تظاهرات السبت في ساحة التحرير والتي تشرف على تنظيمها أجهزة حكومية، نموذج واضح على عقلية الحكام الذين يرون في التظاهرات الموالية طريقة لضرب خصومهم وإخضاعهم وتخويفهم، نموذج يثير الضحك والغضب معا، حين تعرف ان شوارع بغداد الرئيسية أغلقت من اجل 40 شخصا رفعوا لافتة تقول: "لا لتحديد ولاية رئيس الوزراء"، من اجل بضعة أشخاص هتفت بالروح والدم وقف مئات العسكر يغلقون الطرق ويستعرضون قوتهم في إذلال المارين والتضييق عليهم، الناس تدرك انه استعراض فاشل، لان هذه القوات نفسها عاجزة عن مطاردة عصابات القاعدة .. الناس لا يمكن خداعها بكلام منمق ومعسول يطلقه جيش المقربين من المالكي من ان هناك رغبة شعبية لمواصلة "سبوّتات" المالكي، وان المواطنين قاموا باستئجار العجلات بأنفسهم لنقلهم إلى الساحة، الكل يعرف ان هذه الحفلات " السبتية " مرتبة و مصنوعة ومفبركة يقودها مسؤولون يعملون من خلال غرفة عمليات واحدة، هدفهم منذ البداية التشويش بأصواتهم المزعجة على مطالب العراقيين بالخدمات ومحاسبة الفاسدين واقامة نظام العدالة الاجتماعية، لا نظام ائتلاف دولة القانون، والناس تدرك جيدا ان رأس الحربة في حفلات سبت المالكي هذه ، سياسيون ومسؤولون جفت ضمائرهم واشتعلت حناجرهم بالأكاذيب والادعاءات، بدءا من اتهام المختلفين معهم بتنفيذ أجندات أجنبية، مرورا بالخطب الرنانة التي تلقيها علينا كل يوم شلة الحكومة، وانتهاء بتنظيم تظاهرات تهتف بحياة رئيس الوزراء.
ولأن الناس تعيش عصر قرارات الدائرة الضيقة، فلا أحد يعرف ماذا يجري ولماذا كل هذه الإجراءات .. ولم كل هذه الجيوش التي تحسب على الناس أنفاسها؟
ودعوني أتساءل ما الذي يمنع المالكي من أن يخرج إلى شوارع العاصمة، ويرى ماذا يفعل جنوده الأشاوس وكيف يحولون كل صباح سبت، مركز العاصمة بغداد إلى غابة من السيطرات التي لا همّ لها سوى مضايقة الناس وفرض لغة التهديد والوعيد على كل من يعترض.
كل يوم سبت والناس تنحشر في السيارات والكيات وعلى وجوهم إمارات اليأس والإحباط، لا يملكون سوى الدعاء على من اقترح تنظيم هذه التظاهرات، رافعين أيديهم الى السماء طالبين من الله أن يكشف عنهم هذه الغمة التي أطلق عليها سهوا تظاهرة.
والسؤال الاهم بدلا من تنظيم تظاهرات السبت ، لماذا لا يخرج السيد المالكي من المنطقة الخضراء، ويذهب الى اهالي الانبار او الموصل او حتى الاعظمية ليتعرف على مطالبهم الحقيقية، لماذا لا يسافر لهم ليعيد لهم الاطمئنان من أنهم شركاء في هذا الوطن .
الناس بحاجة الى رئيس وزراء لا يسير على خطى السلطة القديمة، الناس لا تعنيها الخطب والشعارات، ولا ماذا قاله متظاهرو السبت، ما داموا سيعيدون انتاج خطابات وشعارات تذكرنا بعصر القائد الضرورة.
على السيد المالكي أن يدرك جيدا إن مؤشر الاحتقان السياسي في البلاد سيبقى مرتفعا. وسوف تتكرر أحداث الاحتقان الطائفي في أكثر من مكان وأكثر من مناسبة، طالما بقيت الحكومة تكيل بمكيالين في أمور حساسة تتعلق بمستقبل البلاد.
هل كثير على العراقيين بعد عقود من الدكتاتورية أن يحظوا بحكومة تعبر عنهم وتلبي مطالبهم المشروعة؟ هل كثير على العراقيين أن يحظوا ببرلمان يمارس دوره الرقابي الحقيقي ولا يكون جزءا من الحكومة.
من العجيب أن الحكومة لجأت قبل يوم 25 شباط عام 2011 إلى إخافة الناس وإثارة هواجسهم عندما زعمت أن المتظاهرين سيحرقون البلاد، بل ذهب السيد المالكي ابعد من ذلك حين زعم أن البعثيين يتزعمون التظاهرات وأنهم يسعون إلى عودة البلاد لعهود الدكتاتورية البغيضة.
إن استخدام أساليب أمن صدام لتصنيف الناس هو أمر بالغ الخطورة. لقد كانت الناس تضحك عندما تسمع رئيس الوزراء يتحدث عن عودة نظام البعث وتربص التكفيريين وخطط القاعدة لأن كل هذه المسميات لا مكان لها في ساحات العراق، فليت السادة المسؤولين يكفون عن خلط الحقيقة بالتهريج!.
ما جرى ويجري في "سبوّتات" المالكي، يكشف لنا زيف حكومة تعامل شعبها باعتباره مجموعة من (العلوج) يجب القضاء عليهم أو ترويضهم.
جميع التعليقات 1
ابوسباهي
السيد مدير التحرير المحترم.. عندما اكتب ردا في جريدتي المدى الغراء اريد ان اقراء ما كتبت . فما فائدة ما ارد به عن حالة ما في وقت ما دون ان ارى ردي مكتوباواستمتع بفكرتي التي كتبتها على سجيتي وبساطتي خاصة وان البلاد تعوم على بحر من الازمات الخطرةالتي تتبناه