اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > يالها من اهتمامات بائسة

يالها من اهتمامات بائسة

نشر في: 18 يناير, 2013: 08:00 م

كيف يُمكن لتجارب الوعي المختلفة، كالإحساس بالألم والجوع والسعادة والنشاط، أن تحدث في خلايا المخ المادية، وهي جسيمات يفترض بها أن تكون جامدة؟ صحيح أن العقل يعمل من خلال معالجته المفاهيم بالذكريات بالمعطيات الحسية، لكننا لا نعرف كيف ينطلق المفهوم من خلايا المخ لحظة استدعائه. بعبارة أخرى: ما الذي يحدث داخل مجموعة خلايا المخ ويتسبب بحدوث عملية وعي الإنسان بالمفهوم المُستدعى؟
إن فهمنا لكيفية عمل الأعصاب والإشارات الكهربائية التي تنتقل بينها لا يكفي لشرح وتوضيح الطبيعة الساحرة للوعي البشري. هذا من جهة، ومن جهة أخرى كيف يمكن لحالات الوعي -التي هي حالات لا مادية بالتأكيد- أن تؤثر بالمادة؟ لماذا يستجيب الجسد للإرادة، وما هي الإرادة؟ نحن نستطيع أن نفسر القوة العضلية المحركة للذراع، لكن ما لا نفهمه هو طبيعة العلاقة والاتصال الذي حدث بين الإرادة وبين العضلة، ولا اقصد هنا الإشارات التي تنتقل بين المخ والعضل لينتج عنها تحرك الأخير، بل أقصد تحول الإرادة إلى أمر محدد، تطبقه العضلة دون تأخر.
هذه مشكلة فلسفية أكثر منها علمية ـ إذ العلم لا يوجع رأسه بمثل هذه الأسئلة، ربما هو يراها متكلفة وغير ذات جدوى ـ والفلسفة اجتهدت بالبحث في الإجابة عليها، لكنها لم تصل بنا لمرفأ مقنع. فهناك من رفض الاعتراف بوجود بعد غير مادي لهذه المشكلة، ثم تكلف بإرجاع جميع تفاصيل العملية إلى المخ والخلايا والإشارات وما إلى ذلك. وهناك من جمع بين المادي و"العقلي" رافضاً اختزال عملية الوعي ببعدها المادي فقط.
وأنا هنا لا أريد أن أدلي بدلو في قضية هي اكبر من أن يتم البحث فيها بهذه السهولة، لكني أريد أن أحزن على نفسي الآن؛ فقد تذكرت هذا الموضوع وأنا أبحث بين أوراقي التي تتضمن مشاريع مؤجلة، تلك التي أجلت التأمل فيها أجل التفرغ لمتابعة وتحليل، ردود أفعال القائمة العراقية على دولة القانون، أو لمحاولة التنبؤ بما ستؤول إليه الأزمات التي تنشب باستمرار بين بغداد وأربيل، أو احتمالات تفتت التحالفات على هامش الانتخابات المقبلة. وسبب الحزن هو أن كل المواضيع السياسية هذه عبارة عن أفعال ونوايا وأهداف مجموعة رجال غير مهمين بالنسبة لي على الإطلاق، لكن القدر الذي وضعهم موضع المتحكمين بمصيري ومصير من أحب، هو الذي جعلهم بالمركز من اهتماماتي، ويالها من اهتمامات بائسة، أنا الذي كنت أعد العدة لاستثمار فرصتي بالحياة بشكل أمثل، أبدد هذه الفرصة بملاحقة أزمات ومشاكل وفساد السادة السياسيين.. ياله من فشل ويالها من حياة رخيصة جداً.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. عمران عباس

    انها فعلا حياة بائسة ورخيصة نلك التي تجعل مجموعة من السذج والاميين هم من يحدد لنا مساراتنا ويحدد اولوياتنا في الحياة

يحدث الآن

العراق الثاني عربياً باستيراد الشاي الهندي

ريال مدريد يجدد عقد مودريتش بعد تخفيض راتبه

العثور على جرة أثرية يعود تاريخها لعصور قديمة في السليمانية

"وسط إهمال حكومي".. الأنبار تفتقر إلى المسارح الفنية

تحذيرات من ممارسة شائعة تضر بالاطفال

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

 علي حسين ما زلت أتذكر المرة الأولى التي سمعت فيها اسم فولتير.. ففي المتوسطة كان أستاذ لنا يهوى الفلسفة، يخصص جزءاً من درس اللغة العربية للحديث عن هوايته هذه ، وأتذكر أن أستاذي...
علي حسين

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (1-2)عطلة نهاية العام نقضيها عادة في بيت خوالي في بغداد. عام ١٩٥٨ كنا نسكن ملحقاً في معمل خياطة قمصان (أيرمن) في منتصف شارع النواب في الكاظمية. أسرّتنا فرشت في الحديقة في حر...
زهير الجزائري

دائماً محنة البطل

ياسين طه حافظ هذه سطور ملأى بأكثر مما تظهره.قلت اعيدها لنقرأها جميعاً مرة ثانية وربما ثالثة او اكثر. السطور لنيتشه وفي عمله الفخم "هكذا تكلم زارادشت" او هكذا تكلم زارا.لسنا معنيين الان بصفة نيتشه...
ياسين طه حافظ

آفاق علاقات إيران مع دول الجوار في عهد الرئيس الجديد مسعود پزشكیان

د. فالح الحمراني يدور نقاش حيوي في إيران، حول أولويات السياسة الخارجية للرئيس المنتخب مسعود بيزشكيان، الذي ألحق في الجولة الثانية من الانتخابات هزيمة "غير متوقعة"، بحسب بوابة "الدبلوماسية الإيرانية" على الإنترنت. والواقع أنه...
د. فالح الحمراني
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram