يستعد الفنان الشاب امجد شاكر لإقامة معرض الرسم على الرمال في أربيل وهو الأول من نوعه في العراق، خصوصا وان هذا النوع من الرسم يعد نوعاً جديدا نسبيا في عموم العالم ولم يتجاوز المحترفين فيه حتى الآن عدد أصابع اليدين . تعود البدايات الأولى للفنان ا
يستعد الفنان الشاب امجد شاكر لإقامة معرض الرسم على الرمال في أربيل وهو الأول من نوعه في العراق، خصوصا وان هذا النوع من الرسم يعد نوعاً جديدا نسبيا في عموم العالم ولم يتجاوز المحترفين فيه حتى الآن عدد أصابع اليدين .
تعود البدايات الأولى للفنان امجد شاكر إلى عالم الطفولة حيث نشأ وسط اخوين؛ الأول رسام وخطاط والثاني عازف بالإضافة الى والده المتخصص في الحفر والنقش على الخشب ، وبرزت موهبته بصورة اقوى في مرحلة الدراسة الابتدائية حيث تم اختياره للمشاركة في مسابقة شانكا لرسوم الأطفال في الهند وبعدها فاز بالجائزة الأولى للرسم على مستوى مدارس العراق ، الأمر الذي حسم القرار داخل نفسه باحتراف الرسم حيث التحق بمعهد الفنون الجميلة وكان فيه من المتفوقين ليكمل دراسته في أكاديمية الفنون الجميلة فرع الرسم.
ومع انه تخصص بالفن التشكيلي وشارك في عدد من المعارض وأقام أيضا معرضه الشخصي الأول قبل فترة قصيرة في مدينة أربيل، الا ان امجد شاكر بقي يشعر في قراره نفسه بأن عمله ومجال إبداعه لن يكون محصورا في الرسم التقليدي حتى جاءت الفرصة الأولى بعد الاعلان عن إقامة مهرجان كالاكسي المتخصص بالفن والرياضة في مدينة اربيل وكان التركيز فيه على الأفكار الجديدة وهو ما شجعه على الاتجاه إلى فن الرسم بالرمال الذي شاهد بعض عروضه على الانترنيت.
ويؤكد شاكر أن الخوف كان ملازما له في البداية حين بدأ بالتدرب على هذا الفن خصوصا وان أفكار السخرية التي قد يقابل بها من الجمهور كانت تراوده بشدة ولكنه أكمل التمرين وتم تسجيله كمشارك رسمي في مهرجان كالاكسي وأصبح الأمر حقيقيا ولا بد له من مواجهة الجمهور الذي صدمه بعاصفة من التصفيق وصيحات الإعجاب بعد نهاية عرضه الذي لم يستغرق سوى دقائق قليلة ولكنها كانت كافية للإيذان بان موهبة جديدة قد ولدت ولا بد لها من الاستمرار وطلب منه أن يقدم عرضه طوال أيام المهرجان الثلاثة.
ويوضح شاكر بأن لوحات الرمل مستوحاة من نماذج معدة مسبقا أو أفكار في الخيال يتم ترحيلها وصنعها على اللوح الزجاجي حيث تستبدل الأدوات التقليدية في الرسم والمتمثلة بالفرشاة والألوان والقماش بمواد أخرى وهي رمال وزجاج وضوء.
ومثلما هناك في عالم الأطفال صندوق العجائب الذي يسرد ويعرض بالرسوم الورقية مختلف القصص وأنواعها فإن امجد شاكر يمتلك مثل هذا الصندوق ولكنه مختلف قليلا حيث يتكون الصندوق الخشبي من واجهة زجاجية ومصباح كهربائي بداخله وحفنة من الرمال النقية وهو كل ما يحتاجه للتحليق في رواية القصص والحكايات المصحوبة ببعض الموسيقى الملائمة لنوع العرض وأحيانا تعليقات صوتية قصيرة لشرح بعض أجزاء القصص.
ويوضح الفنان أن الرسم بالرمل قد يكون لوحة منفردة في حالات قليلة ولكنه في العموم يشكل قصة مكونة من مجموعة لوحات متحركة وهذه القصة تحتوي على بداية ومتن وخاتمة حيث تتشكل الأحداث وتتفاعل من خلال تغيير اللوحات ورسم واحدة جديدة ومسح أخرى قديمة لتصل تدريجيا الى نهاية القصة وفي وقت محدد .
وفي الوقت الذي يمتلك فيه الفنان التشكيلي الوقت الكافي لرسم لوحاته في مرسمه بعيدا عن عيون المشاهدين وعن الضغوط النفسية فأن رسام الرمل يقوم برسم اغلب أعماله بصورة مباشرة وأمام الجمهور الامر الذي يضاعف من حجم الضغط والجهد الواقع عليه .
وينبه شاكر إلى ان الرسم بالرمل يتطلب أصابع رشيقة الحركة وحاسة بصرية قوية وتحكم عالٍ بالأعصاب لان تفاصيل الرسم تكون دقيقة للغاية ونسبة الخطأ من المفترض أن تكون غير واردة خصوصا في العروض المباشرة بالإضافة الى ان الخطأ من الممكن أن يشوه الصورة بأكملها ويجعل معالجتها ليست بالشيء السهل .
ومع كل مبدأ في الرسم الاعتيادي هناك بديل يقابله في رسوم الرمل ففي الوقت الذي تظهر الألوان تفاصيل الظل والضوء في الفن التشكيلي فأن الحذف والإضافة بحبات الرمل من شأنهما أن يوضحا التفاصيل الدقيقة للوحة التي يتم رسمها باستخدام الرمال .
ويتم تحديد عروض الرمل بفترة زمنية محددة وغالبا ما تكون قصيرة حيث يبين الفنان امجد شاكر أن الوقت المحدد والقصير نوعا ما من شأنه ان يحافظ على انتباه المشاهدين وحماستهم التي تقل كلما زاد وقت العرض ، مبينا أن أطول عروضه لا يتجاوز العشرين دقيقة واقلها لا يزيد على خمسة دقائق.
وبالرغم من عدم وجود قواعد مثبتة لهذا النوع من الفن الذي لم يتجاوز عمره العشر سنوات إلا ان محترفيه يتفقون على خطوط عريضة في المواضيع التي يعالجها والتي تشكل القصص التاريخية والملحمية مادتها الرئيسية، ويغلب عليه الطابع الجاد والحزين وهو ما نشاهده في عروض المحترفين العالميين من أمثال الرسامة الأوكرانية كسينيا سيمونوفا في حين تقدم الرسامة السعودية شيماء المطيري عروضا خاصة بالأطفال، الامر الذي يجعل التزامها بهذه القواعد اقل من باقي الرسامين.
ويشير شاكر إلى ان الإذن الموسيقية والذائقة الفنية شرط مطلوب في رسام الرمل لأنه سيختار المقطوعة الموسيقية المناسبة لعروضه وأحيانا يستعين بمتخصصين لتأليفها في العروض الضخمة التي تتطلب موسيقى وإيقاعات ومؤثرات خاصة غير موجودة في المقطوعات الموسيقية الجاهزة ، بينما لا يحبذ الإكثار من التعليقات الصوتية المرادفة للعرض والتي تقوم بشرح التفاصيل لأنه يرى في الرسم مخاطبة صامتة للجمهور وان توزيع الرمال وتحريكها هو الذي يتحدث ويخبر المتلقي الذي يحلق خياله بعيدا في تصور تفاصيل ورسائل إضافية للعرض .
وقبل أن اختم زيارتي لهذا الفنان المبدع فانه يلفت انتباهي الى ان حداثة هذا الفن وقلة محترفيه في العالم قد تكونان ميزة تساهم في سعة انتشاره لان الموجود الآن من أعمال اغلبها ممتازة وصنعت بأنامل محترفين وجذبت انتباه الجمهور بمختلف فئاته ، مذكرا بأن نسب المشاهدة لمقاطع الرسم بالرمل على موقع اليوتيوب تشهد رواج هذا الفن وتفاعل الناس معه.
