ليس أمام القوى السياسية المشاركة في الحكومة الحالية ، إلا الاتفاق على تجاوز الأزمة الراهنة بإجراءات حكومية سريعة لمطالب المتظاهرين ، وبخلاف ذلك سيكون العراق معرضا للتقسيم ، وهذا القول بقدر ما يحمل من تحذير ، وقلق ومخاوف من تداعيات المشكلة ، صدر من جميع الأطراف ، وأبدت استعدادها للحوار والجلوس حول طاولة مستديرة ، لتشخيص العلل ومعالجتها لإنقاذ البلاد من مصير مجهول ، ولاسيما أن الجميع أكد وجود دور إقليمي للإطاحة بالنظام السياسي الجديد في العراق .
القوى السياسية تمتلك قواسم مشتركة تتجسد بمخاوفها من التقسيم والتحطيم ، بحسب المعلن من المواقف ، ولكنها فشلت طوال أكثر من عام في عقد اجتماع موسع يبحث كل القضايا ، بدءا من تعطيل تنفيذ بنود اتفاق أربيل وانتهاء بأسباب اندلاع الأزمة الراهنة ، والتحالف الوطني بوصفه يقود الحكومة ، ظل يتحدث عن ورقته الإصلاحية ، ولم يستطع إقناع الشركاء بقبولها ، فأعطى رسالة فسرها الشركاء بأنها محاولة لكسب الوقت ، لحين إجراء الانتخابات التشريعية المقبلة .
السؤال الموجه إلى القوى السياسية وخصوصا المشاركة في الحكومة ، إذا كان خيار التقسيم أو التحطيم واردا جدا في ظل الأوضاع الحالية ، فما هي خطواتكم لتدارك ذلك ، وهذا السؤال لايقبل القسمة على اثنين ، وهو "ياجماعة وين ماشين" على حد قول الوزير والنائب السابق وائل عبد اللطيف ، والكثير من العراقيين القلقين جدا من تداعيات الأزمة ، يرددون السؤال نفسه والبيانات والتصريحات ماعادت تثير اهتمامهم ، لأنها بنظرهم ، تصدر من جهات متمسكة بمواقعها ومناصبها وغير مستعدة للتنازل عن عروشها ، ولم تبادر حتى الآن للإجابة على استفسار شعبي :" ياجماعة وين ماشين للتقسيم لو التحطيم".
عرف عن الرئيس العراقي الراحل عبد السلام عارف انه كان حريصا جدا على إلقاء خطابات وسط الجماهير المؤمنة بدعوته لتحقيق الوحدة العربية ، ويوم قال" طاسة بطن طاسة بالبحر ركاسة" جعل العقول تحتار في إيجاد تفسير للقول ، فيما أكدت الوقائع والأحداث والشواهد أن حلم الوحدة أصبح طاسة في بحر هائج ، ففقد السودان جنوبه ، وهناك دول مرشحة للتقسيم بمنح شرقها وغربها مقابل أن يبقى زعيمها أو حزبها الحاكم في السلطة إلى الأبد، على "عناد بوش وفهد" .
بادرت الحكومة لتشكيل لجان لتنفيذ مطالب المتظاهرين ، والبرلمان بكل لجانه الوقتية والثابتة لم يتوصل إلى تمرير مشاريع قد تسهم في امتصاص غضب الشارع ، والتحالف الوطني سبق أن أعلن عن تشكيل لجنة للاتصال مع الشركاء لبحث ورقته الإصلاحية ، وشكلت لجنة تحضيرية لإعداد جدول عمل المرحوم المؤتمر الوطني ، ولجان تحقيقية للوقوف على أسباب هروب السجناء من المعتقلات ، ولجنة حكماء للنظر بملفات المحتجزين حتى أصبح العراق صاحب الرقم القياسي العالمي في عدد اللجان ، وهذا هو التفسير المنطقي والواقعي لقول الرئيس الرحل عبد السلام عارف .
تقسيم أو تحطيم
[post-views]
نشر في: 16 يناير, 2013: 08:00 م