TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > ورقة طارق الهاشمي

ورقة طارق الهاشمي

نشر في: 7 يناير, 2013: 08:00 م

كلما قل التعدد الطائفي أو الاثني في بلد ما، كانت فرص الاستقرار فيه أكثر. وهذه هي مشكلتنا في العراق، وهي مشكلة سيطول امدها، وسنفشل كثيراً قبل التمكن من حلها. عندما أكتب مقالاً وأنشره افعل ذلك وأنا متأكد بأن الأعم الأغلب من القراء سيبحثون بين سطوره عن توجهاتي الطائفية، ومع ذلك أنا لا أُتْعب نفسي بتنقيح المقال من كل ما يثير الحساسيات، لأنني أعرف بأن القارئ الطائفي أو العنصري سيتمكن في النهاية من اكتشاف حرف هنا أو حركة هناك يقرر هو أن فيها دلالات "طائفية" أو "عنصرية".

وهذه ليست مشكلة شعب فقط، بل مشكلة بيئة أيضاً، فبيئتنا الاجتماعية، بيئة متعددة الألوان، وتبقى مسؤولية الشعب، بمختلف قطاعاته، في كيفية التعامل مع هذه المشكلة البيئية. فعندما تضطر للعيش كمختلف بين مختلفين، عليك أما أن تتقبل اختلاف الآخرين، أو أن تبني حول اختلافك سوراً يعزله عن الاختلافات الأخرى. لذلك تُعدُّ "تظاهرات" الانبار تجسيداً كاملاً لمشكلتنا الأزلية هذه. فشرارة هذه التظاهرات انطلقت من قراءة خاصَّة لحدث عام، أقصد اعتقال حماية وزير المالية، فالجماهير التي خرجت للتنديد بهذا الاعتقال، والجماهير التي استجابت لها بعد حين، عاملت الاعتقال باعتباره استهدافاً سياسياً طائفياً. وهي وجهة نظر معقولة، ما دامت الحكومة لم تتعامل مع كل الجرائم بميزان واحد؛ لأنها هي الأخرى محكومة بنفس المنطق الطائفي، المنطق الذي يقول لها بأن الفاسد الشيعي أقل خطراً من نظيره السني، فالأول سارق فقط، أما الثاني فسارق مشكوك بتآمره ضد العملية السياسية وتوظيفه الأموال لتمويل نشاطات أعدائها كالبعثيين. لذلك هي تخاف من الفساد السني أكثر من الشيعي، وتخاف من الإرهاب السني أكثر من الإرهاب الشيعي. لأن الإرهابي الشيعي بالنسبة لها ارهابي فقط، أما السني فهو ارهابي يتآمر للإطاحة بها، ومن هنا فهي تجد بأن أهمية مواجهة السني أكبر من نظيره الشيعي، وهذه نظرة طائفية ضيقة لو صدقت.

كل هذه التفاصيل تهدد استقرارنا جميعاً، كشركاء في هذا البلد، لكنها لا تشكل، من وجهة نظري، المخاوف الأهم، أو الأكثر خطراً، فما أخاف منه بشكل أكبر، وهو وعي السياسيين لهذه الأزمة، وتحولهم لمحترفين في استغلالها، بل صار بعضهم يدخر اوراقاً جاهزة لمثل هذا الاستغلال، وهذا ما فعله السيد وزير المالية، ومن قبله نائب رئيس الجمهورية المحكوم عليه بالإعدام، فوزير المالية لم يتعامل مع اعتقال حمايته باعتباره موضوعاً جنائياً، بل باعتباره استهدافاً سياسياً للمكون السني، أي أنه استخدم ورقة كانت قد استخدمت في اعتقال طارق الهاشمي، والمشكلة أن الحكومة التي واجهها طارق الهاشمي بنفس الورقة سابقاً، لم تقدم ما يثبت استعدادها لمناورة هذه الورقة لو استخدمت، ولا قدمت لمواطنيها من السنة ما يثبت لهم بأنها لا تستهدفهم من خلال سياسييهم، وهكذا اعطت لورقة طارق الهاشمي القوة اللازمة لتكون فعالة لهذه الدرجة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 7

  1. محمد الفهد

    تحيه صديقناسعدون.. خارطة العراق كالتلي؛ سكان الغربيه مظاهراتهم تقول اخوان سنه وشيعه سكان الجنوب وبغداد يقولون اخوان سنه وشيعه الحقيقه كلاهما يكذب انهم طائفيون بامتياز في ملعب الشيوخ والعمائموامراء الحرب والقبائل السلطه الضاربه شيعيه صقور البرلمان شيعه

  2. حسين

    لعل اغرب ما أفرزته قضية اعتقال حماية العيساوي هو وقوف جميع الذين تحوم حولهم الشبهات في عمليات إرهابية او فساد وقفوا داعمين بعضهم لبعض، وسوف تأتينا الايام بما هو اغرب عندما تشتد لعبة شد الحبل ويومها لن يكون هناك من مخرج الا كشف كل ما هو مستور، وعندها لن يع

  3. ابراهيم سلمان

    تحية هناك اسئلة مهمة في القضيتين وهي الاجراءات القانونية*لم نسمع عن محاكمة*متى حصلت *لماذا سكتت الصحافة في بغداد عن اعطاء تفاصيل المحاكمة لحماية الهاشمي*كيف يحكم الهاشمي دون محاكمة ودون اسقاط ما يتمتع به من حقوق قانونية*لماذا لم تذاع التحقيقات في التلفزي

  4. محمد الفهد

    تحيه صديقناسعدون.. خارطة العراق كالتلي؛ سكان الغربيه مظاهراتهم تقول اخوان سنه وشيعه سكان الجنوب وبغداد يقولون اخوان سنه وشيعه الحقيقه كلاهما يكذب انهم طائفيون بامتياز في ملعب الشيوخ والعمائموامراء الحرب والقبائل السلطه الضاربه شيعيه صقور البرلمان شيعه

  5. حسين

    لعل اغرب ما أفرزته قضية اعتقال حماية العيساوي هو وقوف جميع الذين تحوم حولهم الشبهات في عمليات إرهابية او فساد وقفوا داعمين بعضهم لبعض، وسوف تأتينا الايام بما هو اغرب عندما تشتد لعبة شد الحبل ويومها لن يكون هناك من مخرج الا كشف كل ما هو مستور، وعندها لن يع

  6. ابراهيم سلمان

    تحية هناك اسئلة مهمة في القضيتين وهي الاجراءات القانونية*لم نسمع عن محاكمة*متى حصلت *لماذا سكتت الصحافة في بغداد عن اعطاء تفاصيل المحاكمة لحماية الهاشمي*كيف يحكم الهاشمي دون محاكمة ودون اسقاط ما يتمتع به من حقوق قانونية*لماذا لم تذاع التحقيقات في التلفزي

  7. عواطف محمد

    ان كل الاحداث التي مرت على العراق بعد عام 2003 اثبتت بان شعبنا طائفي وقبلي بامتياز واجبرت الكثير على ان يكون طائفياوقبلياوان كان لايشعر لذا ارى ان نتفق على فدراليات ونرجع الامرلاستفتاء عام

يحدث الآن

عمليات بغداد تغلق 208 كور صهر و118 معمل طابوق وإسفلت

أسعار الصرف اليوم: 143 ألف دينار لكل 100 دولار

ترامب: أوقفتُ 8 حروب وأعدتُ "السلام" للشرق الأوسط

الأنواء الجوية: انتهاء حالة عدم الاستقرار وطقس صحو مع ارتفاع طفيف بالحرارة

حصار فنزويلا ينعش النفط… برنت وغرب تكساس يقفزان في آسيا

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram