طردنا النحس .. وشرعنا الطريق للعبور الى المربع الثاني في خليجي المنامة بآمال عريضة بعد أن عرف قائد ثورة الربيع الكروي العراقي حكيم شاكر كيفية دخول تاريخ دورات الخليجي من البوابة الخضراء العتيدة التي كانت ولم تزل عصية على المتحدّين في ولوجها بقوة كما فعل الأسود في جولة التلقين النموذجي لأحد دروس اللعبة ( سجل هدفك واحترس الهجوم المرتد) فضمنوا النتيجة بجهد لن يجود به إلا من طينتهم.
نعم هم أهلُ لهكذا مواجهات سبق أن خبرنا ندية اللاعب السعودي ومغامراته ومشاكساته وحتى سلوكياته التي خرجت احياناً عن الروح الرياضية مثلما شاهدنا في محاولة أسامة الموّلد خنق يونس محمود مرة ومرتين وثلاثاً في سيناريو مكرر من الحكاية الآسيوية عام 2007 التي كتبنا نهايتها المفرحة .. بالدم والدمع.
ليست المبالغة أن ينتصر مدربنا الوطني ممثلاً بحكيم شاكر ليمشي على وصية سلفه الراحل عمو بابا (أنا عراقي وثقافتي أرقى من زاغالو وألبرتو وبوراس) من دون مكابرة أو غرور ، إلا ان ذروة المبالغة تكمن في الفارق الواسع الذي يتظاهر به المدرب العربي اليوم اثناء مقارنة مستواه مع مدرب اجنبي ليس بالضرورة أن يرتدي ( بـزة ) أسطورته الخالدة أيام مداعبته الكرة قبل عشرين عاماً وهو يقف في منطقته الفنية ، فكم كان الهولندي ريكارد صغيراً أمام خبرة ابن العراق ما اضطره للجلوس على مقعده حابساً أنفاسه بين كفيه ، داعياً أن تنتهي ورطة مواجهة الأسود بهدفي سلام وهوساوي لا أكثر ، الأمر الذي يدفعنا الى نصيحة مدربنا الغيور بعدم الافراط بالتواضع حدّ الضعف إكراماً لرجل هولندي غنيّ بسمعته وفقير الثقة بنفسه !
إن الانتصار العراقي الباهر امس الاول الاحد لم يكن مفاجئاً من ناحية النتيجة او الاداء ، بل كرّس مفهوم الاعتداد بالنفس قبل المواجهة ، ورمى مخلفات القلق والخوف لأنها لم تعد مبررة لعناصر لم تركل الكرة على مستوى الصراع الخليجي طالما ان اختيارها من الملاك التدريبي كافٍ للتزود بجرعات التنافس الشرس دفاعاً عن المدرب (الأب) وإهدائه نشوة الفوز ورقصة جني (المحصول التكتيكي) وشهقة إنجاز الخطط كما عبّر عنها حكيم لحظة تقافز قدميه بلا شعور ، ملوحاً بعلو قبضة التحدي بالرغم من إصراره على التذكير بمهمته الطارئة بمناسبة او من دونها.
وفي الوقت الذي نشدّ على كفاءة الشباب وبسالتهم في انتزاع النقاط الثلاث بجدارة في مستهل التنافس الخليجي الحادي والعشرين ، لابد من الاشارة الى صواب انتقاداتنا السابقة للمحترفين لانها لم تنطلق من دافع الانتقام او المحاربة او الضغينة ابداً طالما ان علاقتنا مع جميع اللاعبين تحكمها اصول المواطنة بعيداً عن الاغراض والنوايا خارج اسوار الرياضة ، فالحقيقة التي لابد ان نذعن لها اليوم او غداً او بعد حين أن الشباب هم ذخيرة الكرة العراقية ولا بديل عنهم وليس العكس مثلما يستاء البعض من العزل التدريجي للمحترفين حيث كان اداء السفاح منسجماً تماماً مع حالة الترهل البدني وكسل قدميه اثناء محاولته الرجوع الى منتصف الملعب واستسلامه الكامل للرقابة ، بل تهربه مرات عدة من قوة (البلدوزر) المولد وسقوطه امامه لمجرد احتكاك بسيط وذلك ليس عيباً نتيجة تقادمه في السن ومحدودية عطائه لشوط واحد.
الكرة الآن بحوزة المدرب حكيم شاكر الذي يعي مقومات كل لاعب بعيداً عن اسمه وسنـّه وخبرته ليكون مشهد المؤهلين واضحاً امامه، ولن نخسر شيئاً في ختام المطاف ، فلا وجود لأية ضغوط من اتحاد الكرة او الإعلام او الجمهور بشأن هدف المشاركة في دورة البحرين، وعليه فان جميع الخيارات متاحة امام المدرب ومرتبطة بشرط الانسجام والاستقرار وصولاً الى تشكيل منتخب مُحدّث في جميع مراكزه يستمد الثقة من الجميع ويقدم كل لاعب نفسه جندياً شجاعاً في كتيبة ابن الرافدين.
رقصة المدرب الأب
[post-views]
نشر في: 7 يناير, 2013: 08:00 م