TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الدكتور مظهر.. في عصر "المرجئة"

الدكتور مظهر.. في عصر "المرجئة"

نشر في: 19 يناير, 2013: 08:00 م

 ان بقاء الدكتور مظهر محمد صالح نائب رئيس البنك المركزي، في الحبس في ظل ظروف لا انسانية، يعني فيما يعنيه ان اجهزة الدولة ورئيس الحكومة الذي "صال" على كل مؤسسات المال واستولى عليها، لا يعنيهم اي اعتراض وأي نداء يسمعونه من المجتمع المدني او الصحافة او عقلاء البلاد.

لقد بحت اصوات النخبة من الصراخ بضرورة النظر في قضية الدكتور صالح، لكن الدولة التي استولت عليها الحكومة، لا تزال تضعه رهن الحبس في زنزان رطب مع معتقلين اخرين ربما كان بينهم المجرم والمتهم بجنحة وجناية، بلا اي توضيح.

وقد تكفل بيان صدر البارحة بوصف جملة خروقات قانونية تضمنتها عملية اعتقاله ووصف حالته الصحية المتردية، لكن هذه تظل امورا "عادية" في بلد لا قانون فيه الا ما اشتهى السلطان واراد.

والقاعدة الوحيدة التي تعمل في العراق هي انك تحصل على الحصانة حين يكون لديك حزب قوي شرس بجناح مسلح، او عشيرة نافذة معروفة بحبها لكل "الطلايب" كي تحظى بمعاملة محترمة. اما مظهر محمد صالح الذي عرفناه منذ سنوات طويلة، خبيرا مهذبا ومحترفا، دون ان نعرف هل هو سني ام شيعي، ولصالح من يمنح صوته في الانتخابات، فهو يقبع في سجن قد يطول دون توضيح من الجهات الرسمية، لانه باختصار لم يطلب الحماية من حزب ولا عرف عنه انتماء لعشيرة قد تقف معه او لا تقف، في هذا الزمن الاسود.

ان المجتمع المدني الذي يهب اليوم لنجدة الدكتور مظهر عليه ان يتحول هو الى شيء يعوض الحزب والعشيرة كي يقدم آليات اكثر عملية في حماية الكفاءات والخبرات النادرة التي ينتمي الى نوعها الدكتور مظهر.

ويفترض ان تكون السنوات التي مرت بصعوبة، قد علمتنا الكثير في هذا الاطار، الا ان الناشطين مع القوى المدنية هذه وانا من بينهم، يتأخرون ويترددون "ويرجئون" كثيرا في كثير من الاحيان، على مستوى تحمل المسؤولية. ان البيان المهم الذي وقعنا عليه يوم امس وامس الاول كان يفترض اصداره قبل شهر او 20 يوما، كما ان التظاهرة التي ننوي الخروج فيها كان يفترض ان تنظم قبل اسبوعين.

والدوافع المثبطة التي تجعلنا نتأخر ونتردد هي خليط من اليأس وتكاثر الازمات التي "دوخت" العقول والقلوب، الى جانب انشغال جزء واسع من نخبتنا، بالتلاعن طائفيا وحفر الخنادق العرقية، مع صنف آخر من المثقفين بدأ يصوغ نظرية للعزلة او البقاء في اعلى التل تجنبا لشر السلطان او تحت شعار ان المعركة ليست معركتنا لان الطرفين سيئان "وكلاهما في النار" وهو رأي يشبه عزلة الخوارج وبعض المرجئة او "المؤجلة"!

والمشكلة الاخرى ان خصومنا متفرغون للمعركة يسخرون فيها امكانات الدولة، بينما ننهمك نحن في اعمالنا ونلاحق ابو المولدة وابو السايبا بامكاناتنا البسيطة ووسط كل انواع الحصار والقيود المفروضة علينا، وفي الوقت نفسه نضطر لننشط كي نمنع اصدار قانون جرائم المعلوماتية الذي يراد له ان يتحكم بالانترنت، ونمنع اعتقال مظهر صالح، وندين طرد سنان الشبيبي ورحيم العكيلي، ونكافح لرفع الحظر عن قناة البغدادية، ونمنع "احراق الرايخ" على يد السلطان.. ونحذر من ايقاع الفتن الطائفية عبر اختلاق الكذبات السوداء، وندين وصف المتظاهرين بالفقاعات.. الخ، ولولا الفيسبوك لما امكننا ان ندير هذه المعارك بالحد الادنى من المطلوب فعله.

ان الناشطين اليوم بلا حزب ولا عشيرة، وعليهم ان يسدوا فراغ المعارضة السياسية، وفراغ الصحافة الرصينة، وفراغ المجتمع المدني الذي ظل اغلبية صامتة او اغلبية خائفة من السلطان او مترددة على طريقة بعض الخوارج و"المرجئة" و"المؤجلة".. وهذا نزال تمتد فيه الساحات على طول الوطن وعرضه.

العمل كثير، وقد صمتنا او نسينا او تعبنا، في احيان كثيرة طيلة اعوام، والنتيجة "تفرعن" يتزايد من جهة السلطان. لكننا في الوقت نفسه نجحنا اكثر من مرة في عدة ملفات، وهذا يسقط نظرية "الوقوف على التل" ويجعل "مرجئة" هذا الزمان في موقف حرج، وتصريحاتهم التبريرية المتعالية بلا معنى.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

بايدن: اتفاق غزة بات أقرب من أي وقت مضى

خرائط وبيانات ملاحية ترصد 77 خرقاً "إسرائيلياً" لأجواء أربعة دول عربية منذ تهديد إيران

مشعان الجبوري يخاطب "السيادة": اعتذروا والا

أمر قبض ومنع سفر لـ"زيد الطالقاني"

برلماني يكشف آخر مستجدات منصب رئيس البرلمان

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

قناطر: في قراءة قانون الأحوال الشخصية

قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959

الدولة لا الاحكام الظنية من تضع للاسرة تشريعاتها

العمودالثامن: لماذا يطاردون النساء ؟

العمودالثامن: من الشبيبي إلى رشيد الحسيني

العمودالثامن: من الشبيبي إلى رشيد الحسيني

 علي حسين لم يكن الشيخ محمد رضا الشبيبي مجرد سيرة حافلة بالمواقف الوطنية، بل كتاباً غنياً لحقبة من الزمن الجميل، كان الشبيبي يريد دولة تقوم على العقل والأخلاق السياسية والاجتماعية وكرامة الإنسان، كان...
علي حسين

كلاكيت: عماد حمدي.. المسطول الذي رثى مسيرته

 علاء المفرجي إذا ما سلمنا أن الممثل عادة هو من صنع المخرج، فأن انطلاقة الفنان عماد حمدي كانت من تلك الفورة الكبيرة في السينما المصرية ومن نشاط المنتج (شركة أو افراد) التي كانت...
علاء المفرجي

قرنان من التشيع والحوزة في العراق.. من 1722 إلى 1922

علي المدن شاهدت الحلقة التي أعدها الأستاذ أحمد الحسيني على قناته في اليوتيوب وكان عنوانها (صراع قم مع النجف.. هل اقترب ظهور المرجع العراقي). وهي حلقة غنية بالمعلومات تنم عن جهد كبير بذله الحسيني...
علي المدن

الدولة لا الاحكام الظنية من تضع للاسرة تشريعاتها

هادي عزيز علي اعتمد الفقهاء المسلمون الاحكام الظنية التي تتسع فيها دائرة الاجتهاد اذ استنبطوا منه الحكم الشرعي من الدليل التفصيلي فيما لا نص فيه للوصول الى قواعد عملية تتعلق بادارة الشان العام بما...
هادي عزيز علي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram