أكد المؤتمرون في ملتقى بغداد الاقتصادي والمصرفي على ضرورة إخراج العراق من اطار المراهنات الاقتصادية احادية الجانب التي ورثها منذ عقود مضت وجعل وجهة التغير نحو السير نحو تعزيز الموارد والثروات وتنمية البنى التحتية ، موضحين في احاديث للمدى
أكد المؤتمرون في ملتقى بغداد الاقتصادي والمصرفي على ضرورة إخراج العراق من اطار المراهنات الاقتصادية احادية الجانب التي ورثها منذ عقود مضت وجعل وجهة التغير نحو السير نحو تعزيز الموارد والثروات وتنمية البنى التحتية ، موضحين في احاديث للمدى ان موارد مالية واقتصادية تم هدرها في السابق ينبغي الاستفادة منها حاليا ، واتخاذ سلسلة من الاجراءات لتغيير واقع القطاع المصرفي في العراق نحو الافضل ، من اجل الاسهام في تطويره والتركيز بالدرجة الاساس على البنى التحتية لهذا القطاع الحيوي والمهم.
الملتقى هو الأول وليس الأخير
وقال محافظ البنك المركزي وكالة الدكتور عبد الباسط تركي ان آليات تطوير القطاعات الاقتصادية والمصرفية بدأت بالفعل بهدف ايجاد البيئة القانونية الصحيحة لها ، كما ان تعزيز الخدمات الالكترونية تعد من اهم الاليات التي نسعى الى تحقيقها ، موضحا ان هذا الملتقى لن يكون الاول والاخير بل سيعقبه ملتقيات مقبلة في المدى القريب وهي بمثابة قطف ثمار الجهود المبذولة في الملتقى ، فضلا عن اننا في العراق لا نزال بحاجة الى جهود الاخوة والاشقاء للنهوض بواقع القطاعات الاقتصادية والمصرفية ،وستكون الملتقيات اللاحقة ترجمة فعلية لتوصيات هذا الملتقى وتحويلها الى حقائق ملموسة على ارض الواقع .
تعاون مصرفي عراقي-عربي
فيما اشار وليد عيدي عبد النبي من البنك المركزي العراقي ان هذا الملتقى يعد من اللقاءات المهمة التي تجسد روح العمل والتعاون العربي المشترك في القطاع الاقتصادي بشكل عام والقطاع المصرفي بشكل خاص ، لاسيما بعد حدوث عدد من الازمات المالية العالمية بين حقبة واخرى والتي نجم عنها حدوث حالة من الانكماش الاقتصادي من حيث مستوى منح الائتمان للقطاعات الاقتصادية المختلفة ، وكذلك ضعف الثقة داخل المصارف ذاتها من جانب ومن المقترضين من جانب اخر ، لذلك يأتي الملتقى لغرض تسخير الإمكانيات المالية والمصرفية العراقية والعربية لتقديم الائتمان للقطاعات الاقتصادية المختلفة وتوفير الائتمان المطلوب لها لخدمة متطلبات الاقتصاد الوطني ، وكذلك التعاون بين المصارف العراقية والعربية والاجنبية ، لغرض ايجاد البيئة التشريعية المطلوبة وسهولة تحرك الاموال ، وكذلك جلب المستثمرين العرب والاجانب للعراق من اجل خدمة القطاعات الحقيقية في الاقتصاد الوطني.
واضاف ان الملتقى نجح الى حد كبير في عقد جلسات مهمة وحوارات بناءة وبحوث ودراسات قدمت من قبل باحثين عراقيين وعرب واجانب بشكل عام ومن البنك المركزي تحديداً بحث في مواضيع شتى اقتصادية ومالية واحصائية ونقدية واستثمارية ، من اجل الخروج بتوصيات تصب في مصلحة الاقتصاد العراقي وتطوير قطاعاته المختلفة .
نجاح مهام الوفود المصرفية العراقية
وقال مدير عام مصرف الرشيد كاظم ناشور ان الملتقى يؤشر نجاحات حققتها الوفود المصرفية العراقية في المحافل العربية المصرفية ، حيث يعد الوفد العراقي المكون من 50شخصا من اكبر الوفود المشاركة وهم يمثلون مؤسسات مصرفية عراقية تحضر الاجتماعات العربية والدولية بشكل مستمر ، كما ان الملتقى يعد بمثابة فتح آفاق جديدة للتعاون المصرفي المحلي والدولي سواء كان مع الدول العربية او الأجنبية ، لاسيما ان العراق يستحق ذلك كونه من البلدان الكبيرة التي تمتلك اقتصاديات كبيرة وشعبا يستحق الخدمات المصرفية المتطورة والمتميزة .
ولفت الى ان النظام المصرفي العراقي في حالته القائمة يشجع على ذلك ، لاسيما انه اصبح بالياً ومتخلفا ولا يحاكي التجارب المصرفية في البلدان المتقدمة في المجال المصرفي ، برغم امتداده لالاف السنين من العمل المصرفي الذي كان يمارسه السومريون والبابليون واقامتهم لعلاقات اقتصادية ومصرفية متميزة مع الشعوب الاخرى ، وحاليا عقدت المؤسسات المصرفية العزم على التوحد في عملها وجهودها لتنمية اعمال الاعمار وتنمية الموارد الاقتصادية وادارة العلاقات الاقتصادية بالشكل المطلوب .
واشار الى ان في مقدمتها هي المصارف العامة التي تديرها الدولة وتحت اشراف وزارة المالية والبنك المركزي العراقي في اعمال الرقابة والتسجيل ، جنبا الى جنب مع المصارف الاهلية التي تدار وتمول من قبل القطاع الخاص سواء كانت تقليدية وتجارية او الامية .
النمر الاقتصادي العراقي نائم يجب إيقاظه
وقال وسام حسن فتوح الامين العام لاتحاد المصارف العربية ان مشاركتنا في هذا الملتقى هي فخر واعتزاز لنا ، الامر الذي جعلنا حريصين على المشاركة ، حيث ان وجودنا في بغداد كان قرارا جريئاً لتقديم دور المساعدة والنصح للمؤسسات المصرفية العراقية وحثها على القيام بعملية الاصلاح المصرفي المنشود ، وهو مالمسناه من خلال الاقبال الواسع من قبل المستثمرين وادارات المصارف على الدخول للعمل في العراق ، الامر الذي توضح من خلال كثرة اوراق البحوث والدراسات المقدمة في الملتقى .
ضرورة إجراء التشريعات المناسبة والتعديلات على القوانين النافذة
واكد على اجراء التشريعات المناسبة والتعديلات على القوانين النافذة ، لاسيما ان القانون يمنع الى حد كبير عملية التمويل للتنمية الاقتصادية من قبل القطاع الخاص ،خاصة ان العراق لديه امكانيات كبيرة وطاقات لم تستثمر لحد الان بالشكل المطلوب ، اضف الى ذلك لديه قطاع خاص طموح جداً ، الا ان دوره لايزال ضئيلا في العملية الاقتصادية والمصرفية ، والسبب وجود بعض القوانين والتشريعات التي من المهم اعادة النظر بها من جديد والقيام بتعديلها واعادة صياغتها بالشكل الذي يناسب امكانيات وطاقات البلاد ويسمح بتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في العراق .
وبين فتوح ان عملية الاصلاح الاقتصادي لاتزال في مراحلها الاولى ، الامر الذي يتطلب الكثير من الجهد والعمل المشترك ، الا ان هناك جهود تصب في الاتجاه الصحيح ، مع الاخذ بالتشريعات المناسبة لهذا البلد دون غيره ، وسياسة البنك المركزي العراقي صحيحة في هذا المجال ضمن رؤية واضحة وخطة استراتيجية ممتازة ، لجعل العراق على جادة الصواب لحقبة من العمال الجدي ، واتحاد المصارف العربية سيكون عضيدا له في هذا السياق وداعما لعمل المصارف العراقية الخاصة منها والحكومية والبنك المكركزي على حد سواء من اجل تحقيق الاصلاح المصرفي في هذا البلد .
توصيات الملتقى
واشار الى ان الملتقى خرج بعدد من التوصيات هي الاجماع على ضرورة اخراج العراق من اطار المراهنات الاقتصادية احادية الجانب وجمع الصف وتوحيد القطاع المصرفي العام والخاص ، وخلق التنافس فيما بينها من اجل تقديم الخدمة الجيدة للشعب العراقي ، وتعزيز حالة النمو الاقتصادي والمصرفي وتطوير البنى التحتية للقطاع المصرفي العراقي ، وكذلك تطوير نظام المدفوعات من خلال تبني احدث نظم التقنيات والمعلومات الالكترونية ، وتفعيل انظمة مراكز التدريب المصرفي ضمن خطة البنك المركزي العراقي لتطوير سيساسته النقدية في العراق ورفع الثقافة المصرفية وتعزيز وتنويع الخدمات المصرفية ، وذلك بالتعاون المشترك بين الاتحاد العربي للمصارف ورابطة اتحاد المصارف الخاصة العراقية ، وتوحيد جهود المصارف العراقية في القطاعين العام والخاص ، والعمل بشكل وثيق على تطوير القطاع المصرفي العراقي ووضع تشريعات وقوانين تنظم عمل الصيرفة الاسلامية بمنتجاتها وخدماتها المتوافقة مع الشريعة الاسلامية ، واعادة النظر بالقوانين المصرفية ،خاصة مايتعلق بالستثمار وتطوير وتأهيل التشريعات والقوانين التي تحارب وتكافح اعمال غسيل الاموال من خلال تطبيق المعايير الدولية للمكافحة والرقابة ،واعادة النظر بقانون البنك المركزي العراقي والقوانين التي تنظم عمل المصارف العراقية ، لكي تتلائم مع متطلبات المرحلة الراهنة.
وقال ان الملتقى شدد في توصياته على اهمية المساهمة في تشجيع الاستثمار والمشاركة مع المصارف الخاصة والأجنبية والمستثمرين الاجانب لتمويل وتنمية المشاريع الاقتصادية وتطوير البنى التحتية وتفعيل دور المصارف العراقية في تطوير الاقتصاد الوطني بقطاعاته الانتاجية المختلفة ، والتشديد على تطبيق المعايير الدولية المتعلقة بالرقابة والتدقيق وتوسيع نشاطات المصارف عبر انشاء فروع بمختلف المناطق العراقية لخدمة اوسع شريحة في المجتمع العراقي ، ليكون بمعدل فرع مصرفي واحد لكل 25الف شخص وهي نسبة متدنية بالمقارنة مع النسبة في البلدان المتقدمة مصرف واحد لكل 5000 شخص ، وكذلك زيادة الاهتمام بتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة لتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية .
بداية صحيحة لسياسات نقدية واضحة
بينما قال المدير المفوض للمصرف المتحد للاستثمار سيف جواد الحلفي ان الملتقى يعد بداية صحيحة لسياسات نقدية واضحة ونقطة انطلاق لسياسة صحيحة للعمل المصرفي في العراق وتقوية اواصر العلاقات المصرفية العراقية العربية ، ونأمل ان تشهد الفترة المقبلة تمكن المصارف العراقية من زيادة اعتماداتها المفتوحة في الخارج بمساعدة المصارف العربية ، وهي الغاية الاساسية التي يطمح اليها الكثير من المصرفيين في العراق .
واضاف الحلفي كذلك هناك نقطة مهمة في الاستفادة من تجارب وخبرات المصارف العربية لمشاركة المصارف العراقية في مجالات الاستثمار المباشر والتي تمثل نقطة جوهرية في العمل المشترك المنمشود ، اذ لايمكن النهوض بواقع الاستثمار في العراق من دون مشاركة المال العراقي في عملية الاستثمار ، الامر الذي يتطلب اجراء التعديلات على بعض النصوص القانونية التي تعيق العمل بالاستثمار ، كالمادة (28) من قانون عمل المصارف العراقية الخاصة ، كونها تمثل عائقاً يمنع المصارف العراقية من ان تكون جهات تعمل بشكل مباشر في العملية الاستثمارية .
معالجة الفجوة في العمل المصرفي بين العراق والعالم
فيما قال ممثل مصرف دجلة والفرات للاستثمار والتمويل ان الملتقى عالج الكثير من المشكلات في العمل المصرفي العراقي وسد الفجوة بين العراق والعالم في العمل المصرفي ،بسبب كوننا منعزلين عن العالم منذ اكثر من 30 سنة بشكل كامل ، لاسيما ان المصارف الخاصة في عملها الحالي لا تستطيع مواكبة التطورات التي تطرأ على واقع المصارف الخاصة في العالم ، ونحن كمصرف شارك في الملتقى نحاول من خلال هذه المشاركة لتطوير العمل المصرفي والنهوض به ، وبالذات عمل المصارف الاسلامية في العراق ،لاسيما في عدم اصدار تشريع لعمل المصارف الاسلامية .