إذا سلّمنا بأن التحالف الوطني يمثل "شكلاً" ومضموناً القاعدة الشيعية تمثيلاً سياسياً، فإنه اصبح بعد التوجهات الواضحة التي حددتها المرجعية الشيعية الاعلى امام خيارين لا ثالث لهما، إما العمل على ضوئها والالتزام بنصحها، أو الذهاب بعيداً في الاتجاه المعاك
إذا سلّمنا بأن التحالف الوطني يمثل "شكلاً" ومضموناً القاعدة الشيعية تمثيلاً سياسياً، فإنه اصبح بعد التوجهات الواضحة التي حددتها المرجعية الشيعية الاعلى امام خيارين لا ثالث لهما، إما العمل على ضوئها والالتزام بنصحها، أو الذهاب بعيداً في الاتجاه المعاكس والقبول بالعزلة الكاملة عنها، بما هو اشد مما اتخذته من موقف رافض لأي علاقة مع جميع اطرافه.
وما بعد توجيهات او نصح المرجعية وما قبلها، الاعلان الواضح الذي حمله الموفدان الرسميان للمالكي، وضمنياً للتحالف، لمواقفها من أزمة الحكم وتداعياتها وما آلت اليه الاوضاع في البلاد من تفرقٍ للقوى والمكونات، وتأزمٍ للعلاقات بين شركاء العملية السياسية واصحاب مشروعها، وتناولٍ مباشرٍ للحلول والخيارات.
ان اهم ما تضمنه "نصح" المرجعية العليا للشيعة يتجسد في رفضها الصريح للخيارات المفتوحة على الازمات واستهدافاتها والنتائج المترتبة عليها واساليب تناولها، وهو رفض انطلق من رؤية "وطنية " حكيمة ، بعيدة النظر، مجردة من الانحيازات الطائفية والفئوية الضيقة، آخذة بنظر الاعتبار حماية وحدة المجتمع العراقي في اطار الدولة الوطنية الديمقراطية الاتحادية التي تكون هي وليست السياسات المغامرة "الطائفية " من حيث الادعاء، ضامنة لسلامة الطائفة الشيعية وحقوقها، كأكثرية سكانية، على قاعدة المواطنة الحرة، مثلما تحقق البيئة الآمنة للحفاظ على الحقوق المتساوية لجميع الطوائف والمكونات وتعبيراتها السياسية.
وقد بات واضحاً من سياق ما أكدته المرجعية، تحفظها على محاولات الإيهام التي تسوّقها دولة القانون، كما لو ان المالكي بسياساته ونهجه يشكل "حاملاً سياسياً" لتطلعات الشيعة و" حامياً " بشخصه لمصالحها وذائداً عن حكم الشيعة، وكل معارضة له او محاولة لتقييد صلاحياته ووضع حد لتجاوزاته على الدستور وانفراده بالحكم والانحدار بالدولة الى حالة التشظي، انما هي استهدافات "لحكم الشيعة" وتعريض بأحقيتها في الموقع الذي تحتله في إطار الشراكة الوطنية. وقد استمع الوفد إلى ضرورة أن يتصدى التحالف الوطني بجميع أطرافه وليس اي شخص أو فرد العمل مع الآخرين لتفكيك الأزمة ومعالجة الإشكاليات والاحتقانات التي أنتجتها الأزمات المتتالية لسياسة المالكي وانفراده بالقرار.
ولا يجوز للتحالف بعد الآن أن يتردد في اتخاذ ما يلزم لكبح جماح ممثله في رئاسة الحكومة، والحيلولة دون الانفراد بالسلطة وتعريض المسيرة الديمقراطية للارتداد. وفي ذات الوقت لا بد من التنبيه على ما يجري من محاولات مستورة لتمرير مناورة الالتفاف على الأزمة واستحقاقاتها، بالسعي للانفراد مع كل طرف معني بتبعات الأزمة، وإيهامه بالاستعداد لتقديم ما يشكل استجابة لطلباته، مقابل إعادة النظر بموقفه، وسحب تحفظاته. وهذه مناورة مخاتلة تستهدف تفتيت الجهد المشترك لوضع حدٍ نهائي للازمات ومسبباتها التي لا ترتبط حلولها بمطالب فئوية، بل بتصفية جذور الازمة المستمرة منذ تولي المالكي الحكم.
يستطيع التحالف الوطني ان ينطلق الآن من قوة الخيارات التي ألقتها المرجعية على عاتقه، وذلك بالانطلاق من تحديد أولويات الحلول المقبولة من جميع الأطراف، بدءاً من تطبيق ما تم إقراره مجتمعين من بنود وفقرات اتفاق أربيل، قبل الدعوة لأي حوار جديد. وأي دعوة لفتح كل الملفات التي أُشبعت بحثاً لا يعكس توجها جديّاً لإعادة ترميم العلاقات المتأزمة التي صارت إليها العملية السياسية. كما يمكن مطالبة الجهات الرسمية بمعالجة العديد من عناصر التوتر والاحتقان قبل الدعوة للحوار، وهي عناصر تتعلق بوضع القوات العسكرية في مواجهة المتظاهرين، وزجها في الصراع بين رئيس الحكومة والقوى السياسية الأخرى، وحل التشكيلات العسكرية غير الدستورية، واطلاق سراح الأبرياء من المعتقلين والمعتقلات، والتعجيل بإنهاء التحقيقات مع من لازال ينتظر ذلك لفترة طويلة، وتدقيق قانون العفو العام والتصويت عليه بحيث لا يؤدي بصيغته الجديدة إلى إطلاق سراح القتلة من الإرهابيين والمجرمين، وتطبيق قانون المساءلة والعدالة على بعثيي رئيس دولة القانون.
وأمام التحالف الوطني قبل كل هذا أن يعلن موقفه من ظاهرة الانفراد بالسلطة وإقصاء وملاحقة المعارضين لرئيس مجلس الوزراء، وإدانة إخفاء ملفات الفساد والتلويح بها على المعارضين.
لقد جاء موقف المرجعية واضحاً فيما يتعلق بسياسة الكيل بمكيالين في تطبيق القوانين على المكونات المظلومة، كما سمتها المرجعية، وتوقفت بشكل خاص عند شعور المواطنين السنة بالمظلومية والتمييز، وهو ما استنكرته بشدة وطالبت بمعالجته بعدالة وإنصاف.
ويبقى السؤال الملحّ: هل ستنهض قوى التحالف الوطني بمسؤولياتها ومهامها، وتخرج البلاد بالتعاون مع كل الكتل والقيادات الوطنية من أتون الأزمة المستفحلة، وتعيد العملية السياسية من جديد إلى مسارها الديمقراطي؟
هل ستشهد الأيام القادمة بوادر انفراج في الحياة السياسة وتتراجع مظاهر الاستئثار والانفراد والانفلات والتعالي والتشتت؟
تساؤلات تحتاج إلى ردّ عملي وليس تمنيات وخطب واجتماعات وبيانات فضفاضة.
تساؤلات ردت عليها المرجعية الدينية بحكمة ومسؤولية تجاوزت فيه مخاتلات أمراء الطوائف والفشل السياسي.
جميع التعليقات 2
عمر علي
يرجى كتابة افتتاحيتكم القادمة حول تطور الدكتاتورية وحكم الفرد من الزعيم الاوحد الى القائد الضرورة الى مختار العصر وما هو المغزى الطائفي لمختار العصر
عمر علي
يرجى كتابة افتتاحيتكم القادمة حول تطور الدكتاتورية وحكم الفرد من الزعيم الاوحد الى القائد الضرورة الى مختار العصر وما هو المغزى الطائفي لمختار العصر