اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > منوعات وأخيرة > توقيع:الوبــاء السـياســي

توقيع:الوبــاء السـياســي

نشر في: 24 أكتوبر, 2009: 06:07 م

وارد بدر السالم الذعر الذي تسبب به شيوع انفلونزا الخنازير بين الناس له ما يبرره على المستوى الصحي والاجتماعي. واغلاق بعض المدارس في بغداد والمحافظات كان هو الآخر جرس الإنذار الأول في صفوف المجتمع المبتلى بكل شيء وليس آخره هذا الفايروس الخنزيري الذي مر على مدننا ليترك أول الآثار الصحية بإصابات لم يُعرف عددها وحجمها بعد.
قد لا يدرك البعض خطورة هذا الانتشار الوبائي  لو استمر على هذه الوتيرة المتصاعدة. ربما لأن الوعي الصحي لم يبلغ بعدُ مبلغاً يوازي حجم الذعر الذي أخذ يقلق شرائح واسعة من الناس، ولأن وزارة الصحة حتى اللحظة لم تتوسع في حملاتها الإعلامية  الجادة بين القرى والقصبات والمدن الصغيرة والكبيرة، ولم تستثمر عشرات الفضائيات العراقية التي لا تكل ولا تمل من توجيه الانتقادات الى الحكومة، لتنشر تعليماتها الصحية الواجبة وتوثق أعراض هذا الوباء وتشرح طرق الوقاية منه.لن نكون مغرضين اذا قلنا أن انفلونزا الخنازير هي وباء سياسي قبل أن تكون وباء صحياً. فالمجتمع برمته منشغل بمتاهاته اليومية، يطارد لقمة عيشه؛ ويتجنب احتمالات العبوات والمفخخات، ويسعى لأن تكون أيامه متوازنة مع واقع الحال المتردي بخدماته وشعاراته البائسة، لذلك لن يكون هذا الوباء هو شغله الشاغل على نحو واقعي.أحد الظرفاء يقول أن الحكومة والبرلمان هما سبب انفلونزا الخنازير! قد يكون لهذا التعليق المُر صحة من الواقع، والصحة هنا التورية الرمزية التي يقولها هذا المواطن في معرض تعليقه على الحال الرمادية التي تضرب في أعطاف المجتمع وزواياه.فالحكومة وبرلمانها وجهان مباشران لشعب كُتب عليه أن يعيش في مرحلة وعود معسولة وشعارات براقة وبرامج حزبية انتخابية خارج منطقة الخيال لا الواقع. لذلك فإن أكثر من انفلونزا عصفت بالجميع وليس آخرها انفلونزا الخنازير، بوصفها وباء يمكن معالجته،ولكن بعد أن يطيح بالأبرياء من طلبة المدارس وتلاميذها الصغار؛ فهؤلاء هم المنطقة الرخوة في المدارس والبيوت والمساكن.أما الوباء السياسي فنعوذ بالله منه، لأنه يُدخل الجميع في حاضنة الوهم في كثير من الأحيان، عكس الوباء الخنزيري الذي هو واقع يُعرف من آثاره التي يتركها على المصابين.الوباء السياسي هو الأخطر من بين كل الوباءات، وانفلونزا الخنازير وباء عابر وليس مستوطناً، لكن وباءنا السياسي هو المرض المستوطن شئنا أم أبينا؛ وهو الوباء الذي يسبب الذعر أكثر من غيره في مجتمع لا يريدونه أن يتعافى ليصطف مع الوطنية الحقيقية، بل ليتركوه نهب الظنون والشكوك والاحتمالات القاسية التي تعصف في كيانه العام وبالتالي تتركه في لازمة الأرق اليومي.انفلونزا السياسة أصابت العراقيين في صميم حياتهم.فالخدمات متردية والوعود كاذبة والوجوه صفر والصحف موارِبة والفضائيات مدّعية والمنافقون يتجددون في كل العصور والمراحل والدهور..انفلونزا السياسة حقيقة ثابتة..أما انفلونزا الخنازير فهي الحقيقة العابرة..waridbader@gmail.com

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

على قاعة الجواهري.. ادباء العراق يؤبنون الباحث التراثي الراحل باسم حمودي

بيت المدى ومعهد "غوتة" يستذكران عالم الاجتماع د.علي الوردي

تقرير: "تهيج العين" قد يكون من أعراض الإصابة بالسرطان

مهمة في واتسآب بأجهزة أندرويد

ملتقى الأطفال.. مساحة ثقافية تحتضن صغار الموصل لتنمية عقولهم

مقالات ذات صلة

"وسط إهمال حكومي".. الأنبار تفتقر إلى المسارح الفنية

خاص/المدى في محافظة الأنبار، التي تُعتبر من أكبر المحافظات العراقية من حيث المساحة، يُلاحظ افتقارها إلى المسارح الفنية رغم وجود كثير من الشخصيات الفنية البارزة التي أثرت في الساحة الثقافية العراقية. هذا النقص في...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram