TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > حرب فرعية في سوريا.. لمصلحة من؟

حرب فرعية في سوريا.. لمصلحة من؟

نشر في: 19 يناير, 2013: 08:00 م

تنذر بعض الأحداث التي سمعنا بها مؤخراً، خصوصاً في شمال سوريا، بانقسام سيأخذ على المدى البعيد شكل الصدامات المسلحة، بين معارضي الأسد من الإسلامويين وفصائل الجيش الحر، ما يعني الدخول في مرحلة جديدة من الحرب الأهلية، ستكون أشد قسوةً وعنفاً من كل ما شهدناه من فصولها، فالجيش الحر ببساطة، يتهم جبهة النصرة، المرتبطة بتنظيم القاعدة، بمحاولة اختطاف أهداف الثورة، وهي في مجملها وطنية، لا تهدف إلى فرض أصولية إسلامية على المجتمع السوري المتعدد، في حال سقط نظام الأسد، ويؤكد بعض قادة "الحر" أن هذه المواجهة حتمية، وتنقل الغارديان البريطانية عن قائد عسكري كبير في المعارضة أن الجيش الحر سيقاتل "الجهاديين" في اليوم التالي لسقوط الأسد، وحتى ذلك الوقت لن يكون هناك أي تعاون بين الطرفين.

لسنا بحاجة للتذكير بأن معارضي الأسد رحّبوا بدايةً بالجهاديين المسلحين جيداً، حيث قام الطرفان بعمليات مشتركة، كانت مؤلمةً للنظام ودموية، أمّا اليوم فإن الكتائب المنضوية تحت لواء "الحر" تعمل منفردةً، ودون أي تنسيق مع "الجبهة"، خصوصاً في المعركة التي تم فيها الاستيلاء على مدرسة المشاة في حلب، قبل حوالي الشهر، في حين استفردت "الجبهة"  بالهجوم على مطار تفتناز، ويؤكد قادة ميدانيون في "الحر" أن الجهادين ليسوا راضين عنهم، ويكتنزون أسلحتهم لأنفسهم، ويتهمونهم بوضع اليد على ما يستولون عليه من ممتلكات الدولة، وبأنهم لا يرون ضيراً في سرقة أشياء كانت ملك الحكومة، مثل معامل النحاس أو أي معمل آخر، ليتم من بعد بيعها إلى الأتراك، والاستئثار بعوائد ذلك، فيما ينظر إليها الحر على أنها أموال الشعب، وليس حكومة الأسد.

جبهة النصرة المرتبطة بتنظيم القاعدة، وحارب العديد من مقاتليها في العراق، حيث تلقت ضربات مؤلمة من رجال الصحوة في المناطق السنية، التي رفضت أساليبهم وممارساتهم باسم الإسلام والشريعة، تتبع في سوريا استراتيجية مختلفة، فهي تتجنب استهداف المنشآت المدنية أو مناطق الأقليات، ووضعت لنفسها برامج تستهدف كسب ولاء وتعاطف سكان المناطق التي دمرتها الحرب، وقد نجحت في كسب تأييد العديد من أهالي المناطق المدمرة، خصوصاً في مناطق الشمال، حيث تأمل بأن يكون قاعدةً آمنة لها، قريبة من مناطق نفوذ سابقة لها في الموصل، وهم يسعون على الدوام إلى تجنيد مقاتلين من "الحر" في صفوف تنظيمهم، خصوصاً من يلمسون عندهم أي مقدرة فنية، اكتسبوها خلال خدمتهم العسكرية النظامية، وقد غادر التنظيم مربع السريّة مؤخراً، ففتح مكاتب في معظم المناطق المحررة، التي تمتد حلب إلى الحدود التركية، وبلغ الأمر حد فتح مقر علني وسط المدينة، بجانب قاعدة تابعة للجيش الحر، اعتبرها هذا تحدياً لنفوذه في منطقة حررها بدماء مقاتليه، فأتت الجبهة لمشاركته فيها.

معروف أنه منذ فترة ليست بعيدة، وحتّى قبل إدراج الجبهة على لائحة المنظمات الإرهابية، بدأت بوادر تشكيل صحوات سورية، تدعمها قوى مؤثرة ترفض أي دور للقاعدة في مستقبل سوريا، ويؤشر هذا إلى أن المعركة المقبلة ستدور بين "الجهاديين" والريفيين الذين تتسم مجتمعاتهم بالمحافظة دون تزمت، وهم معروفون بترحيبهم بالضيف، دون السماح له بفرض أجندته على نمط حياتهم المستقر منذ عقود، ويرى هؤلاء أن سرقة الجبهة للمتلكات الحكومية، هي سرقة لمستقبلهم، خصوصاً وأن فيهم الكثير من غير السوريين، وأن المهمة الحالية هي حماية ممتلكات الدولة، للحياة بعد الأسد وليس تدميرها، ويرون في الانضمام للقاعدة قتلاً لحلمهم بسوريا ديمقراطية، والولوج في غياهب كابوس يعيد إنتاج تجربة طالبان في أفغانستان.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: برلمان كولومبيا يسخر منا

العمودالثامن: في محبة فيروز

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: في محبة فيروز

 علي حسين اسمحوا لي اليوم أن أترك هموم بلاد الرافدين التي تعيش مرحلة انتصار محمود المشهداني وعودته سالما غانما الى كرسي رئاسة البرلمان لكي يبدا تطبيق نظريته في " التفليش " ، وأخصص...
علي حسين

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

 لطفية الدليمي العلمُ منطقة اشتغال مليئة بالسحر؛ لكن أيُّ سحر هذا؟ هو سحرٌ متسربلٌ بكناية إستعارية أو مجازية. نقول مثلاً عن قطعة بديعة من الكتابة البليغة (إنّها السحر الحلال). هكذا هو الأمر مع...
لطفية الدليمي

قناطر: أثرُ الطبيعة في حياة وشعر الخَصيبيِّين*

طالب عبد العزيز أنا مخلوق يحبُّ المطر بكل ما فيه، وأعشق الطبيعة حدَّ الجنون، لذا كانت الآلهةُ قد ترفقت بي يوم التاسع عشر من تشرين الثاني، لتكون مناسبة كتابة الورقة هذه هي الاجمل. أكتب...
طالب عبد العزيز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

إياد العنبر لم تتفق الطبقة الحاكمة مع الجمهور إلا بوجود خلل في نظام الحكم السياسي بالعراق الذي تشكل بعد 2003. لكن هذا الاتفاق لا يصمد كثيرا أمام التفاصيل، فالجمهور ينتقد السياسيين والأحزاب والانتخابات والبرلمان...
اياد العنبر
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram