في أول نشاط ثقافي له في مستهل العام الجديداستضاف المركز الثقافي العراقي بلندن الكاتب جون كاران،المؤرشف الخاص لأغاثا كريستي والخبير بنتاجاتها الأدبية التي توزعت بين أجناس أدبية عديدة سنتوقف عندها في متن هذا المقال. أشارت الصحفية العراقية وحيدة المقداد
في أول نشاط ثقافي له في مستهل العام الجديداستضاف المركز الثقافي العراقي بلندن الكاتب جون كاران،المؤرشف الخاص لأغاثا كريستي والخبير بنتاجاتها الأدبية التي توزعت بين أجناس أدبية عديدة سنتوقف عندها في متن هذا المقال. أشارت الصحفية العراقية وحيدة المقدادي في معرض تقديمها للضيف المُحاضر قائلة: (يعود انشغالجونكارانبأدب أغاثا كريستي إلىالطفولة ففي سن الثانية عشرة وقعت يده على روايتها "خطر ةفي البيت الأخير" فوجد نفسه مشدوداً إلى أسلوبها، وراح يقرأ كل ماتواجد في المكتبة المحلية العامة من رواياتها). وأضافت المقدادي بأن كاران قد عثر على "73" مسَوَّدة سريّة تتضمن المخططات التي تضعها كريستي لأعمالها الروائية واعتبر هذه المسوَّدات ثروة أدبية كبيرة ونافذة يطل من خلالها على كل الأسرار الدقيقة التي تكتنف المنجز الإبداعي لأغاثا كريستي. ختمت المقدادي تقديمها بالقول بأن كاران قد أنجز كتابين عن هذه المسوّدات السرية وكان الكتاب الثاني يحمل عنوان "أغاثا كريستي: جريمة قيد الصنع" ويرى بأن الرواية البوليسية قد أصبحت أكثر تعقيداً وعنفاً من ذي قبل حيث كانت رواية الجريمة شعبية ومقروءة بسبب لغتها البسيطة، وحبكتها الرصينة المحكمة، وخلوها من الترهل الزائد الذي يفضي بالقارئ إلى الملل والتذمر. توقف المُحاضر عند المحطات الرئيسة في حياة أغاثا كريستي بدءاً من ولادتها ونشأتها الإرستقراطية المترفة، مروراً بتعليمها المنزلي، وزواجها الأول من آرشيبالد كريستي، وانتهاءً بالمنجز الأدبي الكبير الذي قدمته على مدى خمسة عقود تقريباً. لابد من الإشارة إلى زواجها الأول من الكولونيل الطيار آرشيبالد كريستي الذي أخذت منه هذا اللقب، وظلت محتفظة به مدى الحياة، لكن هذه الزيجة غير الموفقة لم تستمر لأنه كان يرى فيها "ربّة بيت ورفيقة فراش" لا غير، ثم زواجها الثاني من عالِم الآثار ماكس مالوان الذي هيأ لها كل سبل الكتابة والحياة المريحة التي شجعتها كثيراً على هذا الإنتاج الغزيز الذي بلغ "66" رواية بوليسية، و "155" قصة قصيرة، و "15" مسرحية، و "6" روايات رومانسية نُشرت باسم ماري ويستماكوت، و "3" مجموعات شعرية، وسيرتين ذاتيتين إضافة إلى بعض الكتابات المتفرقة التي وجدت طريقها إلى هذا المنبر أو ذاك. عرّج المُحاضر على الكثير من التفاصيل الدقيقة التي تخص حياة كريستي الشخصية والأدبية والجوائز العديدة التي حصلت عليها خلال رحلتها الإبداعية الطويلة، فقد تُرجمت أعمالها الأدبية إلى "103" لغات، كما وصلت مبيعات كتبها إلى أربعة بلايين نسخة. ومن بين النياشين والأوسمة التي حصلت عليها كريستي هي "زميلة الجمعية الملكية للأدب" كما نالت وسام "سيدة الصليب الأكبر" و "وسام السيدة القائد"، وحصلت أيضاً على درجة الدكتوراه الفخرية من جامعة أكسيتر. وبسبب الأجواء المرفهة التي هيأها زوجها الثاني ماكس مالوان قامت كريستي برحلات إلى مختلف أرجاء العام وقد كتبت العديد من رواياتها وقصصها من وحي تلك الرحلات التي سبرت من خلالها الكثير من مجاهيل هذا العالم الذي نعيش بين ظهرانيه. ولعل ما يهم القارئ العراقي، على وجه التحديد، هو زيارات كريستي إلى عدد من المدن والمواقع الأثرية العراقية مثل الناصرية وكربلاء والنجف وأور والنمرود ونينوى حيث تعرفت إلى مالوان في أور وتزوجته وأفادت كثيراً من الجانب الإيركيولوجي الذي ترك تأثيره على شخصيات رواياتها وقصصها. كما توقف المُحاضر عند بعض رواياتها البوليسية المهمة مثل "أخناتون"، "جريمة في الصحراء"، "المصيدة"، "خطر في البيت الأخير"، إضافة بعض الروايات التي كتبت في العراق مثل "جريمة في بلاد ما بيهن النهرين"، "وصلوا بغداد"، "موعد في بغداد"، أما الرواية التي أخذت حصة الأسد في الشرح والتفصيل فهي رواية "جريمة في قطار الشرق السريع" التي استجوب فيها المحقق بوارو ثلاث عشرة شخصية كانت موجودة في القطار ليلة وقوع الجريمة، ثم تبين لاحقاً أن المجني عليه قد تعرض إلى طعنة من كل مسافر لأنهم كانوا مرتبطين بقضية آرمسترونغ الذي خطف ديزي، ابنة كولونيل بريطاني ثري يقيم في أميركا.
وفي معرض إجابته على أسئلة الحضور قال كاران بأن رواياتها الرومانسية قد كتبتها تحت اسم مستعار هو ماري ويستماكوت لأنها لا تريد أن تبعد الأنظار عن رواياتها البوليسية التي حققت نجاحاً منقطع النظير مثلما حققت مسرحيتها، ذائعة الصيت "المصيدة" أطول عرض في العالم، إذ عرضت منذ عام 1952 وحتى الآن أكثر من "25" ألف مرة. اعتبر كاران رواية "خطر في البيت الأخير" واحدة من أهم عشر روايات معروفة لها لأنها مبنية بشكل جيد، وتسرد ببساطة شديدة، كما أنها تتوفر على كثير من الدهاء. أما عن كتابه المفضل فيما يخص كريستي قال كاران بأن روايته الأثيرة لدى نفسه فهي "خمسة خنازير صغيرة" لأنها تنطوي على قصة ذكية جداً، وبناء سردي مدهش، أما شخصيته المفضلة، بعيداً بوارو ومس ماربل طبعاً، فهي شخصية آريادن أوليفر، فحينما يستمع إليها كاران يشعر وكأنه يستمع إلى صوت أغاثا كريستي نفسها. أما أفضل رواية حوِّلت إلى فلم فهي رواية "جريمة في قطار الشرق السريع" التي كشفت عن العبقرية الفذة التي تتوفر عليها أغاثا كريستي التي استحقت عن جدارة لقب ملكة الرواية البوليسية.