لا أدري لماذا يصاب بعض المنتقمين وليس المنتقدين للمدرب الوطني حينما يتحمل مسؤولية سمعة البلاد في محفل خارجي بالعَمى ولا يستخلصون من اعماله غير الأخطاء والعثرات والزلات من دون أن ينظروا للمنتخب من زاوية أعمق ويؤيدوا صواب التغيير إذا ما طال نجومه أو اسلوب لعبه وقبل هذا وذاك إحياء روحية الفريق الواحد التي غالباً ما كانت تقتل بأيدي اللاعبين انفسهم!
لا تُعتِموا حدّ الجهالة ، ولا تغتاضوا من نجاح المدرب حكيم شاكر في خليجي المنامة ، لانه أولاً عراقي ، وثانياً عكَس طيبة الأب لأبنائه ، وثالثاً اجتهد بما استطاع وقهر اثنين من أعتى الفرق الخليجية تأريخاً وقيمة فنية ومالية لم يحسبا حساب صنيع عقله وقلبه مع الأسود ففاز أيما فوز ستذكره دورات الخليج في نسخها المقبلة بمنتهى الفخر وزهو الإبهار.
حكيم شاكر الخلوق لم يكن ساحراً ، ولم يراهن على أوراق برّاقة قد تبدو له قوية في معسكر التحضير وتصدمه في لحظة المواجهة بإداء فقير ، بل أن شاكراً ترافع عن الأسود في محكمة الجمهور الذي كان ينظر لثلة من المحترفين انهم من أرباب السوابق في تأجيج نيران المنتخب وراء الكواليس وتسميم اجواء المعسكرات وخلق الفتن وافشال مهام اكثر من مدرب اجنبي لم يحترموا اسماءهم بدلالة التعامل البليد معهم بعكس ارتمائهم والتفافهم الحميم حول المدرب الوطني عدنان حمد الذي سبق ان أتهم هو الآخر بتحريضهم للتمرّد على المسؤولية الوطنية من دون أي دليل دامغ يشفي غليل محاربيه!
تلك كانت أولى العمليات الجراحية الناجحة التي أجراها شاكر في جسد منتخب الأسود من دون ان ينسى دور الطبيب البرازيلي زيكو في ادخالهم ردهة الطوارىء امام اليابان في ظل نعيق الغربان الذين لا همّ لهم سوى معارضة أية عملية انقاذ للكرة العراقية ، وخرج الأسود معافين من غرب آسيا وتمتعوا بفترة نقاهة قبيل دخول المواجهة الأصعب في خليجي المنامة وهم بُراء من الجُرم المشهود في بطولات سابقة على قتل روحية الفريق بنقل صراعاتهم في الغرف المغلقة الى داخل الملعب ، وبالتالي لعب الكل من اجل العراق وفازوا ببطاقة نصف النهائي عربوناً أولاً للجمهور الصابر والمؤازر والمُحب لغيرتهم العالية ، وثانياً للمدرب القدير شاكر لتهدئته النفوس وتحضيره الفاعل لمن يكبر اسمه بفوز الوطن وليس العكس ، وقدم لنا منتخباً غيـّر بوصلة ترشيحات المدربين والمحللين والنقاد من فريق مضطرب بسبب هروب زيكو الى فريق مفترس طامع باللقب ليروي عطشه الخليجي من كأس الذهب الابيض.
لن نذهب بعيداً عن الواقع ، نطالب اللاعبين بالمزيد من الحذر والجدية اثناء تحضيراتهم للقاء ابناء البحرين بعد غد الثلاثاء، وعليهم نسيان كل ما حصل من انجاز كبير في مقاييس الظروف والجاهزية لمباريات الدور الاول ، وليتهم يتذكرون جيداًَ " الكرة تسخر من غرور الفرسان " لاسيما انهم نالوا الاشادة حتى التخمة مقابل اعلام خليجي ينشد بعضه التمويه ليصوّر توجس الأحمر من لقاء الثلاثاء وتحفظه على اسلوب المواجهة خيفة وحذراً من المصير، بينما الحقيقة غير ذلك بعد ان نال المنتخب البحريني منشطات معنوية من الجمهور والصحافة عقب فوزه المشكوك به امام شقيقه القطري المبتلى بمدرب محبط نفسياً وفنياً.
نكاد نطمئن كثيراً لدور المدرب حكيم شاكر في منح الحارس نور صبري الثقة المطلقة للذود عن عرين الأسود وهو مكسب آخر لمنتخبنا لتقوية عموده الفقري (سلام شاكر وعلي رحيمة ويونس محمود) من خلال تلاحم الافكار وزيادة الانسجام وتعاضد القلوب لنصرة الكرة العراقية ، فضلاً عن مساعدة اللاعبين الشباب وابرزهم (علي عدنان وهمام طارق واحمد ياسين) للتناغم مع الطلعات الهجومية والاسناد الدفاعي حسب ظروف المباراة ، ولن يكون هناك حرج على لاعبينا ، بل هم الأكثر تحرراً من الضغوط ولابد ان يستثمروا فرصة عبور عتبة نصف النهائي ليكونوا على باب الإنجاز الرابع للعراق في دورة التغيير والإثارة.