TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > سلاماً يا حسين الشهرستاني

سلاماً يا حسين الشهرستاني

نشر في: 16 يناير, 2013: 08:00 م

مر عليّ زمن طويل لم أهتم به بأي من المؤتمرات الصحفية التي يعقدها أعضاء البرلمان، خاصة أنصار الكتلة الحاكمة، من منصة الخطابة الثابتة في بناية المجلس. وإن كنت أشاهد الفضائيات التي يطلون من خلالها وأمامهم كومة مايكروفونات متعددة الألوان، إلا أني في الأغلب أضع صوت التلفاز على الصامت، لأني صرت أعرف ما يصرحون به حتى وإن لم أسمعهم. عبارات مملة ومتكررة مثل خلالات العبد، لا تسمن ولا تغني عن جوع.
قبل يومين أو ثلاثة، لاحت لي، وأنا بعيد عن الشاشة، صورة نائب رئيس مجلس الوزراء حسين الشهرستاني يتحدث أمام جمع من السجناء الأبرياء الذين تم إطلاق سراحهم مؤخرا تلبية لمطالب المتظاهرين السنة. ألغيت إشارة الصامت عن التلفاز لأسمعه، وإذا بالرجل، كما عهدته في أيام المعارضة وقبل سقوط صدام، يتحدث بلغة خالية من العنجهية وتسقيط الآخرين. هذه أول مرة أسمع بها مسؤولا حكوميا يعتذر دون لف أو دوران. لم يعتذر باسم الدولة، حسب، بل واعترف، أيضا، بأن الذين تم إطلاق سراحهم كانوا أبرياء بلا ذنب.
من باب الإنصاف، ليس غير، أقول بأنها ليست المرة الأولى التي ألمس بها أن عند الشهرستاني جرأة عالِم لقول الحق. أول لقاء لي به جاء بفضل دعوة غداء كريمة تلقيتها من جاري بلندن الدكتور يوسف الأنصاري، وكانت في الأيام التي هرب بها حسين كامل للأردن على ما أتذكر. ضمت الدعوة جمعا من الإسلاميين المعارضين لنظام صدام آنذاك وأغلبهم ممن عاش في إيران. كان من بين الحاضرين شاب إسلامي متنور جدا يكنّى "أبو زينب"، بدا حزينا متألما. شكا   طرق تعامل المسؤولين الإيرانيين غير الإنسانية مع اللاجئين العراقيين في إيران. ومن بينها أن الحكومة الإسلامية كانت ترفض السماح للعراقيين بإكمال دراستهم الجامعية. بعدها تطرق إلى جملة من الإجراءات التعسفية ضد العراقيين التي بعضها لا يصدقه العقل، مثل منع زواج الإيرانية من عراقي. ثم أنهى شكواه بقراءة رسالة من أبيه الذي كان بإيران، في آنها، يخبره انه بعد العز الذي كان يعيشه في العراق كسيد جليل بين قومه، صار يبيع البطيخ في عربة جوالة ليدبر أدنى متطلبات العيش المر. ليت الأمر وقف عند هذا الحد، بل إن الإيرانيين قبل أيام استوقفوه ورموا به وعربته بالشارع، وصار مضحكة لليسوه والما يسوه، ولم تشفع له عندهم وقفته ضد صدام ولا قرابته من رسول الله ولا كبر سنه. ثم أنهى الوالد رسالته: وهذا هو عزيز القوم الذي ذل يا ولدي.
لأني لم أعش بإيران، والحمد لله، فوجئت بما سمعت فخرجت عن طوري بالطريقة ذاتها التي صرت عليها يوم شاهدت صور المالكي مرفوعة تمظاهرات ساحة التحرير الأخيرة والتي كتبت لكم عنها قبل أيام. انقسم الجالسون بين صامت وكأنه لم يسمع، ومدافع عن إيران ضد ابن بلده بطريقة تفوق كل ما سمعناه عن ذلك الذي يدافع عن المملكة أكثر من الملك، إلا الشهرستاني.
لا أروم كشف ردّه، لكني أكتفي بالإشارة إلى  انه قال وفعل ما كان يجب أن يقوله ويفعله أهل العلم والإنصاف.
لا أخفي بأني تألمت حين تسلم السيد الشهرستاني منصبا سياسيا وليس علميا لأن في ذلك خسارة له ولنا. لكن بعد أن سمعته يعتذر للمظلومين ويتألم بحياء واضح، قلت أظنها هذه هي الضارة النافعة. وهل هناك في الدنيا ما هوأانفع من إنصاف مظلوم؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 5

  1. حسن عبد علي

    الدكتور هشام العقابي المحترم تحياتي واحترامي أول مرة التقيت بذم ذان في گالیری الکوفه في لندن وخالفتك في أمر ما ، ولكن اليوم أريد أن أضيف لذ معلومة حول وضع العراقيين في الدولة الاسلامية الايرانية ، حيث ذان هناك عائلة عراقية تتكون من ثلاث أخوان من حاملي الش

  2. عامر السماوي

    سلام عليكم د هاشم انا من المعجبين بك منذ كنت تحاور في قناة المستقله واشد على يديك ان تكون من الاصوات الحره التي تقاوم الدكتاتوريه الجديده التي ابتلينا بها هذه الايام وهذه احد هذه البلاي يا د هاشم وامنا ان تنشرها ما الفرق بين اليوم والامس https://www.f

  3. حسن عبد علي

    الدكتور هشام العقابي المحترم تحياتي واحترامي أول مرة التقيت بذم ذان في گالیری الکوفه في لندن وخالفتك في أمر ما ، ولكن اليوم أريد أن أضيف لذ معلومة حول وضع العراقيين في الدولة الاسلامية الايرانية ، حيث ذان هناك عائلة عراقية تتكون من ثلاث أخوان من حاملي الش

  4. عامر السماوي

    سلام عليكم د هاشم انا من المعجبين بك منذ كنت تحاور في قناة المستقله واشد على يديك ان تكون من الاصوات الحره التي تقاوم الدكتاتوريه الجديده التي ابتلينا بها هذه الايام وهذه احد هذه البلاي يا د هاشم وامنا ان تنشرها ما الفرق بين اليوم والامس https://www.f

  5. محمد التميمي

    سيد هاشم انت شخص مثقف والاجدر بيك تحجي الحقيقة عن الشهرستاني الشهرستاني بخاف على المنصب وعلى الحكومة وعلى دولة القانون ومايهمة العراق لو شريف خل يروح لواسط ويشوف طلباتهم اليوم رادو يطلعون مظاهرات اعنقلو العشرات وفرقو المتظاهرين بالقوة لو شريف يعالج الكهرب

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: برلمان كولومبيا يسخر منا

العمودالثامن: في محبة فيروز

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: في محبة فيروز

 علي حسين اسمحوا لي اليوم أن أترك هموم بلاد الرافدين التي تعيش مرحلة انتصار محمود المشهداني وعودته سالما غانما الى كرسي رئاسة البرلمان لكي يبدا تطبيق نظريته في " التفليش " ، وأخصص...
علي حسين

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

 لطفية الدليمي العلمُ منطقة اشتغال مليئة بالسحر؛ لكن أيُّ سحر هذا؟ هو سحرٌ متسربلٌ بكناية إستعارية أو مجازية. نقول مثلاً عن قطعة بديعة من الكتابة البليغة (إنّها السحر الحلال). هكذا هو الأمر مع...
لطفية الدليمي

قناطر: أثرُ الطبيعة في حياة وشعر الخَصيبيِّين*

طالب عبد العزيز أنا مخلوق يحبُّ المطر بكل ما فيه، وأعشق الطبيعة حدَّ الجنون، لذا كانت الآلهةُ قد ترفقت بي يوم التاسع عشر من تشرين الثاني، لتكون مناسبة كتابة الورقة هذه هي الاجمل. أكتب...
طالب عبد العزيز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

إياد العنبر لم تتفق الطبقة الحاكمة مع الجمهور إلا بوجود خلل في نظام الحكم السياسي بالعراق الذي تشكل بعد 2003. لكن هذا الاتفاق لا يصمد كثيرا أمام التفاصيل، فالجمهور ينتقد السياسيين والأحزاب والانتخابات والبرلمان...
اياد العنبر
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram