ملتقى بغداد الاقتصادي ومن خلال ما تجود به الصحف علينا من كلمات وتصريحات ووعود وإشكالات لوحظ أن هناك طروحات تتناقض مع بعضها . وتحديات تستنزف الجهد والمال .
نعم إننا نمر اقتصادي في الريع النفطي وهذا امتياز، فاتحاد المصارف العربية يتوقع نحواً بمعدل ( 7ر14%) وبلوغ إنتاجنا الوطني ( 154 مليار دولار ) واحتياطي عملة أجنبية ( 110 مليارات دولار ).
بالمقابل يتعرض النمر الثامن إلى أن الاقتصاد المحلي مشوه ويعاني خللاً واضحاً في جميع مفاصله ، هذا ما جاء بتصريح د . مهدي الحافظ ( لجريدة الصباح يوم 12/1/2013 ) .
المدير المفوض لاتحاد المصارف العراقية الخاصة أشار في كلمته إلى أن البنك المركزي يسجل له وهو على موعد للتأسيس لعودة العراق مساهماً بشكل فاعل في صناعة القرار الاقتصادي العربي والإقليمي بل وحتى الدولي .
ولفتت مدير عام المصرف العراقي للتجارة أن الثروات التي يمتلكها الوطن العربي تقوده إلى التكامل الاقتصادي .
والسؤال الآن كيف نتكامل مع البلدان العربية وتجارتنا الرئيسية مع غيرها ( 12 مليارا مع تركيا و 8 مليارات مع إيران ) ومؤتمر القمة العربي مازال مشلول القرار بفعل السياسات الإقليمية . فأين الملتقي من هذه ، وهم يعلمون بأنه لا بد أن تكون الدائرة العربية أولاً في لتجارة البينية البائسة بين العرب ؟
ثم أن البينية التحتية مازالت تراوح ملفاتها في غياهب البرلمان وكتله من ناحية ومجلس الوزراء الذي يعاني مرارة ذلك .
أما د . صادق الشمري في مشاركته وهو الخبير الواسع الاطلاع علمياً ونظرياً في الاقتصاد والصيرفة الإسلامية ، فإنه دعا إلى القرض الحسن ،وهذا مطلب جماهيري واسع لأن تخمة الجهاز البيروقراطي لا يتسع لبطالة عريضة عميقة طويلة . وشكواه في عملية تمويل القروض الحسنة هي طبعاً السيولة ،فالمصارف الثلاثة الحكومية المتخمة جداً وصناديق التقاعد الاستثنائية حيث تستوفي شهرياً المليارات كاستقطاعات تقاعدية لثلاثة ملايين موظف أغلبهم من خدمة تحت الخمسة عشر عاماً . أي يمكن أن تدار أموال التقاعد بسقف زمني مأمون . كما أن جماعة البنك المركزي يبشروننا بأن الاحتياطي سيبلغ هذا العام ( 110 مليارات دولار ) والمصارف الإسلامية والعلمانية لديها فقر دم شديد . إذن النمر مازال جريحاً .
لم يبق لنا في حالة استحالة تمويل هذه الجهات أو تسليف أو تشغيل أموالها ،لأسباب مازالت مجهولة أو غير معقولة إلا الأوقاف الثلاثة،فالفقراء الذين يحتاجون إلى القرض الحسن هم من أتباع الديانات التي هم سادة أوقافها . أي أنهم الوسيط بين أثرياء وفقراء هؤلاء الأتباع ،فمثلاً هل يودع الوقفان الكبيران أموالهما في المصارف الإسلامية وهذا هو المفروض ،إذ باقي المصارف ربويه ،فإذا كان كذلك لماذا لا توظف أموال الأوقاف للقرض الحسن وبناء مساكن الفقراء بقروض أو هبات لوجه الله لنتخلص من العشوائيات على الأقل ، أو الدخول على شبكة الحماية؟ ألا يجدر بالبرلمان أن يساعد على إصدار قوانين وتشريعات تلائم عملها المصرفي وخصوصاً قانون المصارف الإسلامية كما يطالب د . الشمري مع تعزيز العلاقة بالعمالقة الأربعة ( المركزي ، الرافدين ، الرشيد ، المصرف العراقي للتجارة ) ؟
ونضم صوتنا مع د . صادق الشمري في أهمية تكوين هيئة شرعية عليا لجميع المصارف الإسلامية للرجوع إليها وتوحيد الفتوى لكي لا يرتبك العمل المهني . ولاشك أن هذه الدعوة صادقة ومهمة لأنها تشكل لبنة أساسية في رأب صدع الطائفيات والمذهبيات التي يعززها أعداء الداخل والخارج .
ولكي تكون فعلاً نمراً ثامناً ليس في عالم المصارف وزيادة الريع النفطي فقط بل تكون في أنفسنا كذلك. وأن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم .