TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الحلّ كما أراه

الحلّ كما أراه

نشر في: 13 يناير, 2013: 08:00 م

وإن كان حجم التظاهرات، التي بدأت أولا في الأنبار، كبيرا لكن مطالبها لم تكن كذلك. كانت المطالب بسيطة. حتى أن المالكي بنفسه قال عنها، في أول يوم لانطلاقها، بأنها مشروعة لكن بعضها ليس من اختصاصه، وهو في هذا مصيب.

بعد يوم واحد لا أكثر، تغير موقف المالكي وصار يشكل لجانا ويرسل وفودا من هنا وهناك ليأتوه بقائمة تتضمن مطالب المتظاهرين وكأنه لم يسمع بها من قبل ولا صنفها إلى بعض من اختصاصه، وبعض من اختصاص السلطتين التشريعية والقضائية. قطعا إنهم مستشاروه ومقربوه من أوحوا له بفكرة "نريد المطالب مكتوبة". عندما بدأت لعبة التسويف والمماطلة من قبل السلطة أخذت التظاهرات تكبر وتتسع لتشمل محافظات صلاح الدين والموصل وكركوك وديالى وغيرها.

مطالب المتظاهرين اللاحقة لم تكن كلها واقعية، أو مشروعة، خاصة إلغاء قانوني المساءلة والعدالة ومكافحة الإرهاب.

من حق باقي الشعب، الذي لم يكن في يومها قد تظاهر بعد، خاصة في المحافظات الجنوبية، أن يخاف. فجرائم البعث التي طالتهم كانت أبشع هولوكوست عراقي. وأي مناداة، من أي طرف بالسماح لعودة البعث للعراق ومهما كانت الذرائع تعني، في اقل ما تعنيه، استخفافا بدماء ضحاياهم.

أما الدعوة لإلغاء قانون مكافحة الإرهاب فلا تختلف كثيرا عن الدعوة لقطع الأوكسجين عن هواء العراق ليصبح الموت فيه يوميا وجماعيا. لا بلد مثل العراق عانى ويعاني كل يوم من جرائم الإرهاب، ومع هذا نجد أن أغلب دول العالم وضعت قوانين أقسى وأشد لمكافحته من القانون العراقي.

إن الحكومة، قبل غيرها، بفعل جهلها وضعف همتها عن الاستجابة السريعة لمطالب أهل الأنبار المشروعة، تتحمل مسؤولية كبيرة في السماح لبعض الأصوات والجهات، داخلية أم كانت أم خارجية، أن تتسلل لصفوف المتظاهرين وتدس مطالبها.

ما زالت هناك فرصة للحل أمام المالكي، شريطة أن لا يركن لرأي مقربيه ومستشاريه. وهنا أقولها له بإخلاص إنه لو ظل يعتمدهم فسيصنعون نهايته ونهاية العراق بأيديهم.

الحل، كما أراه، أن تشكل لجنة تحظى بموافقة المتظاهرين من "الجهتين" ترأسها إحدى المنظمات الدولية المختصة بحقوق الإنسان كأن تكون "هيومن رايت ووتش" مثلا، للتحقق من سلامة تطبيق قانون المساءلة والعدالة وكذلك المادة 4 إرهاب:

1- تطلب اللجنة من رئيس مجلس الوزراء تقديم قائمة بالأسماء التي استثناها من الاجتثاث مع ذكر المعايير التي اعتمدها بالاستثناء. فإن كانت سليمة وإنسانية وغُلّبت فيها المصلحة العامة على الشخصية، فلتأخذ بها اللجنة وتعممها على باقي المجتثين. أما إذا كان عكس ذلك فلتلغَ وتحل محلها معايير أخرى تقترحها منظمة حقوق الإنسان بالتوافق مع أعضاء اللجنة المشكلة.

2- تحديد سقف زمني تنتهي به مهمة هيئة المساءلة والعدالة وليكن 12 شهرا من الآن، على أن يصدر قانون جديد يحدد عقوبات صارمة بحق كل من يثبت تورطه في أي عمل يهدف لإحياء حزب البعث بالعراق بأي شكل من الأشكال.

3- أن يكون للجنة حضور مستقل حين استجواب أي شخص ألقي عليه القبض بتهمة الإرهاب عن طريق المخبر السري أو غيره، على أن يتم حسم إحالته للمحاكم المختصة خلال مدة أقصاها 72 ساعة، أو إطلاق سراحه.

4- تطالب اللجنة ببيان لعموم الشعب أن يتقدم كل من له موقوف لم تتم محاكمته خلال مدة محددة. وبعد انتهاء المدة تعد قوائم بالأسماء لمطابقتها مع سجلات وزارة العدل والسجلات القضائية الأخرى وتحديد سقف زمني معقول لحسم أمر الموقوفين، مع محاسبة كل من عرقل إحالتهم للقضاء.

غريب أن كل ما فعلته الحكومة إلى اليوم هو أنها أطلقت سراح 11 سجينة فقط من البريئات، بينما عصابة إرهابية تطلق سراح 12 إرهابيا مشمولا بالمادة 4 إرهاب خلال نصف ساعة. أما تستحي هذه الحكومة أن يكون الإرهابي "أكرم" منها و أسرع؟ 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

 علي حسين اعترف بأنني كنت مترداً بتقديم الكاتب والروائي زهير الجزائري في الندوة التي خصصها له معرض العراق الدولي للكتاب ، وجدت صعوبة في تقديم كاتب تشعبت اهتماماته وهمومه ، تَّنقل من الصحافة...
علي حسين

قناديل: في انتظار كلمة أو إثنتيّن.. لا أكثر

 لطفية الدليمي ليلة الجمعة وليلة السبت على الأحد من الأسبوع الماضي عانيتُ واحدة من أسوأ ليالي حياتي. عانيت من سعالٍ جافٍ يأبى ان يتوقف لاصابتي بفايروس متحور . كنتُ مكتئبة وأشعرُ أنّ روحي...
لطفية الدليمي

قناطر: بعين العقل لا بأصبع الزناد

طالب عبد العزيز منذ عقدين ونصف والعراق لا يمتلك مقومات الدولة بمعناها الحقيقي، هو رموز دينية؛ بعضها مسلح، وتشكيلات حزبية بلا ايدولوجيات، ومقاولات سياسية، وحُزم قبلية، وجماعات عسكرية تنتصر للظالم، وشركات استحواذ تتسلط ......
طالب عبد العزيز

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

سعد سلوم في المقال السابق، رسمت صورة «مثلث المشرق» مسلطا الضوء على هشاشة الدولة السورية وضرورة إدارة التنوع، ويبدو أن ملف الأقليات في سوريا يظل الأكثر حساسية وتعقيدا. فبينما يمثل لبنان نموذجا مؤسسيا للطائفية...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram