومين. بسبب هذه الأهمية الكبيرة للمفوضية ندعو المجلس النيابي وهو إمام مسؤولية تاريخية ان يرتفع بمسؤوليته الإنسانية والوطنية خاصة في مسودة القانون نصوص غاية في الخطورة تتعلق باختيار الرئيس وأعضاء المفوضية وهذا سيكون أساسا لنجاحها أو فشلها ومنحت مسؤولين في الحكومة والبرلمان اختيارهم وهذا يعني بالضرورة سيتم وفق المحاصصة الطائفية والحزبية في حين ينبغي ان تكون خارج هذا الاتجاه ولأنه يتعارض كليا مع الاستقلالية والحيادية والقانونية التي اشترطتها المعايير الدولية. رئيس وأعضاء المف
شروط:فـي اختيـار أعضـاء المفوضية العليــا لحقوق الإنسـان
نشر في: 23 أكتوبر, 2009: 04:24 م