في القراءة والنقد نحن اتباعيون بامتياز نلهث وراء الإعلام الغربي وماكنته العملاقة التي تهيمن على أفقنا العالمي بقوة واقتدار فلا نبحث إلا عما يقدمه الغرب في الأدب والفكر والفلسفة والفنون أو ما تفرضه الذائقة الغربية علينا من أعمال أدبية آسيوية يتبنى الإعلام الغربي الترويج لها .
نحفظ اسم أحدث روائي غربي ونحتفي بأعماله ونكتب عنه ونترجم عروض كتبه ويسحرنا موسيقيو الغرب، الكلاسيكيون العمالقة بيتهوفن وباخ وموزارت وشوبان وشتراوس وغيرهم أو المحدثون كمشاهير موسيقى البوب والنيو ايج ولا نكلف أنفسنا البحث عمن يعبر عن روح الشرق وثقافته وتطلعاته وقوالبه الموسيقية بين موسيقيي اليابان وسنغافورة أو الفيليبين أو اندونيسيا دون ان ننكر اننا تعرفنا على أفضل ما في الهند من روائيين أو مؤلفي موسيقى أو مخرجي سينما أو ممثلين عبر الأفلام الهندية و تبني الإعلام الغربي الأعمال الأدبية، فليس لنا يد في البحث والتقصي عن آداب وفنون آسيا إلا في ما ندر، نعرف الكثير عن وودي الن، ومارتن سكورسيزي، وتارانتينو، وسدني بولاك مع تجاهلنا مخرجين عمالقة مثل أكيرا كيراساوا، وتاكاشي كويزومي، وايتيشكاوا كون، نعرف الكتاب الهنود: انيتا ديساي، وسلمان رشدي وملك راج اناند واروندهاتي روي ونارايان لان هؤلاء الكتاب الهنود يكتبون بالانكليزية وبالتالي فهم مقررون علينا من الإعلام الغربي والصحافة الأدبية الغربية التي تنشر عروض كتبهم وتعنى بالترويج لها ونعرف الكثير عن روائيي اليابان، ميشيما وكاواباتا وكنزا بوورو اوي وموراكامي وشوساكو اندو وتانيزاكي، فقد تصدر الأدب الياباني اهتمام العالم الغربي بدءاً من رواية (قصة غنجي) الكلاسيكية لكاتبتها موراساكي شيكيبو التي توفيت 1025 ميلادية وانتهاء بآخر أعمال هاروكي موراكامي الروائي الأكثر مبيعا في اليابان ولم يكن اطلاعنا على الأدب الياباني اطلاعا مباشرا ومقصودا لذاته فقد نقلناه إلى العربية عن طريق الترجمات الغربية ليلقى استحسان القراء العرب لفرادته وتميز مضامينه التي تكشف عن تراث وتقاليد الحياة اليابانية والبنية الاجتماعية والروحية لليابان والتطلعات المعاصرة للشخصية اليابانية .
ترى كم واحدا منّا سمع باسم الكاتب الفيليبيني الأشهر (دكتور خوسيه ريزال 1861-1896) هذا الكاتب الموسوعي متنوع الاهتمامات الثقافية والفكرية الذي درس الطب وحصل على دبلوم في الرسم ونال إجازة ممارسة الطب من جامعة مدريد والى جانب كونه طبيبا كان فنانا هاويا أنجز العديد من اللوحات والتخطيطات والمنحوتات والحفر على الخشب كما كان شاعرا غزير الإنتاج وكاتب مقالات مرموقا واشتهرت روايتاه (عصر الجشع) و(لا تلمسني) التي تعد أول رواية آسيوية كتبت خارج اليابان والصين وأول رواية مناهضة للاستعمار وكان ريزال ملما بعدد من اللغات كالاسبانية والانكليزية والألمانية والفرنسية والبرتغالية واللاتينية واليونانية، وقام بترجمة أعمال شيللر الشعرية إلى لغته الأم (لغة تاغالوغ) وكان يرى أن الإنسان (ما هو إلا كائن مركب من لغات استهوته واستحوذت عليه وأخرى يتحدث بها) عدَّ هذا الطبيب والروائي بطلا وطنيا إذ حرضت رواياته على الثورة ضد الاستعمار الاسباني وأصبح رمزا للتمرد وإعادة الاعتبار للهوية الفليبينية التي طمستها الصراعات الدينية والعرقية والهيمنة الاستعمارية ونسبت إليه ظلما تهمة تكوين جماعات متمردة مما أدى إلى نفيه الى إحدى الجزر ثم محاكمته وإعدامه رميا بالرصاص في 30 ديسمبر 1896 الذي اتخذته الفيليبين يوما وطنيا وعطلة رسمية وأطلقت اسمه على عدد من الجامعات واحتلت تماثيله ونصبه التذكارية الجامعات والميادين الكبرى.
يتبع
نتجه غرباً ونتجاهل الشرق البعيد..أدباء من سنغافورة والفيليبين واندونوسيا
[post-views]
نشر في: 19 يناير, 2013: 08:00 م
يحدث الآن
مجلة بريطانية تدعو للتحرك ضد قانون الأحوال الشخصية: خطوة كبيرة الى الوراء
استشهاد مدير مستشفى دار الأمل الجامعي في بعلبك شرقي لبنان
استنفار أمني والحكومة العراقية تتحرك لتجنيب البلاد للهجمات "الإسرائيلية"
الـ"F16" تستهدف ارهابيين اثنين في وادي زغيتون بكركوك
التخطيط تحدد موعد إعلان النتائج الأولية للتعداد السكاني
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...