مجدداً تخفق القائمة العراقية في معركتها السياسية مع المالكي ‘إخفاقا كبيرا ليكبدها خسائر سياسية فادحة، فرهان العراقية الأخير وعلى الرغم من انه بدأ بخطوة تبدو وكأنها (ضربة معلم) إلا أنه انتهى نهاية مأساوية، مطالب المتظاهرين الثلاثة عشر التي حشرت
مجدداً تخفق القائمة العراقية في معركتها السياسية مع المالكي ‘إخفاقا كبيرا ليكبدها خسائر سياسية فادحة، فرهان العراقية الأخير وعلى الرغم من انه بدأ بخطوة تبدو وكأنها (ضربة معلم) إلا أنه انتهى نهاية مأساوية، مطالب المتظاهرين الثلاثة عشر التي حشرت بورقة ذيلت بتوقيع المعتصمين في الأنبار والمدن العراقية الأخرى كانت بمثابة صدمة للحلفاء وفرصة ذهبية لائتلاف المالكي لقلب الطاولة على العراقية ومن ورائها المتظاهرين، العراقية فشلت في عدة محاور، فشلت حينما لم تتمكن من إدارة التظاهرات بشكل حرفي حيث فسحت المجال أمام رجال الدين وشيوخ العشائر لتصدر التظاهرات ربما لإظهارها على أنها احتجاجات شعبية وعفوية وغير طائفية أو فئوية،وفشلت حينما أظهرت ترددا واضحا في إدانة خطاب نائب صدام الموتور عزت الدوري، وفشلت أخيرا حينما لم تتمكن من تحقيق النصاب القانوني لمجلس النواب لعقد جلسة استثنائية.
لم تتمكن العراقية من إقناع احد بعدم وجود أصابع إقليمية وراء تحريك الشارع السني طائفيا، فمن يستطيع أن يقتنع أن مئات الآلاف من العراقيين خرجوا معتصمين متظاهرين غاضبين كي ينقل ملف اتهام أفراد حماية العيساوي إلى الأنبار فيما لم يطالبوا بتوفير الكهرباء أو الماء أو تبليط شارع واحد في مناطقهم! هل يعقل أن يعيش أهل الأنبار قيظ الصيف وبرد الشتاء وسط ركام الفساد هذا وهم صامتون، وينتفضون عن بكرة أبيهم من اجل بضعة ضباط وجنود اعتقلتهم الحكومة؟
مطالب المتظاهرين الثلاثة عشر تدل على أنها كتبت على يد نواب العراقية وترمي إلى تحقيق مكاسب سياسية عجزوا عن تحقيقها في المفاوضات العسيرة والعقيمة التي خاضوها مع المالكي طيلة العامين المنصرمين، فكيف للمراقب أن يقنع نفسه بأن ثلاث عشرة نقطة تصب جلها في تحقيق مكاسب سياسية صرفة كإلغاء قوانين المساءلة والعدالة والإرهاب وتمرير قوانين أخرى،كقانون العفو العام دون استثناءات بشكل يتسق تماما بما كانت تطرحه العراقية في الاجتماعات المغلقة بأنها مطالب متظاهرين عفويين!
إخفاق العراقية هذا تحملته بمفردها على اعتبار أن حلفاءها كانوا أكثر ذكاءً وحرفية هذه المرة فلم يقحم التحالف الكردستاني نفسه في معركة الأنبار واكتفى بالدعم السياسي لحق التظاهر السلمي، فيما نأى التيار الصدري بنفسه عن إحراج كاد أن يودي بمستقبله السياسي والانتخابي أمام قاعدته الجماهيرية بعدما ذهب بعيدا في دعم (كان لابد منه) لإضفاء الصبغة الوطنية على التظاهرات ومحاولة إقناع الشارع الشيعي بضرورة رأب الصدع الذي كان مرشحا،لأن يتفاقم فعلا بدوافع طائفية صرفة. ليمنحوا بذلك فرصة ذهبية للمالكي وأنعشوا آماله في إمكانية تحقيق أغلبية نيابية متوقعه في الانتخابات المقبلة تمهد الطريق أمامه لولاية ثالثة رغم فشله فشلا ذريعا بتحقيق مهامه كرئيس للحكومة على الصعد كافة:امنيا ودبلوماسيا واقتصاديا وخدميا،لكنه نجح باقتناص أخطاء خصومه الفادحة التي كان آخرها إخفاقهم في تحقيق النصاب القانوني لعقد جلسة استثنائية،والمذهل أن النصاب لم يتحقق بسبب تغيب نواب العراقية أنفسهم في مشهد يجسد الانقسام والتصدع المخيف الذي تعيشه العراقية منذ عام ونصف العام تقريباً.
وبعدما أسدل الستار عن مشهد جديد من مأساة العراقية يبدو لنا إن أزمات المالكي في ولايته الثانية انتهت جلها لمصلحته فيما عدا تظاهرات الخامس والعشرين من شباط فهي الوحيدة التي تمكنت من إحراج المالكي وكبدته خسائر سياسية فادحة وهي الوحيدة التي اكتسبت دعما دوليا لا محدود فيما لم تكسب دعما إقليميا كونها انطلقت من مفهوم وطني صرف وليس طائفيا أو فئويا يشجع الجيران على حشر أنوفهم، إذن فإن شباب شباط تفوقوا بتأثيرهم الوطني هذا على كتلة نيابية قوامها واحد وتسعين مقعداً وتسع وزارات ومناصب سيادية كبرى.