TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > الــــــوزارة فـي "المغــــــــــارة"!!

الــــــوزارة فـي "المغــــــــــارة"!!

نشر في: 9 يناير, 2013: 08:00 م

تتجه حقائق المشهد المصري نحو شتاء دافئ لن يكون أقل سخونة من الشتاء السياسي العراقي..إذ يرتبط حلول الذكرى الثالثة للثورة بقضايا مصيرية معلّقة وإخفاقات انتقلت أوزارها إلى العام الجديد.. سياسيا , ما زال د.محمد مرسي يُمارس لعبة "الأُُذن الصمّاء" بعد استم


تتجه حقائق المشهد المصري نحو شتاء دافئ لن يكون أقل سخونة من الشتاء السياسي العراقي..إذ يرتبط حلول الذكرى الثالثة للثورة بقضايا مصيرية معلّقة وإخفاقات انتقلت أوزارها إلى العام الجديد.. سياسيا , ما زال د.محمد مرسي يُمارس لعبة "الأُُذن الصمّاء" بعد استماعه العام الماضي إلى كل الآراء من مختلف التوجهات السياسية.. و أمام عجز أول حكومة يُشكلها مرسي برئاسة هشام قنديل نتيجة فشلها في الاستجابة للأولويات التي فرضتها حقيقة قيام ثورة أخرجت ما في جعبة مصر من تراكمات وقوى.. هذا العجز في معالجة الملفات الاقتصادية و الأمنية و الاجتماعية ضاعف حالة السخط العام و زاد فجوة الانقسام في الشارع.
اختيارات مرسي أمام التحديات التي يواجهها مشروع جماعته القائم على "التمكين" الإخواني و أهمها خشية تحمّل مسؤولية مطالب الشارع في تحقيق وعودهم عن الرخاء المُنتظر على أيديهم, جاءت في العام الجديد مؤكدة على انفصاله التام عن الواقع المصري و اعتماد جماعته على عودة حالة الخنوع والاستسلام إلى الشارع.. فقد أعاد اختيار هشام قنديل ليرأس الحكومة مع تعديلات تؤكد قراءة ما بين سطورها أن "الإخوان لم يعودوا يثقو ن إلاّ في الإخوان".. أبرز الملاحظات على هذه التعديلات قرار الجماعة تولي الملف الاقتصادي باختيار وزير من الجماعة كي تتعامل مع أخطر الأزمات التي تواجهها مصر, خصوصا أن خطابات مرسي في ما يتعلق بالجانب الاقتصادي و الخدمي أصبحت مثاراً للسخرية التي يشتهر بها الشارع المصري.. فهي كأنما تتحدث عن "بلد آخر" في مثالية أوضاعه العامة..في صياغة زائفة موجهة للغرب.
القطاعات الخدمية التي تعاني من تدهور أيضا تولاها وزراء من الجماعة اُختيروا لوزارات: الكهرباء و الطاقة,النقل, التموين.
لم تكن الإطاحة بوزير الداخلية مفاجأة , بعد أن  شنّت عليه الجماعة و ذراعها السياسي "حزب الحرية و العدالة" هجوما عنيفا نتيجة ما زعمته من تقاعس أمني في مواجهة حرق معظم مقرات الجماعة و الحزب سواء المقر الرئيسي في جبل المقطم أو كل المحافظات.. بالإضافة إلى رفض قوات الداخلية التصدي أمنيا للتظاهرات الشعبية التي اندلعت عقب قرار مرسي الاستئثار بالسلطات و مهزلة تمرير الدستور الهش.. لعل الغريب في اختيار الوزير الحالي أنه كان مدير السجن الذي هرب منه مرسي بعد أيام من قيام الثورة.
أمام احتمال عن كون الوزارة الثانية مجرد "ترانزيت" أو تمهيد لما يتردد بقوة حول اسم المهندس خيرت الشاطر- نائب المرشد العام للجماعة- الذي يفوق نفوذه مرشدها و يعتبر المُحرّك الحقيقي لأمورها و عقلها المدبر.. ترشيح الشاطر لرئاسة الوزارة يفرض على الجماعة تحديا خطيرا قد لا تقبل بمواجهته أو دفع ثمن الإخفاق فيه.. لو افترض منطق حُسن النوايا في أي تجربة ديمقراطية أن من حق الحزب الحاكم الحصول على فرصته في إدارة البلاد من خلال رموزه.. لكن الشاطر فيما يبدو حتى الآن لا يريد القيام بدور "واجهة الإخوان" في تحمل مسؤولية الأعباء الثقيلة.. حتى لو تخلى الشاطر عن طباع شخصيته الرافضة للظهور أمام الرأي العام , مفضلا دور الإدارة و السيطرة من وراء الستار.. فهو و جماعته يعلمون جيدا      - خلافا لتصريحاتهم المتكررة- أن العبء المصري الذي من أجله قامت الثورة أكبر من أن يتحمله فصيل واحد مهما بلغت قدرة تنظيمه , خصوصا و أن الجماعة لا تضم كوادر علمية و سياسية و اقتصادية مؤهلة.. لديها رجال أعمال..لكنها لا تملك مشروعا اقتصاديا حقيقيا.. لديها خبرة في فكرة التمهيد لإقامة دولة الخلافة الإسلامية و تهميش قيمة المواطنة.. و لا تملك مشروعا سياسيا ديمقراطيا.. يبقى المبرر الأقرب للمنطق قرار الشاطر حالياً التفرغ   لـ"معركة" الانتخابات البرلمانية.. معركة لن يقبل الإخوان نتيجة لها إلاّ الفوز بالأغلبية البرلمانية.
 *كاتبة عراقية مقيمة في القاهرة

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram