لا أتردد في القول إنه كان ظاهرة في الثقافة العراقية.. ظاهرة في تعدد اهتماماته، الشعر، الرسم، الخط، السينما، الصحافة وظاهرة حتى في نرجسيته ووسامته التي تحيلنا إلى نجم السينما الفرنسية في ستينات وسبعينات القرن المنصرم ألان ديلون.
وربما لا يعرف الكثير إن لصادق الصائغ انشغالاً بالسينما منذ أكثر من 4 عقود، لا يمكن لمتابع أن يتجاهله، وهو يتقصى إبداع الصائغ، تؤثر وتتأثر باهتماماته الأخرى بما يسميه هو (تلاقح الأجناس)، فالنمط الدرامي، والصورة البصرية تكاد تسم انشغالاته الإبداعية الأخرى بتأثير من السينما التي كانت كما يقول ملجأه الوحيد..
في بداية الخمسينات تظهر له مقالات نقدية في السينما مع آخرين ،مثل سعاد الهرمزي، ويوسف العاني، وسامي عبد الحميد، لتظهر بعدها مجلة (السينما) كأول مجلة متخصصة في هذا المجال والتي أسسها المخرج العائد تواً من أميركا كاميران حسني، لتشيع ثقافة السينما الأميركية بنجومها وأفلامها الآسرة حين ذاك.. ويكلف الصائغ في إدارتها الفترة المتبقية من عمرها، قبل أن تتحول على يديه أيضا إلى مجلة (الفنون) التي كتب فيها عدد من أعلام الثقافة في العراق أمثال جيان، عبدالله حبة، محمد كامل عارف ورشدي العامل وحتى الشاعر الكبير السياب.
لم يكتف الصائغ بالعمل في مجال النقد السينمائي.. فكان مشروعه في اختيار قصائد لشعراء عراقيين وعرب، وتقطيعها سينمائياً إضافة إلى تجسيد الشخصية الرئيسة فيها. ثم تعرض في حلقات تلفزيونية، وكان من بينها قصيدة (غريب على الخليج) للشاعر بدر شاكر السياب.. إضافة إلى قصائد لمحمود درويش وسميح القاسم.. وآخرين.
وإسهامه الفعلي الأول في السينما الروائية كان في كتابة سيناريو فيلم (المنعطف) الذي أخرجه الراحل جعفر علي عن رواية (خمسة أصوات) للروائي الكبير غائب طعمة فرمان.. وهو الفيلم الذي أثار جدلاً من جهة معالجة الرواية سينمائياً.. ومدى أمانة المعالجة للنص الروائي، ففي حديث خاص مع الصائغ أخبرني ، أن النص المعد قد (أفرغ من أحشائه).. إشارة إلى أن المخرج الراحل قد تعسف في التعاطي مع النص، وبالذات في ما يخص الحقائق التاريخية.. وأيضا في مجال الإشارة إلى مواجهة الأعراف والتقاليد السائدة.
وكانت للصائغ تجربة جديرة بالإشارة في التلفزيون من خلال برنامج (البرنامج الثاني) وهو البرنامج الذي حقق شهرة كبيرة أثناء عرضه بداية سبعينات القرن الماضي على المستويين الفني والسياسي، مما أدى إلى إيقافه بعد عرض حلقات منه بأمر من رئيس الجمهورية آنذاك..
وقد لا يعرف الكثير إن للصائغ تجربة في مجال السينما الوثائقية من خلال فيلمين هما (مفتاح للوطن)، و(صهيونية عادية) اللذان نفذهما لحساب التلفزيون الجيكي. وهما الفيلمان اللذان صنعهما بعد خروجه من العراق 1979.
وحسناً فعل ملحق عراقيون الذي يصدر عن المدى إذ يخصص عدده هذا اليوم للشاعر والفنان صادق الصائغ.. فهو بذلك يعزز مشروعه بتوثيق أحد الأسماء المهمة في الثقافة العراقية.
الصائغ سينمائياً
[post-views]
نشر في: 16 يناير, 2013: 08:00 م
انضم الى المحادثة
يحدث الآن
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...
جميع التعليقات 2
شاكر لعيبي
إلتقاطة ذكية، من كاتبٍ بارع عن مبدعٍ بارع.
شاكر لعيبي
إلتقاطة ذكية، من كاتبٍ بارع عن مبدعٍ بارع.