يرتبط الدينار العراقي بالدولار مثله مثل بقية عملات الدول النفطية التي يعتمد اقتصادها بالدرجة الاولى على ايرادات بيع النفط , فعلى الرغم من تنوع موارد دول الخليج وايران اذا ما قورنت مع العراق الا انها تعتمد بصورة اساسية على النفط في تمويل موازنتها السنوية ولذا فأن تلك الدول ارتبطت عملتها ومنذ امد بعيد بالدولار الذي يمثل العملة التي يباع بها النفط الخام عالميا , ونتذكر جميعا ان التأثير الأهم للأزمة الاقتصادية العالمية على العراق هو تدهور سعر الدولار في مقابل عملات اخرى كالجنيه الاسترليني والين الياباني , واذا كانت الولايات المتحدة تعمل على خفض الدولار متعمدة لتحسين نشاطها الاقتصادي وخفض مديونيتها المتصاعدة والتي باتت من اخطر المشاكل الاقتصادية التي تعاني منها , فإن هذا الاجراء (خفض الدولار) يمثل كارثة على الدول التي ارتبطت عملاتها به , ومن هنا فإن تنويع الاحتياطات ليس بسلة عملات فقط، بل بزيادة الاحتياطات من الذهب للتخفيف من اضرار وانعكاسات تلك الاجراءات وهذا ماتم الاعلان عنه مؤخرا من ارتفاع احتياطي البنك المركزي العراقي من الذهب الى 4 اضعاف خلال ثلاثة اشهر... ولكن هل هذا هو السبب الاساسي لسياسة البنك المركزي التي استمرت حتى بعد تغيير المحافظ سنان الشبيبي ام ان هناك اسبابا اخرى؟
من الواضح ان الازمات السياسية الداخلية المتلاحقة وتقلبات الاوضاع الاقليمية واضطراب وتذبذب اسعار الدولار التي تصاحبها عادة موجات تضخم تنعكس على اسعار السلع والخدمات (خاصة وان العراق اعلن عن ارتفاع احتياطياته من الدولار الى رقم غير مسبوق 67 مليار دولار في آب الماضي) ولضمان الحفاظ على قيمة الاحتياطي صار التفكير بزيادة الاحتياطات من الذهب لتبلغ 31 طناً في تشرين الثاني الماضي , وجدير بالذكر ان هذه الكمية تزيد عما تمتلكه الكثير من الدول العربية المنضمة الى مجموعة الدول ذات الاحتياطات المرتفعة من الذهب التي يتصدرها لبنان الذي يمتلك مايقارب 300 طن من الذهب وهذا يعزز الرأي ان الدول التي لا تعيش استقرارا حقيقيا ولديها خشية من تقلبات الاوضاع السياسية التي تنعكس على الاقتصاد باتت تعمل على زيادة الحماية لقيمة عملاتها المحلية وتحويل احتياطاتها الى الذهب الذي يشهد ارتفاعا في الاسعار مقابل الدولار واليورو.
ومن المؤسف ان هذه الثروة النفطية المهمة في العراق والتي جعلته ثاني اكبر دولة مستخرجة للنفط بعد السعودية لم تتمكن من احداث الاستقرار السياسي والرفاه الاجتماعي والاقتصادي , بل مازلنا محط انظار اللاعبين السياسيين الخارجيين الذين يعدون نفط العراق خزينهم الستراتيجي , ونحن بدل ان نحول هذه الثروة الى استثمارات وتنمية للقطاعات الاقتصادية الحقيقية التي تمنح الامان لأجيال المستقبل تصرفنا كالخائفين المتحسبين للمخاطر باتخاذ إجراءات استباقية.