TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > قصة نجاح.. لماذا لا تتكرر؟

قصة نجاح.. لماذا لا تتكرر؟

نشر في: 20 يناير, 2013: 08:00 م

لا يعصى على هيئة النزاهة أن تلاحق الفاسدين وأن تقدمهم إلى العدالة لينالوا الجزاء الذي يستحقون. فالهيئة لديها كل الصلاحيات والوسائل الكفيلة بتمكينها من أداء الوظيفة التي حُددت لها والواجب المكلفة به.
هذا ما تأكد أمس بإعلان الهيئة أن محكمة جنايات الرصافة حكمت على موظفة في أمانة بغداد مدانة باختلاس نحو 14 مليار دينار، بالسجن المؤبد ومصادرة أموالها (الحرام) المنقولة وغير المنقولة بعد اكتساب الحكم درجته القطعية.
ولا يعصى على القضاء أن يجلب إلى العدالة مرتكبي الجرائم، بمن فيهم سارقو المال العام حتى لو كانوا من الموظفين الكبار في الدولة، فلديه أيضاً المكنة للاضطلاع بواجبه. وهذا ما اثبته الحكم الصادر عن محكمة جنايات الرصافة ذاته وأعلنت عنه هيئة النزاهة.
ولا يعصى على السلطة التنفيذية أن تساعد هيئة النزاهة والقضاء في جمع الأدلة والإثباتات التي تدين المجرمين، بمن فيهم مختلسو المال العام وهم في الغالب من الموظفين الكبار في السلطة التنفيذية، وأن تقبض عليهم حتى لو هربوا الى خارج البلاد وجلبهم الى العدالة. وهذا ما دللت عليه قصة الكشف عن اختلاس موظفة أمانة بغداد وملاحقتها واعتقالها مع عدد من المتورطين معها بمساعدة الشرطة الدولية (انتربول).
قصة النجاح هذه التي سجلتها هيئة النزاهة والسلطة التنفيذية والقضاء، خلفها يكمن قرار صحيح وسليم بالقبض على حرامية أمانة بغداد. بيد ان هذه الحرامية ليست سوى واحدة من مئات من أمثالها مازالوا طليقين، بل ان بعضهم يتابع الآن عمله في دوائر الدولة ويواصل سرقة المال العام من دون خوف من ملاحقة، لأنه بكل بساطة محميّ من حزبه أو ميليشياه أو أولي نعمته وشركائه من كبار المسؤولين في الدولة وحاشياتهم.
تستطيع هيئة النزاهة والقضاء والسلطة التنفيذية أن تحدّ من الفساد المالي والاداري، ثم أن تجتثه الى حد كبير وكلياً أيضاً، إن أرادت وعزمت على تنفيذ إرادتها. والمشكلة الحقيقية هي في هذه الإرادة، وبخاصة من جانب السلطة التنفيذية المستعمرة الأكبر للفساد المالي والإداري.   
 من الواضح ان السلطة التنفيذية تعوزها الإرادة، ربما لأن كبار الفاسدين على علاقة بأركانها وقيادات مكوناتها وكتلها وائتلافاتها. أقوى دليل على هذا وضع وزير التجارة الأسبق المحكوم حكماً قاطعاً بالفساد، فقد سُمح له بمغادرة البلاد في ما يشبه عملية التهريب العلنية بعلم قيادة السلطة التنفيذية. وهو يتنقل الآن بين العواصم يدير أعماله بكل راحة، مطمئناً الى عدم وجود إرادة بملاحقته، والأسباب لا تخفى على أولي الألباب.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. احمد هاشم الحسيني

    يا استاذ عدنان كل هذه الامور معروفة للناس ولا تضيف جديدا والسبب أيضا معروف ولو كانت هذه الموظفة محمية لما تعرضت لأي شئ ولكن يبدو أنها اشتغلت لحسابها فدفعت الثمن . ولكن السؤال الاهم من كل هذا اليس لديكم أنتم المثقفون ما تقدمونه للشعب من آراء وبرامج وتصورات

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

 علي حسين ما أن خرج الفريق عبد الوهاب الساعدي ليتحدث إلى احدى القنوات الفضائية ، حتى اطلق بعض " المحلللين " مدفعيته تجاه الرجل ، لصناعة صورة شيطانية له ، الأمر الذي دفع...
علي حسين

باليت المدى: شحذ المنجل

 ستار كاووش مازال الوقت مبكراً للخروج من متحف الفنانة كاتي كولفيتز، التي جعلتني كمن يتنفس ذات الهواء الذي يحيط بشخوص لوحاتها، وكأني أعيش بينهم وأتتبع خطواتهم التي تأخذني من الظلمة إلى النور، ثم...
ستار كاووش

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

محمد الربيعي يضع العراقيون امالا كبيرة على التشكيلة الوزارية الجديدة، المرتقب اعلانها قريبا، لتبني اصلاحات جذرية في مؤسسات الدولة، وعلى راسها التعليم العالي. فهذا القطاع الذي كان يوما ما منارة للعلم والمعرفة في المنطقة،...
د. محمد الربيعي

مثلث المشرق: سوريا ومستقبل الأقليات بين لبنان والعراق

سعد سلوم على مدار عقود، انتقلنا من توصيف إلى آخر: من "البلقنة" في سياق الصراعات البلقانية، إلى "لبننة" العراق بعد التغيير السياسي في أعقاب إسقاط نظام صدام حسين، وصولًا إلى الحديث اليوم عن "عرقنة"...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram