الدولة وفق المفهوم السياسي الرصين والحديث تتجسد في مجموعة من الآليات الإدارية الدستورية ، لتأمين الحياة الكريمة والرغيدة لمواطنيها ، لكن عندما تبرز الأزمات بين رموز الدولة وقادتها فإنها ستنحرف عن مسارها القويم ولن تبلغ أهدافها . ما يجري اليوم في العر
الدولة وفق المفهوم السياسي الرصين والحديث تتجسد في مجموعة من الآليات الإدارية الدستورية ، لتأمين الحياة الكريمة والرغيدة لمواطنيها ، لكن عندما تبرز الأزمات بين رموز الدولة وقادتها فإنها ستنحرف عن مسارها القويم ولن تبلغ أهدافها . ما يجري اليوم في العراق بالنسبة لطبيعة الدولة لا يمتّ بصلة لنمط الدولة المتحضرة الحديثة ؛ بل يمكن تصنيفه ضمن نموذج الدولة المفككة التي يعتاش رموزها على الأزمات وخلقها بين الحين والآخر ، وهو دليل تخلف قادة الدولة سياسيا وإداريا ودستوريا ، فعلى افتراض العكس فإننا سنشهد نمو وتطور الدولة الحديثة التي تحقق الكثير من أهدافها ،ومن أهمها توفير الرفاهية لكل المواطنين دون استثناء .
لم ينل الكثير من المواطنين حقوقهم ضمن نطاق هذه الدولة لأنها تحولت إلى ميدان يتصارع فيه السياسيون وكأن وظيفتهم صناعة الصراع وخلق الأزمات لكي ينتفع من صناعتها الطامعون سواء دول الجوار أو دول اللاجوار ، وخير دليل على ذلك هو عدم التصويت من قبل أعضاء البرلمان على العديد من القوانين المهمة ،منها قانون تنظيم الأحزاب ، وقانون النفط والغاز وقوانين الإعمار والبناء ( قانون البنى التحتية ) وغيرها من القوانين التي لو تم التصويت عليها فإنها ستؤدي إلى استكمال بناء الدولة الرصينة ( دولة الرفاهية ) ( دولة الحقوق ) ( دولة المواطن )،لكننا نجد العكس ،فالعديد من القوانين لم يتم التصويت عليها وبعضها معطل لم يتم تفعيله والبعض الآخر يتم تطبيقه بعيدا عن معايير المساواة .
فثمة تطبيق خاطئ لبعض القوانين المشرعة ،كقانون المساءلة والعدالة الذي لم يتم تطبيقه بحذافيره ،فقد تم إفساح المجال لبعض المشمولين بهذا القانون لاستكمال الإجراءات الرسمية المتعلقة بهم ،لكن تم حرمان البعض من منافع هذا القانون ممن لم تتلطخ أيديهم بدماء الأبرياء ، وقد أدى التنفيذ الخاطئ لهذا القانون إلى بروز احتجاجات جماهيرية في بعض المدن العراقية يطالب من خلالها المحتجون بتطبيق القانون المذكور بشكل عادل ، مما يؤكد أن الدولة وعلى رأسها الحكومة تعيش أزمة ثقة من قبل الرأي العام ، فإن لم تستجب لمطالب المتظاهرين المشروعة وليست اللامشروعة فإنها ستكون مجرد جهاز إداري وسياسي فاشل ، ولن تكون الحكومة أداة فاعلة لتطبيق القانون بل ستكون حكومة مسيسة ترتكز على تطبيق الأجندات الحزبية ، ينطبق الحال على بقية سلطات الدولة ، التي يمكن اعتبارها دولة أزمات وليست دولة حلول .